إنَّ الدين عند الله الإسلام
13كانون22022
شريف قاسم
أنشقى ، وتنفضُّ المباهجُ قهقرى !!=وتغتالُنا أوجاعُ هجرِكَ في الورى !!
وننظرُ . إذ تُغري المحاجرَ ومضةٌ=يبوحُ بها الفجرُ البعيدُ إذا سرى !!
نسامرُ أشباحا يرفُّ خيالُها=على المقلِ الظمأى ، ويتعبُنا السُّرى
وننصتُ والأصداءُ شجوُ مآتمٍ=ترامى على صدرِ المدائنِ والقُرى
وحمحمةٌ في دربِ فرسانِ أُمَّةٍ=لطولِ عهودِ النأيِ ـ ويكَ ـ تذمَّرا
أنشقى وعندَ القومِ سيفٌ ومصحفٌ=تفيضُ به الآياتُ خيرًا منضَّرا !!
وللقومِ ـ ويح القومِ ـ إنَّ لعُريِهم=رداءً زها بالعـزِّ والمجدِ أخضرا
أنشقى وللإسلامِ فينا نميرُه=ولمَّـا يزلْ يحيي المآثرَ إن جرى !!
وأهدى رحيبَ الكونِ أمنا و رفعةً=فما رأت الدنيا أجلَّ وأطهرا
ويزكو الجنى ، والطيبُ يملأُ رِدنَه=بساعدِ خيرٍ للفضائلِ شمَّرا
وعهدٌ يواتيه السَّحابُ فينتشي=ويهتزُّ فينانًا ، ويمرعُ مُكثِرا
ويحلو به وجهُ الفصولِ ، فبِرُّه=لكلِّ مغانينا أفاضَ وأسفرا
ويهفو إلى أفيائِه الناسُ إنَّه=لعهدٌ به صفوُ المنى ماتكدَّرا
وقومي بنوا بالدينِ في الأرضِ مجدَهم=فنعمَ الذي شادَ الحنيفُ وعمَّرا
قد اتخذوا الإيمانَ بالله منهجًا=وصاغوا لأأيامِ العقيدة منبرا
على عالَمٍ أرغى عليه طغاتُه=ولفُّوه بالبلوى ، وكان منوَّرا
ويسقطُ طاغوتٌ وإن طالَ عمرُه=وإنْ شدَّ في ظلمِ الخلائقِ مئزرا
ففرعونُ لم يبرحْ مآلِ عُتُوِّه=على قدرٍ لمَّـا استخفَ وسيطرا
وآخرُ أردتْهُ المنيَّةُ فارتمى=على ركنِه المنهارِ إذ باتَ لايرى
ولم يبقَ إلا ما جناه من الأذى=حكايا من اللعناتِ لن تتغيَّرا
ولمَّـا يقمْ للظلمِ والغيِّ منهجٌ=وكيف !! وقد راموه دينًا مزوَّرا
وليس له في الفضلِ باعٌ و دولةٌ=تعيشُ وتبقى للمآثرِ محورا
ومنهجُنا القرآنُ دستورُ رحمةٍ=إلهيةٍ أغنى الأنامَ وبشَّرا
يمرُّ علينا بالأمان صباحُه=ويملأُ في الإمساءِ دنياه عنبرا
ولكنَّنا عميٌ ، وشعبٌ مغفَّلٌ=وقد رضيَ الأوهامَ يأكلُها الكرى
ويبتهلُ الأبرارُ في موسم الرضا=ويدعون ربًّا بالإجابةِ أجدرا
وفي صدقِهم تخطو البشائرُ حُلوةً=عليها ضراعاتُ القلوبِ كما ترى
فإنَّ هدى الإسلامِ ينقذُ أمَّةً=ومن نورِه نورُ الفلاحِ تحدَّرا
فيا أُمَّتي هبِّي وعودي عزيزةً=فقد ظهرَ الصبحُ النديُّ وأسفرا
ويا أُمتي أين الربيعُ يضمُّنا ؟!=وأين رفيفُ الأنسِ يحيي جنى الثَّرى ؟!
تبيعينني دارًا يهدِّمُها الأسى=وتمتلكين اليومَ قلبي مدمَّرا !!
