الشُّكر كلُّ الشُّكر لمنتدى أقلام عربيَّة وإدارته الموقَّرة لاختيار قصيدتي في ديوانه المطبوع الصادر عن مجلة أقلام عربيَّة بمشاركة ثلاثة وخمسين شاعرًا على مستوى الوطن العربي بعنوان: (أقلام حول الوطن).
فالبَطنُ واحدةٌ وكلٌّ توْءَمٌ والحضنُ يحنو والمشيمةُ تَجْبُرُ
ما كانتِ الأوْطانُ سَطرًا يُسطَرُ=أوْ خُطبةً فوْقَ المَنابرِ تُذكَرُ
كلَّا وما كانتْ نشيدًا يُبتَدا=فيهِ الصَّباحُ تبَرُّكًا وَيُكَرَّرُ
ما كانتِ الأوْطانُ سِلْعةَ بائعٍ=أوْ مُشترٍ فيها المَزادُ يُقَدَّرُ
لكنَّما الأوْطانُ قلْبٌ نابضٌ=وَهيَ الوَريدُ وَنسْغُهُ وَالأبْهَرُ
وَهِيَ الكِيانُ لمَن أرادَ هُوِيَّةً=وَهيَ الوجودُ لكلِّ حَيِّ يَعْبُرُ
رِئَةٌ هِيَ الأوْطانُ إنْ فارقتَها=أصبحْتَ مَيْتًا في المَقابرِ تُقبَرُ
لا وَزْنَ للإنسانِ غادرَ مَوْطِنًا=مَن غادَرَ الأوطان فهو الأبْتَرُ
وَهُوَ الفقيرُ ولا غِنى إلَّا بها=مَهْما تكاثرَ في يَدَيْهِ الجَوْهَرُ
يا سائلي عن مَوْطِني وحدودِهِ=وَطني هُوَ الوَطنُ البَهِيُّ الأكْبَرُ
في كلِّ صِقْعٍ فيه حُسْنٌ باذخٌ=في كلِّ شِبْرٍ وَردةٌ تتعطَّرُ
وطني هو اليَمَنُ السَّعيدُ يَضمُّه=نَسَبُ العراقةِ=قدْ حَكَتْها الأعْصُرُ
وهو الجزيرةُ والخليجُ يَحوطُها=كالعِقْدِ في جيدِ الفتاةِ يُصوَّرُ
وَطني هُوَ الشَّامُ الَّتي في حضْنها=يغفو الزَّمانُ وبالحضارة يَفخَرُ
وَهُوَ العراقُ حديثُ أزمانٍ مضتْ=كانتْ بأفنانِ التَّقدُّمِ تُبحِرُ
وَهُوَ الكِنانةُ أغدقتْ بعطائِها=مذْ كان فوْقَ الأرْضِ نجمٌ يَظهرُ
وَالمَغرِبُ العربيُّ طالَ بمَجْدِهِ=أفُقَ السَّماءِ وبالسُّها يَتزنَّرُ
وَطني هُوَ السُّودانُ والصُّومالُ بلْ=كلُّ الثَّرى فيهِ الأذانُ يُكَبِّرُ
هذا هُوَ الوَطنُ الكبيرُ وأهْلُهُ=أهْلي وإنَّا بالعروبةِ نفْخَرُ
أنَّى اتَّجَهْتَ فبَسْمَةٌ من عابرٍ=أنَّى أقمْتَ فبالمَوَدَّةِ تُزهِرُ
وإذا بكتْ عَيْنٌ بهِ من حادثٍ=بَكَتِ العيونُ بأنفسٍ تتكَدَّرُ
كمْ حاولوا صُنْعَ الحدودِ بزعمهمْ=كم قسَّموا البلدانَ أوْ قدْ صغَّروا
لنْ يقطعوا الشِّريانَ في أجسادِنا=وَعُرا المَحبَّةِ بيْننا تتجَذَّرُ
هذي المَعاوِلُ لن تُهَدِّمَ أمَّةً=كانتْ على طولِ المَدى تتصدَّرُ
هذي المَعاولُ لن تفُلَّ عزيمةً=فيها الصُّمودُ مَزِيَّةٌ لا تُنكَرُ
مهما تعاظمَتِ الخطوبُ فإنَّها=بالوَعْيِ والحِسِّ القويمِ سَتُقهَرُ
مهْما تعمَّقتِ الجراحُ فإنَّها=تُشفى إذا وُجِدَ الطَّبيبُ الأمْهَرُ
مهْما تكاثرتِ النِّصالُ فإنَّها=بإرادةِ الشَّعْبِ القوِيَّةِ تُكْسَرُ
مهْما يُغشِّي اللَّيْلُ أكنافَ الدُّنا=فلَسَوْفَ يتلوهُ الصَّباحُ المُسْفِرُ
وَلَسوْف نشدو ذاتَ نصْرٍ قادمٍ=وَطني هُوَ الوَطنُ الحبيبُ الأكْبَرُ