عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟ قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105] قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "بَلْ ائْتَمِرُوا بِالمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ العَوَامَّ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ القَبْضِ عَلَى الجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ. قَالَ: "بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْكُمْ" أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
يكتبُ الفضلُ عنه لا الأهواءُ = وتولِّي السَّفاهةُ البلهاءُ
لابمالٍ نالَ المكانةَ فــذٌّ = أو بجاهٍ أو أورثَ الآباءُ
شهدتْ شأنَه مغاني َ قومٍ = وتلَقَّت أطيابَه الجوزاءُ
فبتقوى الرحمنِ عاشَ نجيًّـا = للمعالي وما به غلواءُ
بيديهِ تَعَطَّرَتْ ما حباها = بمزاياهُ سيرةٌ حسناءُ
ذلكُم شاهدُ العصورِ تجَلَّتْ = في مُحَيَّاهُ هالةٌ لألاءُ
فانظرِ اليومَ فيه طائفةَ الصَّبرِ .= . رجالا ونسوةً لم يُساؤوا
في زمانٍ عانى التَّقيُّ من البغيِ .=. ابتلاءً يهيجُ منه ابتلاءُ
أيُّهـا القابضون في وقدةِ الظُّلمِ .=. على الجمرِ أيُّها الأصفياءُ
لَكُمُ اللهُ في الشدائدِ يُرجَى = والرزايا رجالُها الأكفياءُ
يُدركُ الناسُ أنَّ قومًـا تُقاةً = لهمُ الفضلُ زهوُه والثناءُ
وَهُــمُ الخيرةُ الكريمةُ في الأرضِ .=. وهم غيثُهـا حنــا والحِباءُ
وهُـمُ الأقمارُ المضيئةُ في الكونِ .=. إذا دلهمتْ به الظلماءُ
ذكرُهم في السَّماءِ فيه سُمُوٌّ = بالعباداتِ سِفرُه الوضَّاءُ
سَمْتُ ربَّانيينَ فيه تَثَنَّى = ما رأتْهُ في ناسِها الغبراءُ
كالدراري لكلِّ فــذٍّ مقامٌ = لـم يَنَلْهُ مَنْ ضَــلَّ والسُّفهاءُ
يعرفُ الفضلُ أهلَه فَيُوَاري = كلَّ مَنْ غــرَّه الهوى والهُراءُ
أيُّها القابضون في غُمَّةِ العصرِ . = . على الجمرِ أيُّها الأصفياءُ
هي أوجاعُ محنةٍ ماقَلَتْهـا = رحماتٌ نسيمُهُنَّ الدواءُ
يارجالَ الثَّباتِ لم ينثنِ العزمُ . = . ولا هِنْتُـمُ حيثُ طالَ البلاءُ
تلكَ أخبارُكُم تُصاغُ من الصَّبرِ . = . فتأتي بالسُّؤدُدِ الأنباءُ
ولياليكُمُ الوضيئةُ بالحبِّ .=. لربٍّ فأنتُمُ الأولياءُ
عامراتٌ بذكرِه تتجلَّى = بمثانيها الليلةُ القمراءُ
ضغطةُ الظُّلمِ ما لَوَتْ من يقينٍ = حازه المؤمنون والشُّرَفَاءُ
وأحاطتْ بالمجرمين ، وحقَّتْ = واكفَهَرَّتْ في الأوجُهِ الأرزاءُ
وثبةُ العــزِّ بالحنيفِ رَمَتْهُم = فترامى على التَّبابِ المــراءُ
لـم يفدْهُم هراؤُهــم والعذاباتُ . = . ولم ينفعِ الشَّقيَّ العواءُ
