تقولين: لا يسمو إلى مهرنا وَفرُ=وهل وافرُ الأخلاق مانِعُهُ المهرُ؟!
إذا عَدِمت أيدي الكريمِ فنفْسُه=غمـامٌ لها من كل مَكـرُمةٍ قَطر
ألا إنّ أخلاقَ الكرام تهزّني=كما رَنــّحَ الأغصانَ ما عطّرَ الزَّهْر
ألا إنّ أقدارَ الرجالِ سجالُها=لها أبلَجَ الريحانُ وانتشـر النَّشـر
وإنْ هي إلا للعواطلِ زينةٌ=إذا فُقِد الياقوتُ أو نَدُر الدرُّ
وإنْ غادةٌ حسناءُ هاجرةٌ لها=لينتابها من حسنها أبدا هجر
فلولا عفافُ البدر عند طلوعه=لما أبهَجَ السّمّارَ في الليلة البَدر
ولولا حياءُ الآنساتِ وخفرةٌ=لما جاء زيدٌ دارَهنّ ولا عَمرو
ولا طاف غيلانُ بأطلال مَـيّةٍ=يسائلها والحيُّ من مَيّةٍ قَفر
هما ستر ربّات الخدور وصونُها=ولا يسترُ الربّاتِ دونهما الخِدر
نزلتُ بأرضٍ ذاتِ سفح وربوةٍ=سقاها الغمامُ قبلما طلع الفجر
فجاءت بثوبٍ أخضـرٍ وخمائلٍ=وجئتُ بقلب مثلِ ما أظهر النَّوْرُ
وأحلُمُ عن أبناء قومي وإنني=إذا لا أداري العودَ لا يُمهلُ الكَسـر
يُضيّق جهلُ المرء ما يوسع الفضا=ويوسِعُ حِلمُ المرء ماضَيَّقَ الصدر
أُروّض من بين الخيول عتاقَها=إذا صهلت يَندى لتَصهالها الحُر
وأرحلُ من حيث الذئابُ مقيمةٌ=وحيث يُعَوّي الذئب لا تهدل الطير
يلوم اللئام الدهرَ بالغدر إنما=وفاؤهُمُ نَزرٌ وطبعهمُ الغدر
وما الدهر إلا ناقدٌ ومؤدبٌ=ولولا احتيالُ الناس ما أدّب الدهر
فخلّي اللئامَ عنكِ واطّرحي فما=خلائقهمْ إلا لذي خُلّة عكر
وهاكِ كرامَ الناس أهلا وعشـرة=فنعمَ القرينُ القرمُ والصاحبُ البَر