لي أستاذ كريم درسني في المرحلة الابتدائية في الصف السادس اسمه مصطفى كمال إسماعيل ذهب إلى المغرب العربي معاراً في عام 1976 إثر سقوط أخيه في حادث طائرة ميل 221 فوق القرية حيث كان يقودها بقي إلى عام 1980 13/1 ومات غريباً وإلى عام 1982 لم يصرفوا له راتبه التقاعدي من التعاملات التي برروا بها عدم صرف الراتب (أن يأتي أهله بتقرير أنه مات على رأس عمله، كان عمره يوم مات 34 سنة فرثيته بهذه القصيدة:
الخطب يعصف والأرزاء في طلبٍ=والهم خيم فوق القلب كالسحب
أرثي الأحبة في أرضي وأندبهم=أم الذين بأرض المغرب العربي
قد جاء نعيك والأيام مظلمةٌ=وطغمة البعث تصلي الشعب في الرهب
والليل محتدم داج ولا قمرٌ=والشمس غابت ولا نور من الشهب
أرثي شبابك من قلبي وفي ألمٍ=وكيف قد ضاع في الريعان والقشب
وفي غيابٍ عن الأنظار يا أسفي=ونازح الدار يا لهفي ومغترب
إن ظل أهلك للرحمن يكلؤهم=وثلةٌ من فراخ العش والزغب
فاهنأ بقبرك لا تقلق لفقدهم=إياك أو أصبحوا أيتام دون أب
فإنهم في حنايانا نضمهم=وفي الفؤاد كغصن أخضرٍ رطب
وهذه سنة الدنيا ومن قدمٍ=تعدو على الصحب في التفريق والنوب
وغاب وجهك ني اليوم واندثرت=معالم الجم تحت الترب والحصب
فإن ذكرك باقٍ في مخيلتي=مدى الحياة وفواح على الحقب
أريثك في السجن والذكرى تسيل دماً=تحت السياط وبين الحبل والخشب
والقلب ما بين أسيافٍ تقطعه=من لوعةٍ ورماح الهم والكرب
والجم يرقص من ضرٍ أناخ به=لا ما عهدنا يكون الرقص من طرب
لكنما حز في نفسي وآلمني=ورحت أزفر من حرٍ كما اللهب
أني سألت على أحوال أسرتكم=وليت من قد سألت الحال لم يجب
فقال أسرته في خير عافيةٍ=وإنما ثم ما يدعو إلى الغضب
فمنذ عامين أرجو صرف راتبه=ولم يردوا على التسآل والطلب
أمضي إلى الشام حيث الشام ترسلني=إلى المعرة نحو المصرف(1) الجدب
وفي المعرة ألقى في دوائرها=من المواعيد ما يطغى على الكذب
آه على ما لقي الإسلام في بلدي=وأهله الغر من همٍ ومن تعب
وما لقي من نعيمٍ ابن عاهرةٍ=والخفض في العيش ما يربو على العجب
يزهو ويرفل في أبهى ملابسه=على فراشٍ من الديباج والذهب
والمسلم الحر في الصحراء مسكنه=خلف السدود وخلف السور والقضب
السل يرعى بأمعاءٍ وفي رئةٍ=وحكةٌ تأكل الأجسام من جرب
يدير شأنه من آباؤه مئةٌ=بل أمه جعبةٌ من أوسع الجعب
كل الزناة سهام يرتمون بها=وهي الخليعة تدعوهم على الرهب
وتنجب الطفل بالألوان صورته=وفي عراكٍ من الأعراق والنسب
حتى إذا شب واشتدت سواعده=يقول أماه من في الناس صار أبي
تجيبه الأم والذكرى مشرفة=وتوجز القول إشفاقاً من السهب
بني إنك ابن الشعب من عهرٍ=فارفع بأستك للعليا وبالذنب
لو كنت تعلم ماذا حل بعدك في=معرتحرما وما قد جل من خطب
بين الأقارب والأهلين قاطبةً=وفي شباب كريمٍ مؤمن نجب
أدركت أن الإله اختاركم كرماً=إلى جواره يا بن المجد والحسب
غريب دارٍ وأهلٍ ما بجانبكم=أم تنوح ولا من بال مقترب
من أجل هذا عس الجنات داركم=ونزلك لآن في قصرٍ من الذهب
وأن أراك على حوض السهول غداً=تزاحم البدر في الإشراق والرتب
وشربةٌ من يد العدنان صافيةٌ=فلا ترى طمأ من كيف خير نبي
هذي المشاعر من قلبي تفيض ندى=إلى يراعي وجراً سال في الكتب
تبقى على الدهر لا تفنى بشاشتها=وحسبها غرسةً من زرعك الخصب
إن عدت يوماً إلى الدنيا وزينتها=من سجن تدمر ذاك البرزح الأشب
وأشرق النصر وضاءً على بلدي=ورف للعلم ظل ضارب الطنب
لأذهبن ولو حبواً لقريتكم=وتلك همة تلميذ عليك ربي
ومن وفاءٍ أزور القبر رأد ضحى=أجل وأرثيك يا أستاذ في أدبي
أستاذنا مصطفى إسماعيل معذرةً=فالشعر عاثر خطوٍ واضح التعب
أجل وأقصر باعاً بل أشل يداً=من أن يبلغني في نعيكم أبي