فما أنا إلا من بنيك تناثروا=فلستُ لها أبني ولستُ مخيَّرا
سفحْتُ صِبايَ الحُلوَ في حمأةِ العنا=فجرَّ أمانيَّ العِذابَ إلى ورا !!
وما زلتُ والأوجاعُ تنهشُ مهجتي= أجوبُ دجاها قد أضرَّ بيَ السُّرى
وأرقبُ فضلَ اللهِ في تيهِ حسرتي=وأسألُه الصَّبرَ الجميلَ لِمـا عرا
فما مات َفي قلبي الرجاءُ ولا ونى=لساني فشدوي باتَ عنه معبِّرا
وإني وإن عاثَ اليبابُ بأعيني=لأبصرُ رغمَ الكربِ مسعايَ أخضرا
تهادى محيَّاهُ البسيمُ مبلَّجًا=ففاضت حنايا النفسِ مسكا وعنبرا
***= ***
يطوفُ ببيداءِ الشعوبِ سحابُنا=فأحيا بما يهمي الهدى مَنْ تبصَّرا
ورفَّتْ أمانٍ لم يكنْ ظلُّ زهوِها=على الأرضِ لولا مَنْ أهابَ وحذَّرا
وأنبتت الآياتُ جنَّتِ عـزَّةٍ=بأفيائها خطوُ العلى ما تعثَّرا
وأغنى ذوي الإيمانِ وعدُ نبيِّهم=فأزهرَ حقلٌ لليقينِ وأثمرا
ولم يبقَ للطغيانِ والكفرِ من يـدٍ=تطوِّقُ أعناقًا ، وجورٍ تبخترا
تمرغَ طاغوتٌ بأيدي عصابةٍ=رعى سعيَها ربُّ السماءِ و أظهرا
وهبَّت بمرماها الرياحُ رخيَّةً=وجندلت الفرسانُ كسرى و قيصرا
وما باتَ في الذلِّ المقيمِ سوى فتىً=نأى عن حياضِ النورِ جهلا وأدبرا
ومن كلِّ إنسيٍّ مَريدٍ تخالُه=يعيشُ كوحشٍ في الفلاةِ تنمَّرا
ومن كلِّ دجَّالٍ مشتْ في رِكابِه=فلولُ رعاعٍ ليس تدري بما جرى
كأنَّهُمُ الصُّمُّ الذين تحدَّروا=على سفحِ بغيٍ للحنيفِ تنكَّرا
ودانتْ لسلطانِ السماءِ يـدُ الحِجَى=فما شطَّ ناديها البصيرُ وغيَّرا
وأشرقَ من خلفِ الدروبِ صباحُنا=يبدِّدُ ما الليلُ المعربدُ ثرثرا
فهذا ( بلالٌ ) فوقَ قِمَّةِ مجدِه=مع الفجرِ نادى للفلاحِ و كبَّرا
وهذي الصَّحارى بالميرَّاتِ أمرعتْ=وجاءَ مُناها بالهناءِ مبكِّرا
وأغفتْ قبيلَ الفتحِ في حلم على=نداءِ خلاصٍ ـ بالشَّريعةِ ـ عُبِّرا
تلفَّتَ حولَ الغارِ والنُّورُ غامرٌ=وما هي إلا أن أفاقَ فأبصرا
وألفى ببيتِ اللهِ صوتَ محمَّدٍ=وقد هـدَّ بالحقِّ الضلالَ و دمَّرا
ونُكِّست الأوثانُ واللهُ قادرٌ=وهانَ أبو جهلٍ ، وبالذلِّ عُفِّرا
وماتَ كفرعون الأثيمِ معاندًا=تعالى على أهلِِ الهدى وتجبَّـرا
فكم ضاقَ ذرعًا بالحنيفِ وأهلِه=وكم أرخصَ الغالي النفيسَ وغرَّرا
