أيُّها البُلبلُ المغرِّد صبحًا=أين منك الغِناءُ والتَّغريدُ؟
أين منكَ الألحانُ تنشر دفئًا= في نفوسٍ قد شفَّها التَّرديدُ؟
أين صوْتُ ينساب منك ندِيًّا= يُطرب الغصنَ لَحنُه فيَميدُ
هل نسيت الغرامَ أم أنت مثلي= نابَكَ الشَّجوُ وامتطاكَ البُرودُ؟
وسرَت فيك رِعشةٌ تتغذَّى= من همومٍ ينتابها التَّنهيدُ
ليْس من قادمٍ يوافي بخيرٍ= أو بريدٍ يُشام فيه سعودُ
اللَّيالي غدت لدينا سواءً= قد عراها في سُقمها التَّسهيدُ
كلُّ صحوٍ يغتالُ فينا شعورًا= ليْس إلَّا الفناءَ شيْءٌ جديدُ
كلُّ صحوٍ يضاعف الجرح فينا= وكأنَّا من فتقهِ نستفيدُ
كلُّ صحوٍ ونحن ننزِف فيه= ألفَ حُلْمٍ قد كان فينا يَعودُ
كلُّ صحوٍ يقول أنتم أسارى= كلُّ صحوٍ يقولُ أنتمْ عَبيدُ
كلُّ صحوٍ ونحن نزداد سُكرًا= غيْر أنَّا من سُكرنا نستزيدُ
كلُّ صحوٍ يَمتارُ منَّا جفافٌ= في عروقٍ ما عادَ فيها وَريدُ
أيُّها البُلْبُلُ المُواري شجونًا= قد تكون الجبالُ منها تَميدُ
ليس كالقهْرِ يدفِن الشَّدوَ حَيًّا= يترك النَّفسَ في جواها تزيدُ
ما على الطَّيْرِ قد قلته الأماني= من عتابٍ إذا جَفاه النَّشيدُ