الطغاةُ الجناةُ قيدُ الفناءِ = والمقاديرُ سهمُها غيرُ ناءِ
مايئسنا فالفتحُ وعدُ كريمٍ = رغم هولِ البأساءِ والضَّرَّاءِ
أعرضوا عن دينِ الإلهِ وصدُّوا = عن سبيلِ الرحمنِ ذي الآلاءِ
وتعامتْ تلك القلوبُ فتعسًا = لقلوبِ الضلالةِ العمياءِ
أحبط اللهُ سعيَهم وسقاهم = من حميمِ الخذلانِ والغلواءِ
قد أعدَّ الدَّيَّانُ للبغيِ ذلا = رغم مافي يدِ العِدا من رخاءِ
ماوعوا سُنَّةَ العليمِ فعاثوا = بلياليهمُ بغيرِ حياءِ
هم تنادوا للموبقاتِ : ففسقٌ = وفجورٌ في الرغبةِ الرعناءِ
حملتْهُمْ إلى المهالكِ نفسٌ = جنَّدتْها أُكذوبةُ الكبرياءِ
ورمتْها أفعالُها لتبارٍ = عجَّ فيه الشقاءُ بعدَ عياءِ
فدعِ المجرمين في نشوةِ الإثمِ = سكارى فما لهم من رجاءِ
دولا كانوا أو فلولَ جناةٍ = دفعتْهم حضارةُ السفهاءِ
فَهُمُ اجتالتْهُمْ شياطينُ إنسٍ = ورمتْمْ في التيهِ رهْنَ العراءِ
ذلَّ مَن حاربَ الشَّريعةَ جاءت = للبرايا برحمةٍ وإخاءِ
وإلى المقتِ والهزيمةِ يأتي = مستفزًّا بسكرةِ الأهواءِ
حينها يدركُ الحقيقةَ لكنْ = فاته الخيرُ في مسارِ العفاءِ
* * *=* * *
هو ليلٍ من الليالي تجلَّى = فيه بالبيِّناتِ وجهُ السماءِ
آبَ للروحِ رفرفُ الأُنسِ يزهو= رغمَ لَفْحِ الكآبةِ العجفاءِ
وتدلَّى من أُفْقِه القبسُ الأسمى= على عالمِ الأسى والجفاءِ
يمطرُ الفرحةَ الضَّحوكَ ، ويحيي= مهجًا ظمأى في الربا القفراءِ
أكرمتْها السماءُ بالخيرِ فاهتزَّتْ = بفوَّاحِ نشرِها المعطاءِ
وتلاشتْ على الحنايا رياحٌ= عاصفاتٌ تثورُ كلَّ مساءِ
من همومٍ نضتْ عن اللوعةِ الثَّملى= برودًا منسوجةً بالبلاءِ
وتغنَّى الفؤادُ بعدَ سنين= ألجمتْهُ الشجونُ بالأرزاءِ
وتجلَّتْ آفاقُنا مقمراتٍ= برضا اللهِ يالطيب التجاءِ
ودرجنا نعانقُ الأملَ المخضلَّ= طيفًا سرى على الغبراءِ
ورأينا ما أبدعَ اللهُ على الأرضِ= وما بثَّ في الورى من حباءِ
فإذا الكونُ جنَّةٌ وهبتْها= لرفيفِ الأرواحِ روحُ العلاءِ
لنسيماتِ أُنسِها قد غدونا= للمغاني في الجنَّةِ الفيحاءِ
وإلى الزَّهوِ بالحنيفِ ننادي= بين أفياءِ سحرِها والصَّفاءِ
والأغاريدُ فجرُها والقوافي =بابتهاجٍ للشرعةِ الغراءِ
وهفت أنفسُ الأباةِ إليها= واستمالَ القلوبَ عذْبُ الرواءِ
والأماني رؤى صباحٍ جديدٍ =باسماتٍ كالوردِ في الأضواءِ
يسرعُ الخطوَ رغمَ ليلٍ بهيم ٍ= ماطوتْهُ عواصفُ البلواءِ
فيه مافيه من أناشيد قلبي= وحنيني لرفرفاتِ الرجاءِ
وبشوقٍ يضجُّ بينَ ضلوعي = وولوعٍ بسيرةِ الأنبياءِ
وحكايا عن الأحبةِ تروي = ظمأ الروحِ للنَّدى والوفاءِ