وما هي إلا جولةٌ وتنهنهتْ=قوى البغيِ ، والعادي الغشومُ تعثَّرا
لقد سئمتْ دنياهُ منه وأُهلكتْ=نفوسٌ تولاَّها الشَّقاءُ فأعسرا
وفطرةُ ربِّي ليس يُطوَى جلالُها=وإن عصفَ الإلحادُ في الخلقِ أو عرا
ولا تتَّقي عضَّ العمى غيرُ أمَّةٍ=تجانبُ ما ألقى الفسادُ وشرشرا
فليستْ ترى إلا الشريعةَ منهجًا=وغيرُ الهدى للناسِ في السَّيرِ أخَّرا
وما أوفت العهدَ الوثيقَ بحقبةٍ=مع اللهِ إلا مجدُها قد تصدَّرا
وما أدبرتْ عن جنَّةِ البِرِّ أنفسٌ=بعهدٍ مضى إلا هواها تكدَّرا
فدونك فابْنَيْ من ملاهيكِ قوةً=على الأرض تلقَيْ مابنيتِ مبعثرا
وكلُّ حضاراتِ الشعوبِ سفاهةٌ=إذا لـم تُقِمْ للدِّينِ والحقِّ منبرا
***= ***
رأيْتُ الذين اليومَ جابوا فضاءَنا=بمحضِ صناعاتٍ وعقلٍ تبحَّرا
يتيهون عن نفحِ السَّعادةِ ، فابتنوا=لهم من لظى الأهواءِ صرحا تفجَّرا
ولم أرَ أوهى من بيوتِ ضلالِهم=ولستُ أرى إلا أخسَّ وأحقرا
يعيشون !! لاأدري أللنفسِ والهوى=أم العيشُ ماباهوا به الغيَّ منكرا
وما قيمةُ العيشِ المنغَّصِ بالأسى=إذا ارتادُ أهلوه الفضاءَ كما نرى !!
( نعيشُ ونفنى ) من صناعةِ كفرِهم=وليسَ لهم فيها الهدى حيثُ أُكبرا
ولكنَّنا نحيا ، ونحيي قلوبَنا=ولا نرتضي إلا الفضائلَ معبرا
ونعلمُ من وحيِ الرسالاتِ أننا=سنُبعثُ يومًا كي نعودَ ونُحشرا
ونحيا حياةَ الخلدِ في دارِ ربِّنا=ونلقى الذي في الأرضِ كان مؤخَّرا
***= ***
بغيرِ هدى الإسلامِ نشقى وننحني=أمامَ هوى مازالَ يدعو لنكفرا
دهتنا من الأوجاعِ ألفُ مصيبةٍ=بها وهجُ الإيذاءِ في العيشِ أسفرا
وخاضت دياجيرَ الكآبةِ أمةًٌ=فكلُّ فؤادٍ مؤمنٍ قد تضوَّرا
بعصرٍ عبوسٍ قمطريرٍ وذي أذى=تمطَّى وشدقاهُ المريبانِ أفغرا
ويومئُ فتَّانًا ، ويبدعُ زيفَه=وخلفَ خطاهُ مَن أجادَ و دبَّرا
زمانٌ تشبَّثنا بوهنِ حبالِه=وعيشٌ به قد عربدَ البؤسُ أغبرا
فكم مرَّغَ الأعداءُ فيه شموخَنَا=وكم روحُ زهوِ المجدِ بالهونِ سُمِّرا
وحشْدُ الملايين التي طابَ عيشُها=على زخرفٍ منه السَّرابُ تخيَّرا
تنامُ على جفنِ الرزايا كأنَّها=عصافيرُ تخشى أن تطيرَ وتنفرا !!
وتأكلُ من كفِّ الضياعِ شهيَّه=كأنَّ جواها ما أحسَّ ولا درى !!
