قد كُنتُ أعمى ، لاأعي ، لاأُبصِرُ = ولصفوِ عيشي ـ ويحني ـ أتنكَّرُ
واليتُ قاتلَ فطرتي متغطرسًا = لأنالَ لذَّاتي التي أتخيَّرُ
أسَرَتْ فُتُوَّةَ نشأتي ، إذْ أنَّني = عنها ، وعن مُتعِ الهوى لاأصبرُ
وعشِقْتُ سوقَ الَّلهوِ ليلاً أو ضحىً = لأبيعَ طيبَ مشاعري لمَن اشتروا
لـمْ أَنْـهَ نفسي عن مقارفةِ الذي = بسمومِه بعدَ التَّلذُّذِ أُنْحَرُ
كم مرَّة قالت : أمامَك ، فاجْنِه = فشبابُكَ الغضُّ الجميلُ سيُقفِرُ !!
أشبعْ هواكَ ولا تعشْ متردِّدًا = ودعِ الذين عن الربيعِ تأخَّروا !!
قد أثمرَ المغنى ، وحيثُ تمايلتْ = أفنانُه ، وزكا هناك البيدرُ !!
نلْ ماتشاءُ فإنَّ عمرَك هاهنا = يزهو ، وساعدُه القويُّ مشمِّرُ !!
مَن قالَ ، أو سيقولُ عن مُتَعِ لنا = هذا عليكَ محرَّمٌ أو منكرُ !!
لاتسمَعَنْ ، واغرقْ ببحرِ تحرُّرٍ = إنَّ الحياةَ مع الذين تحرَّرُوا !!
فأطعْتُها ، ووهبْتُ أكرمَ مالديَّ ... = ... ولم أقُلْ : كلا إذا هي تأمُرُ
حتَّى صُعقْتُ ، وقد ذُهلتُ لِما رأتْ = عينايَ ذاتَ صبيحةٍ لاتُنكَرُ
الَّلهُ أكبرُ : ذا رفيقي ، مالَه !! = ماذا جرى ؟ أينَ الشَّبابُ المقمرُ !!
بالأمسِ ، أمسِ وقد تزيَّنَ ، وانبرى = مرِحًا ، وحولَ رحالِنا يتبخترُ !!
بالأمسِ كُنَّا ، لاتسلْ عمَّـا جرى = فالأمسُ ولَّى ، والمصيبةُ أكبرُ
ناديتُه ، فإذا به لايسمعُ الأصواتِ ... = ... آهِ ، ولايعي ، أو يُبصرُ !!
قد ماتَ ! وانفساهُ ! ماتَ فأحرقي = ثوبَ المجونِ فأهلُه قد أدبروا !!
يانفسُ توبي قبلَ معمعةِ الرَّدى = هيهاتَ يًنسى الموتُ أو يتأخَّرُ
ماكنتُ أدري مالفناءُ ؟ ولا علمتُ ... = ... بأنَّ زهوَ شبابِنا يتبخَّرُ !!
حتى أتاني الواعظُ الأقوى فما = من حيلةٍ في دفعِه قد تُثمرُ
ولجأتُ بعدَ الخوضِ في لججِ الهوى = جهلا ، إلى ربِّي ، وربِّي يَغفرُ
أخشى لهيبَ جهنَّمِ الأخرى فقد = عاينْتُها ، وكأنَّها تتسعَّرُ
حدَّثْتُ نفسي ؟ كم أعيشُ ؟ إلى متى ؟ = والموتُ آتٍ لامحالةَ يَخطُرُ
لاينثني عن موعدٍ أبدا ولا = في الخلقِ يستثني ، ولا يتأخَّرُ !!
والقبرُ أطبقَ مظلمًا ، وبلحدِه = ضُـمَّ المُرفَّهُ مرغمًا والمُعسِرُ
ولَّتْ صباباتي ، وغابتْ نزوتي = وشكا الأذى قلبي ، وغامَ المحجرُ
آمنتُ أنَّ المرءَ أعمى لايرى = كُنهَ الحقيقةِ ، والمفكِّرُ يعثرُ !!
إلا إذا وافى الهدى من ربِّه = وأصاخَ إذْ نادى الحنينُ المؤثَرُ
ارجعْ إلى مولاكَ إذْ عاهدْتَه = يومًا براكَ به ، ألا تتذكَّرُ !!
قلْ لابنِ آدمَ لن تفرَّ من الرَّدى = هيهاتَ ، إنَّك يافتى لاتقدرُ
في قبضةِ الدَّيَّانِ أنتَ ، ولم تجدْ = أجدى من الإيمانِ لو تتفكَّرُ