وبمناسبة عيد الأضحى المبارك 1988 كتبت هذه القصيدة وألقيتها على الشباب بعد ثلاثة أيام من يوم العيد:
جراح داميات في الجراح=وأحب في المساء إلى الصباح
وطالت غربتي واشتد شوقي=إلى أهلي وهاتيك النواحي
إلى وطن درجت به صغيراً=إلى أصحاب جدي والمزاح
إلى كتب ومكتبةٍ وفكرٍ=يطوف في الرحاب العلم صاحي
أنقل بين ما كتب الغزالي=وما أدلة برأيٍ واقتراح
وبين ظلال سيد إذ ترامت=على عقلي بمدٍ وانسراح
وفي القبسات سرت على بيانٍ=وصرت من المعالم باتضاح
وما ألقى النظم(1) سمر ليلي=وأنسي كان فيه ومستراحي
أدونه على القرطاس علماً=وفكراً قيماً حراً سياحي
أبو عبد السلام وكان طوداً=من الإخلاص والحق الصراح
دعوت له برغد العيش دوماً=وطول العمر والمد والسفاح
إليه تحيتي ما أحن إلفٌ=إلى إلفٍ وناح على مناح
ودار من نضار واتساع=تزيل الهم معشبة المراح
وأغصان الصنوبر قد تدلت=وماء البئر يجري باتزاح
كأني حين أجلس في رباها=أرى الدنيا وما يها براح
ولا خبر يبك القلب رطبٌ=يبشرنا بإطلاق السراح
سوى برقٍ من الرؤيا نراها=فنشعر نحوها بالارتياح
ونرقبها بشوقٍ كل يومٍ=وما زالت على متن الجناح
ويعصف زهرة الآمال فيها=وأغصان الرجا صوت الصياح
خصوصاً عن من أضحى يؤوساً=قد يعزو لها كل انبطاح
وتصبح هذه الرؤيا خيالاً=وأحلاماً لنشوانٍ براح
إذا ما كان تنفيذٌ صباحاً=ووقع الاسم يقرأ كالرماح
وكلمة احزم الأغراض واخرج=على الإعدام عرف اصطلاحي
ووافنا وظللنا سناه=وأقبل ضاحكاً عيد الأضاحي
فيا أهلاً بيوم النصر أهلاً=وسهلاً بالمحبة والسماح
بيوم الأكل مختلفاً شهياً=وبالأفراح تملأ كل سامي
وما تهواه نفسك من عصيرٍ=لذيذ الطعم معول قراح
أعد ومن فواكه طازجاتٍ=إلى يوم السرور والإنشراح
وفيه قوافل الحجاج تسعى=بشارات الرضى بيض الوشاح
إلى عرفات والرحمات تترى=عليه وما يجاور من بطاح
تناجي ربها سحراً وتدعو=وترفع للسماء وبطون راح
أماناً أيها الحجاج أدعو=لشعبكم المنهضي المستباح
وما يلقاه هذا الشعب طراً=بكل حمىً وزاويةٍ وناح
على أيدي حواخيم ولكن=بثوب العرب والقوم الفصاح
وممن لا يمت ولو بعرقٍ=إلى أصل وأولاد السفاح
أخي السجن لا تعتب وتجزع=إذا ما الليل طال بلا براح
وأنت بسجن تدمر من سنين=تقلب بين ظهرك والصفاح
وشوكٌ بل أشد الشوك وخزاً=يعرب في الزهور وفي الأقاهي
ويرتع في عرين الأسد كلبٌ=ويملأ جانبيه بالنباح
وجاهد ما استطعت وكن صبوراً=فطيب العيش يكمن في الكفاح
وأن تبقى مصراً بل جليداً=إذا عدنا على حمل السلاح
ولا تحزن على الدنيا إذا ما=تولت أو تبدت بالرواح
ألا يكفيك عند الله فخراً=وعند الناس في حسن امتداحي
بأنك قد دخلت السجن ظلماً=ودينك بالتزامك والصلاح
وأنك قد سلكت طريق قومٍ=أجلاءٍ وأخيارٍ ملاح
طريق الأنبياء وتابعيهم=وأهل العلم والسبل الصحاح
به معنى الحياة بدار الدنيا=وسر الفوز أيضاً والنجاح
وفيه سعادة الأخرى فهلل=وعزا القول حي على الفلاح
وأبشر يا أخي بعزيز نصرٍ=وإفراج قريب واجتياح
لدار الكفر والشعب النصيري=اللقيط الماجن العفن الإباحي