هوامش :
(1) بإبا : المراد بإباء
أتيتَ فارتعدَ الطاغوتُ مضطربا = ولاذَ بالمكرِ مذمومًا ومنسحبا
يداكَ يارمضانَ الخيرِ ضمَّدتا = جرحًا لأمتِنا مازالَ منسكبا
هلَّتْ لياليك أذكارا تجندُنا = للسعيِ نحوَ سُمُوٍّ عانقَ السحبا
وفي نهارِك ميدانٌ لرفعتِنا = به دفعنا الهوانَ المرَّ والريبا
ففي المصاحفِ للأجيالِ تربيةٌ = لاتعرفُ الزيغَ والأهواءَ والكذبا
من رحمةٍ ، وإلى أفياءِ مكرمةٍ = إلى محاريب أنسٍ شذوُها عَذُبا
نسائمُ الغيبِ تحيي ميْتَ أنفسِنا = وتمنحُ القلبَ من رقراقِها نسبا
والذكرياتُ وقد طابتْ تؤانسُنا = وتبعثُ العزمَ في الأحناءِ ملتهبا
نهارُ بدرٍ وللأملاكِ جلجلةٌ = وفتحُ مكَّةَ وافى القومَ منتَدَبا
تعيشُ أيَّامَها العظمى هُويتُنا = فتُسقطُ الزيفَ والزورَ الذي جُلبا
وهجمةُ الرِّدةِ النكراءِ أركسها = جلالُ عهدِك إذ أفنيتَها حقبا
كم حاولَ الشَّرُّ أن يجتثَّ دعوتَنا = ويجعلَ الحقلَ من إفسادِه خرِبا
ففرَّقَ اللهُ شملَ الكفرِ وانتصرتْ = شريعةُ المصطفى فارتدَّ منشعبا
شذاكَ يارمضانَ الفتحِ أنعشنا = وبالإنارةِ وافتْ كحَّلَ الهُدُبا
نهفو إلى السَّحَرِ المشهودِ محتفيا = بالمؤمنين ، سناهُ الدهرَ مانضبا
يروي الظماءَ فلم يحرم يدًا رُفعتْ = إلى الكريمِ ترومُ العفوَ منتَخَبا
قلوبُنا غمرتْها بالمنى سحبٌ = يدرُّ بالودقِ أحلاها وقد عَذُبا
خير الشهورِ نسجنا حبنا ، فصَبا = لمغزلِ الشوقِ كهلٌ للِّقا رغبا
لليلةِ القدر حثَّ الروحَ موعدُها = فلم نزل نتفانى دونها طلبا
* * *=* * *
وهبتُكَ العمرَ أستجديك فرحتَه = في يومِ فتحٍ أرى إسلامَنا غلبا
ولحتَ تملأُ وجهَ الأرضِ مرحمةً = وقد تغشَّاهُ خطبٌ أضرمَ اللهبا
الظالمون وكم للظلمِ من مهجٍ = تُشوَى على الجمرِ لاترضاهُمُ نُجُبا
والمجرمون أباحوا حرمةً فشكتْ = منهم حرائرُ ذقنَ الويلَ مختضبا
والمفسدون أشاعوها علانيةً = بلا حياءٍ ، ولمَّا يعرفوا الأدبا
وصبيةٌ حكموا فانهار سامقُنا = ولم تجدْ أمتي مجدا لها حُجبا
وعاث منهم جُناةٌ في مآثرِها = وراقصوا العبثَ المأفونَ والطربا
فغامَ في قبضة الباغين مبسمُها = وأنَّ قلبٌ شكا الأوجاعَ والكُربا
والهمُّ في النفسِ آذاها وأقعدَها = فلم تردْ في غُدُوٍّ موردًا عذُبا
أغنوا مرابعَها من كلِّ مكتئبٍ = إذا رنا ما رأى إلا الذي اكتأبا
هُمُ الطغاةُ أباحوا خيرَ أمتنا = وأبدلوه بشرٍّ يجلبُ النَّصبا
وحاربتْ شرعةَ الرحمنِ خسَّتُهُم = وجنَّدت لقتالِ الحقِّ مَن وثبا !!!