واشتياقي لمنهلِ المجدِ رَوَّى = ظمأَ الصيدِ من يدِ الشهداءِ
عالم ٌ زاخرٌ بفيضِ سُمُوٍّ= رقرقتْه أناملُ الأصفياءِ
ورواياتُ أمسِنا تتثنَّى = أنجزتْها بطولةُ الأوفياءِ
هي منها ومن سناها رفيفٌ = لجناحَيْ قصيدتي العصماءِ
وبراكين إذ يفجَّرُها الشعرُ = شظايا مشبوبةَ الأصداءِ
ياليالي ( حنين ) ما انهزمَ الركبُ = ولا هابَ من سطوةِ الأشقياءِ
صوتُ ( عبَّاس ) لم يدعْ لي طريقًا = غيرَ خوضي لفائراتِ الدماءِ
والنَّبيُّ الحبيبُ في المعمعِ الهدَّارِ = يرمي جحافلَ الأعداءِ
فالرواياتُ أضرمتْ نارَ ثأرٍ = تتلظَّى بالهمَّةِ القعساءِ
مالوتْها يدُ الجناةِ : فبوحٌ= للقلوبِ الظماءِ في الإدجاءِ
وهو البثُّ للربيعِ المرجَّى =في السَّحابِ المدرارِ بالأنواءِ
لعهودٍ بها الأماني عِذابٌ= وزمانٍ موشَّحٍ بالضياءِ
ونسيجٍ من الحديثِ المصفَّى= ردَّ وهمَ البصيرةِ العمياءِ
فإذا الطيفُ نقلةٌ لاعتزازٍ= بمثاني كتابِنا اللألاءِ
ينجلي للرجالِ وهبًا زكيًّا= وهدىً من صحائفِ البُشَراءِ
ويضمُّ النفوسَ للأفقِ الأعلى = ويسمو بخطوِها الغدَّاءِ
وإذ الشوقُ والحنينُ يسوقان = معاني الوفاءِ للأصفياءِ
تتعالى نفوسُنا في خُطاها= فوق رجسِ ِ الأحقادِ والبغضاءِ
تعسَ الحقدُ لن يُجلَّ ولن يرقى = بنوهُ معارجَ العلياءِ
حملوهُ على المناكبِ أثقالَ = هوانٍ و ذلَّةٍ وافتراءِ
فكووا باللظى قلوبَهُمُ العجفاءَ = فالحقدُ جمرُه من شقاءِ
ومشوا بالسموم بين أُناسٍ = لم يبالوا بالذَّمِّ أو بالثَّناءِ
يسكبون الأضغانَ سمًّا زعافًا= كسمومِ الزواحفِ الرقطاءِ
إنما الحاقدون أكثرُ شرًّا= وإن استحوذ وا على البسطاءِ
وهم الأسرى لافكاك لهم من= قيدِه رغمَ فسحةِ الغبراءِ
أين منهم سماحة الخُلُقِ المرضيِّ = يحنو بالرحمةِ الغرَّاء
إذ على اللهفةِ الأثيرةِ للحقِّ = استخفوا جناحَها للمضاءِ
من هناك ائتلاقُ شمسِ علانا = وانبلاجُ الحقيقةِ الزهراءِ
عزَّ إخوانُنا الكرامُ إذا قيسوا = بدنيا الأخلاقِ معْ هؤلاءِ
يحملُ الشعرُ جرحَنا غيرَ ميْتٍ = رغمَ ذبحِ الأعناقِ والآراءِ
جاءَ فيه الإباءُ لحنًا موشَّى = بالمآسي واللمعةِ الحمراءِ
وبليلٍ من الكآبةِ وافى = مهجَ الركبِ مثقلا بالعناءِ
كم على ظلِّه المريعِ حبسنا = أدمعا من مرارةِ وبلاءِ
ونسجنا من الهمومِ رداءً = مزَّقتْ وهنَه يدُ الكبرياءِ
لن يهونَ الإسلامُ في زحمةِ الخطبِ = ولن يُستباحَ قلبُ الفدائي
تُطفَأُ النارُ في البراكينُ لكنْ = ليس تخبو في أضلعِ النُّجباءِ
شرفُ القلبِ أن يعيشَ كريمًا = في شِعابِ الأسى وبيدِ الجفاءِ
