هذه القصيدة كتبت ، قبل سنين .. ونُشرت ، في رابطة أدباء الشام . ونعيد نشرها، على ضوء الأخبار، المثيرة للأسى ، التي ترد ، عن حلب ، وتنبّه الغافلين ، إلى مايجري لحلب ، وأهلها !
ألا ياصَبا الشَهباءِ ، حُيّيتِ يا صَبا= أما كنتِ ، قبلَ اليوم ، أبهَى.. وأطْـيَبا!؟
أما كنتِ ، قبلَ اليوم ،َ أندَى مِن الندَى= وأحسنَ مِن ماءِ الـفـراتِ ، وأعـذَبا!؟
أما كنتِ رُوحاً ، مِن أبـينا وأمّـنا= تَهبّينَ رَوحاً ، يَـنـفَـحُ الشَيبَ ، بالصِبا!؟
أما كنتِ - لمّا كان يَكبو طموحُنا-= تُـقـيلينَه ، حتّى كأنْ لمْ يكـنْ كَـبا!؟
أما كنتِ - لمّا لمْ يكنْ ثَـمّ طائرٌ= سِواكِ ، يَـهيجُ الوجدَ - للوجْدِ مَـلعَبا!؟
* * *=* * *
قِفيْ ، ياصَبا، بالله ، عنديْ ، هنَيهَةً= لأ لـثـمَ ، فـي أنـسامِـكِ ، الأمّ والأبـا
أضمّهما ، حتّى تَذوبَ جَـوانحي= وحتّى ضِرامُ الشوقِ يَـخـبو..إذا خَـبا!
وهيهاتَ يَخبو..كيفَ يَخبو، وكلّما= شَمِمْـتُ ثَرى الـقَبرينِ ، فيكِ ، تَـلَـهّـبا!؟
ولوْ صَـبّحتْنيْ ذَرّةٌ ، مِن ثَراهما= لـقـلتْ لَها: أهـلاً وسَـهلاً ومَرحَـبا!
ولوْ شامَ ، مِنْ تِلقاءِ قَبرَيْهما ، دُجىً= سَنا بَسـمَةٍ ، قـلبيْ ، لَغَـنّى.. فأطـرَبا!
* * *=* * *
يَحومُ فؤاديْ ، ياصَبا، حيثُ وُسّدا= وحيثُ الفراتُ الشَـيخُ ، يَحتَـضنُ الـرُبا
إلى حِكمةٍ ، أمْ فِـطنةٍ ، أمْ سَماحَةٍ= أحِـنّ.. وكان الحُـبّ أحلـَى ، وأقـربا!؟
لقد كان ، من كفّيهما ، المالُ يُجتَدَى=كما كان ، مِن نَفسَيهما اللطفُ ، يُـجْـتَـبَى
لقد جاورتْه ، في الثَرى ، دونَ مَوعدٍ= فكانا ، سُحَـيْـراً ، كَـوكباً زارَ كَـوكَبا
كَذاكَ هما ، في ناظِريّ ، ومُـهجتيْ= ولوْ قـلتُ : في الكون الفسيح.. لَما أبَـى
أيأبَى!؟ وهلْ يَحظَى بمثْـلَيهما: نَدىً= وبِـرّاً وإحساناً ، وطَـبْـعاً مُهَـذّبـا!؟
لقد شرّبـانيْ العِزّ ، طِـفْلاً ، ويافـعاً= ومَن شابَ ، يَـسقيْ فَـرْعَـه ، ماتَـشَـرّبا
* * *=* * *
صَبا، ياصبا، ماكان يَصبو، وقد صَبا= فـؤاديْ .. وما زالَ الشَريدَ المُـغَـرّبا
صَبا ، بعدما عافَ الصبابةَ يافِـعاً= فعادتْ إلـيهِ.. واهِـنَ العَـزم ، أشـيَبا
وأيُّ صَباباتِ الدهـور، تَـهيج في=حَـناياه جَمراً ، لَـفّه الثـلـجُ ، فاخـتَبا!؟
بَـلى، حُمَمٌ في الصدر، هاجت ، فلـفّها= جَـليدٌ عَجـيبٌ ، ضَـمَّ ما كانَ أعجَـبا !
براكينَ هـُوجاً، لو نَـثَرنَ نُـثـارةً= بوجهِ نَـهـارٍ مُـشْمِسٍ ، صارَ غَـيْـهَبا
درَيتِ ، إذن ، سِرّ البَياضِ بلـمّـتي=وسِـرُّ اغتِرابي ، يا صَبا، يوجِـع الظِـبا
تغَرّبتُ ، يا هذي ، لِما كان مـُعْجَماً= فـتَرجمَه عَـصفُ الخُـطوب ، وأعـرَبا
وما كنتُ ممّنْ يَعشَق البِيضَ والـقَنا= وذو اللـبِّ يَـدري حاجةَ الحـُرّ، للـظُـبا
تَخضّبَ وجْه الشمسِ ، والبحرُ، والثَرى= بأحمرَ، يُـنسينيْ الـبَـنانَ الـمخَـضّـبا
فكان الذي ما كان ، لو لمْ تكنْ يَديْ= مكـبّـلةً بالـرفْـقِ .. والعـُنـفُ كالـرِبا
وكان..! دعيني .. كلُّ ما كانَ كائنٌ= وكَـونُ (غَـدٍ) مـازالَ، فـيهِ ، مـغَـيّـبـا
دعيني ، أعِـشْ في ظِلِّ هابيلَ .. ربّما= أرى حُـكـمَه ، فيما جَرى ، كان أصْـوَبا
لعلّ دمَ الحـُبّ الـبَديعِ ، إذا هَـمَى= على الرمْـل ، هَـزّتـْه الحَـياةُ ، فأخْـصَبا
وأعلمُ : أنْ لا زِجَّ ، في الزُطِّ ، مُـفلِحٌ= ومـا رَهِـبـوا، إلاّ السّـنـانَ الـمُـذَرَّبـا
وعـُذرُ درَيـدٍ ، ضَوءُ مَن أمَّ بَـعْـدَه= مَـنـاراً ، يـرى فيه ، الهَـلاكَ الـمـجَـرَّبا !؟
(وما أنا ، إلاّ من غزيّة ، إنْ غوت= غَوَيتُ..)! غوى؛ إذ أصبح الشعرُ أشهبا!
وهيهاتَ ! ما عُذرُ امرئٍ ، قَومُه بَـنَـوا= لـهُـمْ نـُصـُباً.. بينَ الضلوعِ مُـنَـصّـبا !؟