روى أنسُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ : ( سبْعٌ يجري للعبدِ أجرُهُنَّ وهو في قبرِه بعدَ موتِه :
مَنْ علَّمَ علمًا . أو أجرَى نهرًا . أو حفرَ بئرًا . أو غرسَ نخلاً . أو بنى مسجدًا . أو ورَّثَ مصحفًا . أو تركَ ولدًا يستغفرُ له بعدَ موتِه ) .
***
الخيرُ أزهرَ ، والأكفُّ عطاءُ =والمحسنون : الدَّوحُ والأشذاءُ
ثَمَرُ النَّدى المحبارِ ، والقيمُ التي =نادتْ بهنَّ الشّرعةُ السمحاءُ
كانتْ وما برِحتْ لأُمَّتِنا هُدَى =تزهو بظلِّ حُنُوِّه النعماءُ
والسُّنَّةُ الغرَّاءُ تجلو صفحةً=بيضاءَ تُغنيها اليدُ البيضاءُ
قرأتْ معاني الجودِ في إسلامِنا =عَيْنَا بَنِيْهَا فاسْتُجيبَ نِداءُ
وهي النَّفائسُ للشعوبِ رصيدُها : =أمنٌ ، وبِرٌّ مغدقُ ، وهناءُ
شيمُ التُّقاةِ الصَّالحين رصيدُها : =لذوي المكارهِ قوَّةٌ و رِداءُ
يُغني فقيرَ القومِ : في تأهيلِه =للسوقِ ، فالعملُ الكريمُ وِقاءُ
يرقى الفتى بالجِـدِّ والتَّدريبِ لا =يرضَى الخمولَ تشوبُه الأهواءُ
والأرضُ مُدَّتْ في مناكبِها سعى =ذاك الفتى المتحفِّزُ الغدَّاءُ
فيدُ الشبابِ عزيمةٌ وتبادُرٌ =نحو البناءِ ، فللشَّبابِ مضاءُ
وهي المآثرُ للشبابِ ، وخيرُها =لبلادِهم قيمٌ لها نُصَراءُ
رفَّتْ بأربُعِهم ثراءً وافرًا =تغشى هبوبَ أريجِها الأفياءُ
وكأنها الجنَّاتُ في وجهِ المدى =تيَّاهةً ، وحقولُها خضراءُ
والخيرُ في أكنافِه أمنٌ وفي =سمعِ الرضا من شدوِه أصداءُ
بشريعةِ الإسلامِ ، بالعهدِ الذي =يجني جناهُ في الغدِ الصُّلحاءُ
بشرى بإذنِ اللهِ لم ترحلْ ، ولا =يُخْزَى كريمٌ مؤمنٌ معطاءُ
فجنائنُ الرضوانِ منزلُ مَنْ لهم =من جودهم قدمُ سعتْ وعطاءُ
لبَّى نِداها كلُّ قلبٍ قانتٍ =والمؤمنون بها هُمُ السعداءُ
جنَّاتُ عدنٍ موئلٌ لِمَن ابتغى =بالمالِ ما تأتي به الآلاءُ
لفقيرِها ويتيمِها ولمَنْ عَرَتْهُ ... =... الفاقةُ العسراءُ والضَّرَّاءُ
لاتبخلوا فالبخلُ ليس بشيمةِ ...=... العربيِّ أحيتْ صدرَه الأنداءُ
قد باركَ الرحمنُ زرعَكُمُ وقد =درَّتْ ضروعٌ بالمنى عجفاءُ
والذِّكرُ والتقوى تنيرُ قلوبَكم =وهما لدفعِ أذى الشَّقاءِ دواءُ
فتكافلوا ترحلْ مرارةُ مَنْ شكا =فقرًا وأدركَهُ هناك عَناءُ
واستبشروا يومَ القيامةِ بالرضا =حيثُ الجنائنُ أهلُها الكرماءُ
يانهرَنا الجاري : تَدَفُّقُكَ الذي =تزكوعليه الجنَّةُ الفيحاءُ
وكأنَّها ـ هي بالمنى لمَّـا تزلْ =رغمَ الرياحِ الهوجِ ـ ليس تُساءُ
أغنتْ نفوسَ النَّاسِ ليسَ يُضيرُها =لغوٌ لشانئها ، ومَن قد ساؤوا
قالوا : العدالةُ في التَّقاسمِ إنَّما =ضلُّوا الأداءَ ، وأُذنُهُم صمَّـاءُ
والعينُ ـ والجوعُ الذي لأواؤُه =ضجَّتْ به أحناؤُهم ـ عمياءُ
كذبوا وربِّكَ ، لن يُداوي جرحَنا =إلا الحنيفُ وأهلُه الأكفاءُ
هذا السَّرابُ رأيتُه لمَّـا وعى =قلبي الحقيقةَ ، وانجلتْ ظلماءُ
سبعون عاما أو تزيدُ ، وحالُنا =بين الشُّعوبِ مشقةٌ وعناءُ
فاسألْ فـمَ الجوعى يُجبْكَ تأوُّهٌ =ممَّـا يُعاني الإخوةُ الفقراءُ
لم يشبعوا من خبزِ فرنٍ يابسٍ =إذْ سامهم صيفٌ عدا وشتاءُ
ناموا ومنذ الفجرِ قد وقفوا ... =... صفوفا إنَّما من دونِ خبزٍ باؤوا
كم من عجوزٍ في خُطاها لوعةٌ =وعلى محاجرِ عجزِها إغضاءُ
تشكو لربِّ العرشِ مَنْ جاروا ومَنْ =حكموا بما لايرتضي الأحياءُ !!