فمن العزِّ : غربةٌ في ليالٍ = موحشاتٍ كوحشة الظلماءِ
ومن الخيرِ : أن نحرِّمَ فيها = مايواتيه البغيُ للسفهاءِ
ومن الحقِّ : أن نعودَ وجوبًا = للمثاني والسُّنَّةِ الغرَّاءِ
واليقينُ المكينُ باللهِ أجدى= من خميسٍ مدجَّجٍ بالدهاءِ
فافطم النفسَ عن شهيِّ الدنايا= وترفَّعْ عن ذلةِ الجبناءِ
إنَّما العمرُ ساعةٌ في نزالٍ = منحتْهاللنصرِ أيدي القضاءِ
وإلى موئلِ الكرامةِ حثَّتْ = من خطاها عزائمُ الأولياءِ
والأبيُّ الأبيُّ معرضُ قلبٍ = عن تفاهاتِ نزوةِ الغوغاءِ
والطريقُ القويمُ وجهةُ روحٍ = زمجرتْ كالرياحِ كالأنواءِ
إنَّ وجهَ الحياةِ وجهٌ عبوسٍ = ويقينُ الرجالِ نورُ الرجاءِ
أيُّ نفسٍ لم يبتلِ الدهرُ ممشاها = ولم يرمِ أمنَها بابتلاءِ !
وأباحَ ابتهاجَها القدرُ النافذُ = فاربدَّت أوجُهُ الضَّرَّاء
غير أنَّ النفوسَ في ليلها المحمومِ = ترنو إلى انبثاقِ الضياءِ
وبعيدٌ مابينَ زورِ الأماني = وصحيحِ انجلائِها الوضَّاءِ
ماتوارتْ بأفقِنا المائجِ اليومَ = عن المؤمنين ومضةُ راء
نضَّرتْ بابتسامِها وجهَ عُمْرٍ = عاشَ في أُنسِه ثقيلُ الدَّاءِ
وانجلى عن جبينَه لمحً كربٍ= يتغشَّى في الصبحِ والإمساءِ
وفصولُ الإقدامِ تشتد فيها = عزماتُ الفدا لحملِ اللواءِ
في خضمِّ الأحداثِ ، والهولُ عاتٍ= ماسلكنا سوى سبيلِ المضاءِ
لم يزدنا البلاءُ إلا يقينًا= يتخطَّى تفاهةَ الإغراءِ
في السنين العجاف ها قد مكثنا = زادُنا الصَّبرُ من هدى الأنبياءِ
يأكلُ الناسُ من فتاتِ الدنايا = ويوالون ميِّتَ الأحياءِ
غير أنَّا بالحقِّ لا نترامى= ماحيينا على فسادِ الهراءِ
* * *=* * *
كم طوتْ موجةُ الشجونِ فؤادي= كحصاةٍ في غمرةِ الدأماءِ
وتناءتْ بشاشةٌ مارآها = في الصباحِ الضحوكِ والظلماءِ
والحنايا تموجُ بالآهِ لم تهدأ = بيومٍ من ريحِها الهوجاءِ
والفؤادُ المنيبُ للهِ راضٍ= هكذا سُنَّةُ الرضا بالقضاءِ
ليس تعميه فتنةُ الألمِ الأعمى = ولم يلجمْ شدوَه عن حُداءِ
وأتى يرمقُ القطوفَ الدواني= فوقَ بيدِ الأشواكِ والحصباءِ
ويصوغُ الولاءَ للهِ حُرًّا = ليس يرضى بحمأةِ البغضاءِ
ويؤاخي سكينةَ الليلِ يحيي= ماتوارى من رفرفاتِ الرجاءِ
ويقضِّي الساعاتِ يرقبُ في الفجرِ = حبورًا للإخوةِ الغرباءِ
فندى البِرِّ منحة للحنايا = ليس تفنى من لفحةِ الأرزاءِ
قد حباه الإيمانُ مهما تلظَّتْ= عربداتُ الطاغوتِ بالكبرياءِ
لايواليه زخرفًا نمَّقتْهُ= بنتُ دنيا المبادئِ البلهاءِ
والخيالاتُ تنطوي لانراها= بعدَ محقِ الضلالةِ العمياءِ
في الطريقِ السَّويِّ حثَّتْ خطاها= تسبقُ الشجوَ والأسى وجنائي