كم فاجرٍ فاغرٍ فاهُ وطلعنُه = كطلعةِ الذئبِ ساءت نفسُه كذبا
في عالَمٍ جانبَ التقوى فما وجدتْ = لتوبة الخلقِ في آمادِه سببا
والناسُ بين أهازيج الهوى زمرٌ = فراكبٌ لهواهُ خلفَ مَن ركبا
واستأسدَ الوغدُ تحميه كتائبُهم = واستنسرَ البومُ في الأجواءِ إذ نعبا
ونخبةُ الدَّجّلِ الممقوتِ قد برعوا = بلعبة المكرِ يوليها الأذى عجبا
أضرَّ بالأمةِ الناسُ الذين رأوا = أغلى مواقفِهم إن غيرُهم سُلِبا
وفاتهم أنَّ ربَّ العرشِ يمهلُهم = فلن يفوتَ الذي للبغي قد نُسبا
ولن يرى فتكَ أنيابٍ له بفتىً = إلا وأيقنَ أنَّ البغيَ قد غُلِبا
مصارعُ الظالمين المجرمين لها = يومٌ أتى بالحسابِ المرِّ واقتربا
* * *=* * *
يامَن هجرتم هدى الرحمنِ قد خسرت = أرجى تجارتكم ، والربحُ قد سُلبا
ولم تفوزوا بدنياكم بمكرمةٍ = ولن تكونوا مدى أيامها نجُبا
حاربتُمُ اللهَ إذ غرَّتكمُ رتبٌ = فأمرُكم باتَ بين الناسِ منشعبا
ولم تزل رحمةُ الباري بحوزتكم = إذا رجعتم إلى إسلامكم بإبا (1)
فتوبة منح المولى مثوبتَها = لمَن يؤوبُ ، ويجفو الذَّنبَ واللعبا
ويفرحُ اللهُ للتَّوَّابِ يكرمُه = ويغفرُ الذنبَ مهما جلَّ أو جَلَبا
فاغنمْ لياليَ بالقرآنِ تقرؤه = واعمرْ فؤادًا بسوءِ الفعلِ قد خربا
إنَّ الرقيَّ الذي تدعو محافلُهم = إليه لم يَرْقَ بالقلبِ الذي عُطِبا
وهل تفيدُ صناعاتٌ مجنَّحةٌ = في ثورةِ العلمِ والإنسانُ قد غُلِبا ؟
يعيشُ ممتَهََنا ، يُفني سعادتَه = في دارِ بؤسٍ طوى نجواهُ مغتربا
فعيشةٌ بُليتْ أشطانُ سؤددها = ما آثرتْ قيما ، أو جدَّدتْ طُنُبا
لهفي على أمة الإسلامِ ساومها = على الهوانِ جناةٌ عزمُهم نضبا
يلوكُ أيامَها شدقُ الأسى ويُرى = كريمُ ميثاقِها قد باتَ مضطربا
يهزُّها اليومَ إيمانٌ ، وإن فُجِعتْ = ففجَّرتْ ثورةً لاتقبلُ العتبا
وفطرةٌ بسنا الإسلامِ ما انطفأتْ = رغمَ الدجى يتحاشى أن يرى اللهبا
لولا هدى اللهِ مااشتاقت لعزتها = نفوسُ قومي ، ولا راموا العلى أربا
إنَّ الهوانَ الذي ناموا ببردتِه = ولَّى يطاردُه الوعيُ الذي غلبا
لن تنقذَ الأمةَ الموهونَ جانبُها = إلا شريعةُ مولاها وقد وجبا
ربِّ اجعلَنْ رمضانَ الفتحِ فاتحةً = لطلعةِ الفجرِ ، وانصرْ أهلَه النُّجُبا