وهاجتْه نزْواتُ الميوعةِ فاجتدى=لها سلوةً ضمَّت هواهم مؤجَّرا
فإصباحُهم نومٌ ، وإمساؤُهم هوى=وما ناءَ من هـمٍّ أناخَ وأثَّرا
وماهو إلا صورةٌ فيه أظهرتْ=خبايا قلوبٍ للملايين أعصُرا
توارى محيَّانا الأصيلُ بلهونا=ولم نبصر العادي علينا تسوَّرا
ورِقَّةُ أبرادِ الهوانِ مهادُها=مهينٌ ، ولم يُبصرْ بها مَنْ تدبَّرا
ودغدغةُ الريبِ البغيضِ من العدا=هي الذلُّ من ضعفِ النفوسِ تحدَّرا
لقد راعنا ما خبَّأَ الغربُ ، واكتوى=بجمرِ عُتاةِ الشرقِ شعبٌ تدمَّرا
فهاتِ لعينيكَ المصابيحَ مـرَّةً=وأبعدْ دجى تيهٍ عليها تحجَّرا
ترَ الدَّمَ فوَّارًا ، وقلبَك مترعًا=بأشواكِ رزءٍ قد أصابك مَنحَرَا
يثيرُ الأساطيرَ التي طارَ ذكرُها=بقصَّةِ شعبٍ ما صحـا أو تذكَّرا
وما ضاقَ ذرعًا بالجراحِ سخينةً=وما لانَ قلبًا أو ضميرًا تفطَّرا
أذاقَ أعادينا بنينا مرارةً=ونمضغُها حُلوًا يطيبُ وسكَّرا !!
فكيف وقد هبَّتْ شعوبٌ ومزَّقتْ=ثيابَ توانيها ، ونحن كما ترى !!
وبين يدينا من مثاني خلاصِنا=أضاءَ ليالينا هُداها وأسفرا
فلم يكُ من ضيقٍ يلفُّ صدورَنا=ولا الموكبُ الأعلى بزحفٍ تعثَّرا
تناسى بنو الإسلامِ في زخمِ الهوى=رفيفَ شذى الأسحارِ حيثُ تعطَّرا
وناموا ولم يستيقظوا من سباتِهم=وما هجعَ الأتقى بها و تدثَّرا
إذا أومأت دنيا الملاهي لأهلها=رأيتَ فتى الإسلامِ للذكرِ شمَّرا
وناجى بديعَ الكائناتِ تبتُّلا=ليحظى بقربٍ من رضاه ويشكرا
ومن دَرَنِ الآثامِ يغسلُ روحَه=بنورِ الرضا عبدًا تقيًّا مطهَّرا
وما فتنتْه الغانياتُ ولا الغنى=وما نالَ منه اللهوُ إثمًا و منكرا
فحبُّ إلهِ العرشِ طارَ بلبِّه=على رفرفِ التقوى ، وللنفسِ حرَّرا
تسامى عن الأدنى ، ولذَّةِ ساعةٍ=وحنَّ إلى الفردوسِ شوقًا فبكَّرا
كستْهُ يدُ التوحيدِ ثوبًا جناحُه=يسابقُ بالروحِ الطهورِ بني الورى
وربَّاهُ هديُ المصطفى ، فسلوكُه=عليه سماويٌّ ، ولا هو قصَّرا
ففيمَ التَّواني عن معارج رفعةٍ ؟=وفيمَ الصُّدودُ المرُّ ، فالنأيُ غيَّرا
ألم ينكأ القلبَ النؤومَ حنينُه ؟=أما مـلَّ من طولِ الجفا وتضجَّرا ؟
ألم يأنِ للروحِ السجينِ انطلاقُه ؟=ألم تغلب الأشواقُ رفرفةَ الكرى ؟
أما هيَّجتْ للنفسِ قرَّةُ أعينٍ=أعُدَّتْ لأربابِ المنازلِ أغيرا ؟
ومن زمرٍ يأتون جنَّةَ ربِّهم=لكي يردوا حوضا مصفَّى وكوثرا ؟
وأبوابُها مابين هجرٍ ومكَّةٍ=وأشجارُها طابتْ ثمارًا ومنظرا
وفيها ويا حُسْنَ المآبِ زيادةٌ=مجاورة الرحمنِ أعظمُ مظهرا
إذا كشفَ اللهُ الحجابَ تنعَّموا=وطابَ هواهم بالنعيمِ تخيُّرا
فأيُّ هوىً من بعدِ ذلك خِدنُه=يعيشُ عليه حيثُ قارفَ منكرا ؟!
معانٍ سرتْ في روحِ أُمتِنا فما=تدنَّى لها سِفرٌ ، ولا المجدُ أُقبرا
وأعطتْ ذرا العلياءِ نورًا وبهجةً=وأهدتْ إلى الدنيا الرخاءَ مُنشَّرا
ولم تُبقِ من شوكِ الأذى في طريقِها=فهل لعدوِّ الدينِ أن يتذكرا !!