وتغنَّيتُ بالأناشيدِ علويَّةَ = مجدٍ مشبوبة الأصداءِ
همساتٌ تميسُ فيها حروفٌ= مترعاتٌ بالشوقِ بعدَ اهتداءِ
حين جاشت بأفْقِها النفسُ واهتزَّتْ = لغيثٍ محمَّلٍ بالحِباءِ
وهبتْهُ الغيوبُ د فقةَ خيرٍ= في حقولِ الكآبةِ الجرداءِ
فربتْ فرحتي ، وبشَّ فؤادي= و تثنَّى بالزهرِ والأشذاءِ
وأعاد الأريجُ أفراحَ عمرٍ = قد تقضَّى والنارُ في الأحشاءِ
فالمقاديرُ في الورى أحكمتْها = قدرةُ اللهِ لايدُ السفهاءِ
ومن البغيِ أن تبوحَ بداءٍ = قرَّحّ القلبَ مكثُه في خفاءِ
لو درى المرءُ مالها من مزايا = محكماتٍ لعاشَ عيشَ الإباءِ
والكريمُ الأبيُّ مَن ظلَّ شهمًا= لم يدنِّسْ علاهُ بالأهواءِ
والتَّقيُّ التَّقيُّ قلبٌ سليمٌ= ليس يرضى بزخرفٍ الخيلاءِ
فالشكاوى لغيرِه عبثُ الجاهلِ = بينَ استهانةِ الخلطاءِ
فاتَّقِ الميلَ للسفيهِ ولا تركنْ = لطاغٍ تراهُ في الأحياءِ
إنما الفخرُ والمروءةُ أن تحيا = لياليكَ ناظرًا للعلاءِ
وإذا ضنَّ بالكرامِ ووافى= زمنُ الطيشِ والهوى والهراءِ
فاعتصرْها من الطهارةِ دنيا = في مغانيها موكبُ الأصفياءِ
ودعِ الشكوى للأنامِ وأحجمْ = مؤمنًا عن مقولةِ الأشقياءِ
* * *=* * *
جنَّةُ الروحِ عالَمٌ فيه تسمو= كلُّ روحٍ بالهمَّةِ القعساءِ
عالَمٌ ليس من فحيحِ بَغِيٍّ= أو حكايا سفاهةٍ وافتراءِ
ردَّ لي روعةَ النَّهارِ ، وأغرى= كلَّ نفسٍ للجنةِ الفيحاءِ
فهفا ينشدُ المغانيَ شوقًا = لجميل الرضا وحُسن اللقاءِ
من نسيماتِ عَدْنِه بات يحثو= يملأُ الصدرَ من عبوقِ الشَّذاءِ
والكرامُ الكرامُ من خيرةِ الركبِ = حوالينا في مغاني الهناء
إذ ركضنا على الدروبِ العذارى = ويدُ الليلِ لم تزل في انطواءِ
حاملين الأفراحَ عطَّرها الطيبُ = بأرجاءِ ( طيبةِ ) الفيحاءِ
نشرُها العذبُ للنفوسِ حياةً = بين تلك الأنداءِ والأفياءِ
واخضرارِ الآمالِ بينَ يدينا = ماتراءى للأنفُسِ العجماءِ
جنَّةٌ صاغها الإلهُ لذي عقلٍ = وروحٍ وثَّابةٍ لارتقاءِ
مذ خُلِقنا رضا الإلهِ هوانا = فوقانا من فتنةِ الغُلواءِ
وعلى دينِه القويمِ مضينا= وصبرنا على لظى اللأواءِ
وجهُنا واحدٌ فليس يرانا= أحدٌ في مراتعِ الإزراءِ
قل لمَن باعَ دينَه مطمئنًّا = بمتاعِ الحياةِ كالجبناءِ
ونهانا عن المضيِّ بدربٍ = قد تولاَّه سيِّدُ الأنبياءِ
قد وهبنا الأرواحَ للهِ يامسكينُ = لا للطغاةِ أهلِ العماءِ
يدُنا في يدِ الذين استقاموا= في ركابِ الأئمةِ العلماء
ومن العارِ أن نعيشَ على الأرضِ = عبيدًا للمالِ أو للنساءِ
والموازينُ عندَ ربِّك كانت= لابأوهامِ نفسِك الخرقاءِ