أنتُمُ الموكبُ الجليلُ بدنيـا = سامها اليومَ بالأذى سفهاءُ
فَحَفظْتُم بالدَِّينِ فطرَتَها الزَّهراءَ .=. طوبى فانهارت الآراءُ
فتداعوا مستكبرين وجاءتْ =بيدِ الحقدِ غارةٌ شَّعواءُ
أنتمُ اليومَ في إباءِ نفوسٍ = هي للهِ في الحياةِ الفداءُ
فأعاديكُمُ حثالةُ بغيٍ = وعُتُوٍّ غلَّتْهُمُ البغضاءُ
ما أفادَتْهُمُ المآثرُ يوما =من جناها فحظُّهُم أسواءُ
ولياليهُمُ فسادٌ ــ تَنَزَّتْ = في ملاهي فُسَّاقِها الفحشاءُ
تلك حالُ الطغاةِ أشقاهُمُ الحقدُ . = . على مَن حفَّتْهُمُ العلياءُ
ما أنالَتْهُمُ الفضائلُ حقلا = لـم تُغادرْهُ غيمةٌ وطفاءُ
فنما الخيرُ في أياديكُمُ البيضُ . = . وبشَّت بالنعمةِ الأرجاءُ
وسِواكُمْ باتوا على العبادِ شقاءً = يتحاشاهُ الإصباحُ والإمساءُ
أَوَيُرْجَى من السَّفيهِ ابتهاجٌ = والمخازي تِِراتُهم والبذاءُ
والعقوقُ المذمومُ سيرةُ جانٍ = لذويهم وللأذى قرناءُ
ومساويهُمُ حديثٌ بغيضٌ = وحدبثُ التقاةُ نعمَ الحُـداءُ
نِعْمَ ذكرُ الأبرارِ ماركنوا اليومَ . = . لطاغٍ ، وللهدى استعلاءُ
أو توانوا لظالمٍ مستبدٍّ = إن تمادى أولئــك الزعماءُ
ليس ترضى الشعوبُ بالقهرِ أو تركنُ . = . ذلا إن سامها الأغبياءُ
فبروحِ الإسلامِ تحيا ، وتحدو = في دروبِ اعتزازِها النُّجباءُ
والمثاني تُتلى فينهضُ قلبٌ = ــ لِحِســانِ الأفعالِ ــ والأحناءُ
أُمَّتي لن تموتَ إنَّ حِماها = قد حمى الدينُ ركنَه والوفاءُ
سوفَ تفنى حشودُهم ، والمآسي = تتلاشى ، وليس يبقى العناءُ
لايضيقُ الإيمانُ باللهِ مهما = عربدَ الشَّرُّ ، وانتشى الجبناءُ
يمهلُ اللهُ للبغاةِ ، ولكنْ = ليس ينجو من أخذِه الأشقياءُ
ذاك نمرودُ بالضلالة أرغى = في عُتُوٍّ وأزبدَ القرناءُ
واغترارُ الفرعونِ بالإثمِ أعمى = مايُجَلِّيه ذلك الإبداءُ
حيثُ ساقتْهُ للمهالكِ نفسٌ = هي عن كلِّ آيةٍ عمياءُ
هكذا يهلكُ الطغاةُ فلم تنفعْ . = . ضلالا حشودُهم و الدهاءُ !
هـم يُعانون رغمَ زهوِ وجوهٍ = مترفاتٍ يشينُهـا الإغواءُ
لاتغرَّنَّكَ المظاهرُ تُطوى = بين أردانِ لؤمِهـا الضَّــراءُ
أو تُخيفَنَّك السُّجونُ وفيهـا = عنفوانٌ معربدٌ واجتــراءُ
إنَّـه الظُّلمُ محنةٌ ــ لك ياذا. = . الصَّبرِ في اللهِ فاصطبرْ ــ وابتلاءُ
ذاقَ من مُـرِّه الدعاةُ ففازوا = بعدَ صبرٍ ، والأُسوةُ الأنبياءُ
يالهم من كتيبةٍ تتغنَّى = بجميلِ استبسالِها الورقاءُ
كلُّ آهٍ ، وكلُّ أنَّةِ صدرٍ = كلُّ سوطٍ في لسعِه إغماءُ
وفنونُ التَّعذيبِ أتقَنَهَا الحقدُ . = . فنالتْ نصيبَها الأعضاءُ
والمراراتُ مرجلٌ تتلوَّى = في حنايا لهيبِه الأحناءُ
شبَّ بالحقدِ والسَّفاهةِ ظلمٌ = فَشُواظٌ أمــا له إطفاءُ ؟!
