يقولُ مَلاكُ شِعرِي اليَوْمَ دَعني= وَدَعْكَ اليَوْمَ مِن لَتِّي وَعَجْني
فقلتُ له: فكيْف وأنتَ مِنِّي=ومِنكَ مَلأتُ أنفاسي ودَنِّي؟
ومِنك ثمِلْتُ حتَّى قيلَ عنِّي= لقد جُنَّ الفتى قدْ قِيلَ عنِّي
تراه يُدَنْدِن الأوزانَ ليْلًا= فتنهبُ نَوْمَه نهْبًا بفَنِّ
ويَصحو يعزفُ الألحانَ شِعرًا= فيشدو الطَّيْرُ مِن عَزفٍ وَلَحْنِ
يفوحُ الوَرْدُ منه شذًا وعِطرًا= ويحظى بالرِّعاية والتَّأنِّي
يُطرَّزُ مِثلَ ثوْبٍ مِن حريرٍ=فيُفصِحُ بالجَمالِ ولا يُكَنِّي
ويَبدو في العيونِ هِلالَ عيدٍ= فيغدو دون دندنةٍ يُغنِّي
وترويهِ الثُّغورُ بكلِّ لِسْنٍ=وكمْ دَاراهُ مِن إنْسٍ وَجِنِّ
يقدُّ قميصَ قافيةٍ حَصانٍ= مُمَنَّعةٍ على فذٍّ مِفنِّ
ويَقدحُ مِن بُروقِ الغيْمِ فِكْرًا=ويَندَى مِثلَ طلٍّ فوْق غصنِ
فيزهو بالخيالِ وبالمَعاني= وبالألفاظِ تورق بالتَّمَنِّي
يذوبُ سهولةً ويَفيضُ حُسنًا=ويَدرُجُ مِثلَما الرَّشَأِ الأغنِّ
ولمْ أندمْ على ما بُحتُ فيهِ=ولمْ أقرَعْ على الأيَّامِ سِنِّي
رَجَوْتُك يا مَلاك الشعر مهْلاً=ولا تجفُ الهوى أو تهجرَنِّي
وهاتِ الشِّعرَ من مُزْنِ الغوادي=ولا تُخلف على الأيَّامِ ظنِّي
فإنَّ الشِّعرَ نزفٌ من فؤادٍ=به أوْدَعتُ أفراحي وحزني
فصِرتُ يُقالُ تِربًا لِلقوافي=أوَ انَّ الشِّعرَ اِبْني بالتَّبَنِّي