تفيضُ مغانيها أريجا وبلسمًا=فيابؤسَ مَن جافى شذاها وأدبرا
أليس الهدى للعالمين غِراسُه ؟!=فما للأفاعي تقطعُ النَّبتَ أخضرا ؟!
وما للطغاةِ الظالمين تناهشوا=جناه ، وأغروا بالبيادرِ عسكرا ؟؟
هنالك قد عانى الكرامُ وأُقحمتْ=يـدُ العارِ فيها مَن طغى وتجبَّرا
فموتي ، فما من غيرةٍ تدفعُ العدا=وقد بُحَّ صوتُ المنذرين وأخطرا
فما العيشُ في هذا اليبابِ بمثمرٍ=ولكنَّه بالنورِ والفضلِ أثمرا
سحابُك ياقرآنُ خيرٌ و رحمةٌ=وفيه ربيعٌ بالمآثرِ أسفرا
فإنْ هي آبتْ للهدى وجدتْ به=فلاحًا أتى للصَّالحين وعبهرا
***= ***
رسولَ الهدى من فيضِ بِرِّكَ أستقي=وأرقبُ فضلَ اللهِ نصرا مؤزَّرا
لأُمتِك : الإسلامُ مازالَ دينَها=وإن باتَ ممشاها الوئيدُ مبعثرا
لغيرِ إلهي لن أبثَّ شكايتي=إذا الهمُّ أعياني أذاهُ لأجأرا
وقلبي جرى فيه الحنينُ ، وأضلعي=يضجُّ بها شوقي الطروبُ مُسَعَّرا
يمزِّقُ من حُجْبٍ ، ويهفو لومضةٍ=وأعلمُ أنَّ الأمرَ كانَ مقدَّرا
أتيتُ إلى حيِّ المبراتِ مجهدًا=أسوقُ رحالي شطرَ ظلِّك مُؤثِرا
أناجيكَ ياربي ، وأذرفُ أدمعًا=كساها على جفنيَّ هـمٌّ قد اعترى
شريعتُكَ الغراءُ ياخالقَ الورى=أمانٌ بها والخيرُ منها تفجَّرا
أتانا بها خيرُ النَّبيين رحمةً=بمنهجِها حالُ الشعوبِ تغيَّرا
بوجهِ أبي الزهراءِ تُسقَى مرابعٌ=وبالسُّنةِ الغرَّاءِ حالٌ تغيَّرا
وأنقذَ نورُ اللهِ بالشرعِ أُمَّـةً=وأعلى لها البنيانَ إذ طابَ منظرا
وجاءَ إلى الدنيا برحمةِ بارئٍ=وللناسِ بالنهجِ القويمِ مبشِّرا
وينجو بآياتِ الكتابِ من اهتدى=ويلقى الذي يأبى الهدى ما تسعَّرا
رسول الهدى أنت الحفيُّ بأمةٍ=بوصفِكَ خلاَّقُ البريَّةِ أخبرا
دعوْتَ ولم تنشدْ لنفسِك راحةً=وأُوذيتَ منهم كي تكلَّ وتُقهرا
فكنتَ بهم بـرًّا رؤوفًا وصابرًا=وأعظمُ مَنْ يبني العلى مَن تصبَّرا
ولم تألُ جهدًا في تتبُّعِ خيرِهم=لتجعلَ بالإسلامِ حقلاً مُنَضَّرا
وحذَّرْتَهم غيَّ العصورِ تتابعتْ=وخوفًا على الإسلامِ أن يتبعثرا
ولكنَّهم ألقوا لغيٍّ قيادَهم=فعزمُ الأُلى الأبرارِ فيهم تعثَّرا
فهاهم على عزفِ القيانِ تحلقوا=وجلُّهُمُ بالموبقاتِ تدثَّرا ؟!
فما للشبابِ اليومَ هانَ لشهوةٍ ؟!=وفيمَ أخو الشَّيبِ الحليمُ تهوَّرا ؟!