والناسُ يشكون الجفافَ ، ومرَّةً =من وابلٍ هو للعبادِ بلاءُ
هذا عقابُ الَّلهِ في الدنيا فهل =تصحو الشعوبُ ، ويخجلُ السفهاءُ السُّفهاءُ
تتنوَّعُ الحسراتُ بين صدورِنا =وتضجُّ في أعماقِنا اللأواءُ
هذا طريقُ اللهِ أبلجُ بيِّنٌ =والخيرُ فيه ، وكلُّنا شركاءُ
والمسلمون عليه تراحموا وتواصلوا =والبِـرُّ ـ حبلُ الوصلِ ـ والنعماءُ
فابصقْ على الرأيِ السَّقيمِ ، لأنه =يُنْمَى إليه العارُ والإزراءُ
هذي المذاهب ــ أقبلتْ مبتورةً =من غربِ دنيا الناسِ ــ والآراءُ
أو شرقِها المتخبط الأعمى وقد =سقطَ القناعُ وبانت الأسواءُ
أخوى على الخللِ الكبيرِ فأجفلتْ فأجفلتْ=عنه النُّفوسُ ، وغادرَ النُّدماءُ
سقطتْ مذاهبُهم ، وأطفأَ نارَها =نَفَسُ الجياعِ ، وهذه البلواءُ
واستبصرتْ بعدَ التَّخَبُّطِ أُمَّتي =وتيقظَ العقلاءُ والعلماءُ !!
كيف المقامُ على مبادئَ وجهُها =قُبحٌ ، وكلُّ حُماتِها جهلاءُ !!
كبف الرِّضا بيبابِ أرضٍ . عهدُنا =يومًا بها للمعصراتِ وِعاءُ !!
أيامَ لم يجدِ الخليفةُ معدمًا =يعطيهِ . إذْ ولَّى هناكَ عَفَاءُ !!
وسحابةٌ تُزجَى بأجواءٍ لها =أرخت إليه سمعَها الأنواءُ !!
قال : اهطلي في أيِّ أرضٍ إنَّه =يأتي إليَّ خراجُكِ المعطاءُ !!
عاشوا وبالإسلامِ قد ملكوا الورى =والناسُ حبًّا آمنوا وأفاؤواُ
ورأوا كرامتَهم ، وأمنَ بلادِهم =في ظلِّ دينٍ أهلُه الحنفاءُ
الفقرُ ولَّى ، والنوازلُ أدبرتْ =والكيدُ والأحقادُ والإيذاءُ
إنَّ الأخوَّةَ لم تكنْ إلا بما =قــد أحكمَتْها العروةُ الغرَّاءُ
ياربِّ فاقبلْنا لديكَ بتوبةٍ =لم تُبقِ بعدَ قبولِها بأساءُ
ياربِّ جرَّبْنا المبادئَ كلَّها =إذْ جرَّنا الترهيبُ والإغراءُ
ياربِّ أذعنَّا لكلِّ مضلِّلٍ=طمعًا وخوفًا ، فالقلوبُ خواءُ
عدنا إليكَ ، وأنتَ أرحمُ راحمٍ =من بعدِ أن أودى بنا الإعياءُ
لقد اعترفنا بالذنوبِ تعاظمتْ =وجموعُنا ـ ويحَ الجموعِ ـ غثاءُ
فاقبلْ إنابتنا ، وأكرمْ وفدَنا =فلكَ الصِّفاتُ الزُّهرُ والأسماءُ