كتبتْ عنه مهجةٌ قد شوتْها = في الجحيمِ البشاعةُ العجفاءُ
إنَّهــا الغُمَّــةُ التي داهَمَتْنا = بالمآسي للأُمَّــةِ الأعداءُ
أيُّها القابضون فيها على الجمرِ . = . رويدًا يا أيُّها الفضلاءُ
إنَّمــا الصَّبرُ جُنَّةٌ منه تُرْجَى = آخرَ الأمرِ في المدى أنداءُ
سوف يُفْنِي الطغاةَ سيفٌ تلظَّى = حدُّه الصَّبرُ والفدا والدُّعاءُ
هي أقدارُ بارئٍ ذي اقتدارٍ = لم يَفُتْهَا ختَّارُهــا العَدَّاءُ
كم بكى مُبْتَلىً بها وتباكى = حوله في النَّوائبِ الأصدقاءُ
فإذا شاءَ ربُّنا أهلكَ الظالمَ . = . يوما ، فللطغاةِ الفناءُ
لاتغُرَّنَّكَ المباسمُ تومي = بانتفاشٍ مآلُـه الإزراءُ
واسألَنْ نفسَكَ التي ليس تدري = مانهاياتُ مَن طغوا و أساؤوا !
أينَ تيجانُهم وأين النياشينُ . = . وأين الجنودُ والخطباءُ !
أين أين المنافقون وأين اللحنُ . = . عذبًا ، والمِشيةُ الرعناءُ !
مادهاهم تسمَّرُوا في وجومٍ = أَهُمُ الضَّامنون و الكفلاءُ !
لو سألْنا كبيرَهم حيثُ قلنا : = ماعراكم يا أيُّهـا الأدعياءُ !
مالكم تُحجمون هيَّـا أجيبوا = هل عرتْكم فضيحةٌ شنعاءُ !
ليتَ شعري أللصِّغارِ نداماتٌ . = . تولَّى إعدادَها الكبراءُ !
فأفيقوا يا أيُّها المرجفون اليومَ . = . من قبلِ أن يجيءَ الجزاءُ !
وتروَّوا فما المكانةُ تبقى = إن رعاها دون البقاءِ افتراءُ
إنَّ ظلمًـا عزَّزتُموهُ توارى = وتوارى طاغوتُه الزبَّاءُ !
صرعَتْهُ نعمَ الفِعالُ أيادٍ = طاهراتٌ إذْ غـرَّه استعلاءُ !
أيُّ وغدٍ هذا الذي يتمادى = ناسيًا أنَّ أُمَّـه حوَّاءُ !
إنَّه للفسادِ باتَ حليفًـا = وعليه من كُفرِه سيماءُ
وإلى فعلِه المشينِ مخازٍ = وإلى لؤمِ نفسِه إيماءُ !
سوف يُجزَى لِمـا جنى حسراتٍ = ولديهـا لاينفعُ الإفضاءُ !
عاشَ في الأرضِ كالبهائمِ يرعى = في حقولٍ قد ذمَّهـا العقلاءُ !
ليس فيها نضارةُ العيشِ تُلفَى = ذاتَ يومٍ أو فوَّحتْ أشذاءُ !
ضيَّعَتْهُ الأهواءُ بئسَ التَّجَنِّي = أحرزَتْهُ للأنفُسِ الأهواءُ !
إنَّهم مارعوا ذِمامَ شعوبٍ = فعليهــا تكالبَ الأعداءُ !
