إنَّها الأيام في بهرجهــا = ليس تَبقى لغنيٍّ في غِناهْ
وهي الأيامُ في وحشتِهـا = لم تَدُمْ ترمي شقيًّـا في شَقاهْ
وكلا الحالينِ لايبقى ولا = يجدُ الإنسانُ في الدنيا هَناهْ
غيرَ مَن عاشَ ولم يعبأْ بما = يخلُبُ الألبابَ من زيفٍ يراهْ
والسَّعيدُ المرءُ مَن يرضى بما = قَسَمَ الرحمنُ واستحلى قَضَاهْ
فَتَلَمَّسْ نهجَك الأسمى على = سننِ اللهِ ولا تقبلْ سِواهْ
* * *=* * *
اسْقِ أحناءَك من وِردِ الهدى = واتْلُ قرآنَك في وعيٍ مكينْ
وتدبَّرْ خاشِعًـا آياتِه = واهجرِ الأغيارَ والفِعْلَ المشينْ
وادْنُ من ( مَدْيَنَ ) فالنَّبعُ جرى = سلسبيلا بين أيدي الظامئينْ
واغتنِمْ بِيْضَ الليالي ، والتَجِئْ = لا إلى وهــمٍ وزيفٍ ومجونْ
إنَّمـا للهِ ، وَاحْفِدْ في الدُّجى = لِمنــاجاةِ إلهِ العالمينْ
عند هذا المُلْتَجَى تصفو الحِجَى = وَيَعُبُّ القلبُ من ماءٍ مَعينْ
* * *=* * *
وَهْنُكَ الطاغي على نفسِك إن = وطَّنَتْهُ النَّفسُ بالضَّعفِ أقامْ
يملأ الآناءَ يغشاها أسىً = ويذيبُ الهمَّةَ الفضلى الضِِّرامْ
فادفعِ الشَّجوَ بإيمانٍ وعِشْ = لاتبالي بالتَّصاريفِ الجِسامْ
فالمقاديرُ لهــا أسرارُهـا = مُبتَدَاها عندَ ربِّي والختامْ
فَثِقَنْ باللهِ ، واسْألْهُ الرِّضَا = تَجِدِ الكربَ تلاشى بانصرامْ
فاجتهدْ في نيلِ رضوانِ الذي = يدركُ الأوَّابَ في يوم الزحامْ
* * *=* * *
قرأَ الشَّيخُ على طلابِه = صَفَحَاتٍ من أحاديثِ البخاري
فأتاهُ طالبٌ أبهَرَهُ = مالدى أعدائِنا أيَّ انبهارِ
قال : ياشيخُ أُناسٌ وصلُوا = باختراعاتٍ لهم أعلى مدارِ
إنَّما نحنُ ... فقالَ الشيخُ لا = تُكْمِِلَنْ نَفْثَةَ أصحابٍ شِرارِ
إنَّه العلمُ الذي تَهْجُرُهُ = والهوى الأعمى بليلٍ ونهارْ
لست أهلا للعلى بل لستَ من = موكبٍ جَــدَّ بمضمارِ الفخارْ
* * *=* * *
القليلُ الصِّيدُ أصحابُ اليقينْ = وبقايا المتقين الصَّالحينْ
عصبةٌ مولى الورى أكرمَهـا = بوسامِ الرشْدِ في دنيا الفُتونْ
قالها الرحمنُ في قرآنِه = ( وقليلٌ من عبادي ) شاكرونْ
أهـلُ حَمْدٍ لم يزلْ في عيشِهم = ذكرُ ربِّي فيضُه في كلِّ حينْ
وسِواهم أدلجوا في غفلةٍ = فإلى الشِّقوةِ هلُّوا خاسرينْ
أنا أقسمتُ بربِّي ، ولِربِّي = ليس يشقى مَن له أدنى حنينْ !
* * *=* * *
لك في الذِّكرِ لدى المولى التجاءْ = إنْ دهى خطبٌ وإن طالَ العناءْ
وإذا الآمالُ لـم تورقْ ولم = تُؤْتِ أيَّامُ توالتْ بالهناءْ
فاشتغِلْ مجتهدًا في ذكرِه = إنَّما الذِّكرُ رُوَاقُ الأنبياءْ
وهو المركبُ في لجِّ الأسى = وهو النُّورُ إذا غابَ الضِّياءْ
يجعلُ العمرَ كريمَ المُجْتَنَى = لابلهوٍ أو بجاهٍ أو ثــراءْ
ذكرُك المحمودُ للهِ انْتَفَى = عنه بيعٌ لهواهم وشراءْ
* * *=* * *
صفةُ الشِّرِّ لديهم صِبغةٌ = عن مخازيها الأذى أنبأني
أُشرِبوا الحقدَ على أُمَّتِنا = فَرموها بسهامِ المحنِ
أَتُرَى تسمو بهم أنفسُهم = عن خسيسِ المُضْمَرِ الممتَهَنِ
لم أجدْ من فِعلِهم بادرة ً = أقبلتْ يومًـا بثوبٍ حَسَنِ
أَرَأيْتُم فِعلةَ الجاني الذي = قَتَلَ الأبرارَ في اليومِ الهَنِي
إنَّه المجرمُ في ثوبٍ بدا = فيه كالوحشِ الجسورِ العفنِ