أبتاه قلبي دائم الخفقان = بالحب نحوك والحنين براني
والدمع في عيني يفيض من الجوى = شوقاً إليك فقد نأت أوطاني
كم ذا أحنّ إلى ليالٍ كنتَ لي = فيها سكينةَ مهجتي وجَناني
ويزيد من ألمي لبعدك أنني = لا أستطيع لقاك أو تلقاني
فالقيد يمنعني ويُقعدك الجوى = ما حيلتي في القيد والأشجان
لما علمت بأن جسمك موجع = ملأ الأسى قلبي وهز ّكياني
وبكيت حتى طال عهدي بالبكا =وتقرّحت من أدمعي أجفاني
واحتار فكري كيف أبلغ حيلة =وأنا الأسير يدايَ موثقتان؟
ووددت لو أني مكانك موجعٌ = تفديك نفسي كم وجعت مكاني
ولطالما داوى حنانك علتي = أنّى - لبعدي - أن يفيد حناني
أبتاه يا رمز المحبة والتقى = يا مجمع الأخلاق في الإنسان
يا من دعوت إلى اتباع المصطفى = في القول والأفعال والإحسان
وغرست فينا طاعة الرحمن مذ = ألقيتَ فينا بذرة الإيمان
وسلكت في إعدادنا نهج الهدى =ورعيتنا بمحبة وحنان
وفتحتَ عيني للهداية عندما = حببتني بتلاوة القرآن
فغدوت أتلو آيه بسلاسة = وأنا ابن خمس ٍكم فقهت معاني!
أبشر أبي شجراتُ غرسك أورقت = وبدت أزاهرها على الأغصان
وثمارها قد أينعت مزدانة = وجنى الثمار بها قريبٌ دان
ستقرّ عينك بالثمار وجنيها = وترى نتائج سعيك المتفاني
إني على العهد القديم ولو عدا = سهم الزمان بغفلة ورماني
سأظلّ يا أبتي كما ربيتني = وكما أردتَ لنا مدى الأزمان
إني لأعجز أن أوفيَ حقه = أو بعضه يا واهب الإحسان
فلقد أفاض عليّ من تحنانه = ما لم يفضه أبٌ على ولدان
فاجزِ إلهي فضله وجميله = أنت المرجّى يا عظيم الشان
إن كانت الأبناءُ زينةَ عيشنا = فالرحمة العظمى هي الأبوان
يا من يعزّ على فؤادي أن أرى = شكواه قد عزّت على إمكاني
لا أستطيع فداءها ودواءها = بل لست أملك غير قول لساني
أرجو إله العرش يشفي لي أبي = أدعوه مضطراً إلى الإحسان
فلكم أجاب الله دعوة مذنب =مثلي ففضل الله لا ينساني
يا ربّ أسألك الشفاء لوالدي = والاجتماع به مع الإخوان
واجمع إلهي شملنا واختم لنا = بالخير والإحسان والإيمان