وعلى الصَّالحين هاجتْ وحوشٌ = أفلَتَتْهـا الحضارةُ الخرقاءُ !
ناصبوهم عداءَهم واستباحوا = حرماتٍ إذْ أنَّهم أغبياءُ !
كم شهيدٍ وكم سجين بقيدٍ = تتلوَّى من عضِّه الأحشاءُ
ربِّ فرِّجْ عن الأحبةِ ذاقوا = من مرارٍ يدوفُه الأشقياءُ !
وأَنِلْهُم ياربِّ منك اصطبارًا = يتلاشى على يديه البلاءُ
هاهُم القابضون والجمرُ تُشوَى = في لظـاهُ الحقيقةُ الزهراءُ
أطفئ الجمرَ يا إلهي ، فدينٌ = حفظتْه العنايةُ العصماءُ
وأذلِّ الطغاةَ ربِّ ، وفرِّجْ = كرباتٍ أشداقُها عجفاءُ !
تملأُ الأرضَ بالرزايا ويُرمَى = بأذاها الأبرارُ والأصفياءُ
تتجافى رحابُها في ذهولٍ = عن فِعالٍ روَّادُها التُّعَساءُ 1
هكذا تشتكي الربوعُ وتبكي = مقلتاها ويضحكُ النُّدماءُ !
فالرزايا من خبثِهم والمآسي = والجراحاتُ هولُهـا والدماءُ
دعْ أذاهم . يُطْوَ الأذى ، وتوكَّلْ = فعلى اللهِ يا أُخَيَّ الرجاءُ
لن يفوتوا أقدارَ ربِّي فأيقِنْ = بزوالٍ ولن يطولَ البلاءُ
الظلامُ الثَّقيلُ ليلُ أثيمٍ = فصباحٌ يجلو الدجى وسناءُ
كم شقيٍّ عادى الشَّريعةَ ظلما = وأُثيرَتْ في صدرِه البغضاءُ !
قد مشاها أيَّامَه مشمخرَّا = وحواليه نخبةٌ خُلطاءُ
والطبولُ الجوفاءُ تقرعُ تيهًـا = للزعيمِ المغوارِ حيثُ يشاءُ
عَمَهُ القلبِ بالمآثمِ يُردي = وأخو الإثمِ نفسُه خرقاءُ
ولأهليهِ جاءَهم بالمخازي = صنَعَتْها لهم يدٌ وَرْهَاءُ
مفرداتُ المآثمِ اقترفوهـا = فالمخازي دثارُهم والبــواءُ
ما دَروا حُلوَ طعمِ شهدِ المزايا = نالها في دنياهُمُ العلماءُ
خسرَتْها واثَّاقلَتْ عن علاها = أنفُسُ الشَّرِّ أهلُهـا الخُبثاءُ
هاجتِ الحِقبَةَ المليئةَ بالزيفِ . = . سيولٌ وفي السيولِ الغُثاءُ
حيثُ جُرَّتْ على شفا جُرُفٍ هارِ . = . اختيالا زيناتُهم والرداءُ
وأتاهـم عذابُ ربِّي فَبُعْدًا = حينَ تغشى المكابرَ البرحاءُ
وزمانٌ يأسى الكرامُ به اليومَ . = . فَيُرْثَى ، وهل يطيبُ الرِّثاءُ !؟
ويعيثُ الأشرارُ فيه فسادًا = وبظلمٍ يُصَفَّدُ الصُّلحاءُ !
وَيُرَى فيه ثكلُّ كلِّ حصيفٍ = يعتريه من المرارِ الصِّلاءُ
فاستغاثتْ باللهِ أُمٌّ وأُختٌ = واستجارَ الأيتامُ والضُّعفاءُ
وتَلَوَّى الشيوخُ من وهجِ الخطبِ . = . وألقتْ من جمرِهـا الأسواءُ
هذه أُمَّتي وحالُ بنيهـا = داهمَتْها الشَّديدةُ الشَّهباءُ