فياسيِّدي ياخيرَ مَنْ طلعَ الضحى=عليه ، وعذري أن أقولَ وأنهَرَا
محجَّتُكَ البيضاءُ فينا ضياؤُها=خبا ، وهُدى الرحمنِ ما باتَ آمرا
ولم تَـرَ فينا غيرَ مَنْ نامَ أو ونى=ومَنْ شذَّ عن شرعِ الهدى وتنكَّرا
ولولا رجالٌ يحفظون عهودَهم=لأمسى علانا كالبسابسِ مقفرا
تداعى علينا مثلما قلْتَ عالَمٌ=أتى لدمارِ المسلمين مُغَرَّرا
ونحن شتاتٌ ليس تجمعُنا يـدٌ=سناها يلمُّ الشَّملَ في ظُلَمِ السُّرى
وطالَ بنا عيشُ الهوانِ ، تلمُّنا=يـدُ البؤسِ مفجوعين كي نتذكَّرا !!
لعلَّ قلوبًا غرَّها الزيفُ ترعوي=وأنفسَ مَنْ ضلُّوا ترى الحقَّ معبرا
لكي يملأَ الإسلامُ عزةَ قومِنا=فخارا ، وكي يُطوَى الفسادُ ويقصرا
فهذا صريخُ النائباتِ نحيبُه=بأربُعِنا قد جاءَ بالكربِ مُحضرا
وقد أنهكتْهُ النازلاتُ فلا ترى=له جسدًا إلا وأصبحَ مغبرا !!
يقول : متى ياقومُ تستيقنونها=لياليَ فتحٍ فجرُها هلَّ أنورا !!
فقوموا إلى بشرى نبيِّكم الذي=أتانا فقد جلَّ المصابُ وعسكرا
إذا هبَّ بالإسلامِ شعبي فإنه=يزحزحُ عن وجهِ النهوضِ يـدَ الكرى
ويضرمُ في ساحِ الجهادِ مواقدًا=تنيرُ طريقًا للخلاصِ تبصَّرا
ويحشدُ في أرضِ الملاحمِ موكبًا=ينالُ به نصرا عزيزا مؤزَّرا
ويرفعُ راياتٍ يكبِّرُ جندُها=وينصرُ ربُّ العرشِ جيشًا مُكبِّرا
هو الركبُ بالإيمانِ تقوى زحوفُه=فليست تخافُ النَّقعَ جمرًا تسعَّرا
فقد مضت الأحقابُ والناسُ نُوَّمٌ=ولم يكُ حصنُ النائمين مسوَّرا
وما كان يدري الشعبُ ماحيكَ حولَه=من الكيد في غفلاتِه وتدبَّرا
فألقى لأعداءِ الشريعةِ رِسْنَه=فبيعَ بأسواق العدا لمَن اشترى
وتاهَ بنوه الغافلون بلا هدى=وعادوا إلى كهفِ المهالكِ قهقرى
ولاذوا بأحزابٍ تطاولَ غيُّها=فوجهُ علاهم من أذاها تذمَّرا
فياربِّ هيئ للشعوبِ خلاصَها=فسهمُ أعاديها رمى ما تأخَّرا
ويا أُمتي عودي إلى اللهِ كي تريْ=فلاحًا وإصلاحا وخيرًا منشَّرا
وقومي فهذا العصرُ للدين صحوةٌ=سناها لأسوارِ المظالمِ كَسَّرا
وذي دول الإلحادِ داست نعالُها=شيوعيةَ الأوغادِ والسجنُ دُمِّرا
وقدَّمت الآلافَ قتلى لسحقِها=نظامًا هواهُ للشعوبِ تنكَّرا
فكيف ينامُ المسلمون ، وحالُهم=على أرضِهم من نارِ كربٍ تبصَّرا
وفيهم كتابُ اللهِ يزجي بيانُه=فصيحَ المعاني إذْ أبانَ وكرَّرا
هو النورُ مَنْ وافاهُ عاشَ مكرَّما=وأحرزَ في الدارين فوزا ميسَّرا
***= ***
أَيُروَى شقيٌّ من حبورِ تراثِه=وباتَ العنا في ناظريه منفِّرا ؟؟
فمَنْ لتراثٍ يدفعُ الخِبُّ زهوَه=ويمسحُ عنه الرَّانَ أو ماقد اعترى
حداثتُهم ريبٌ ، وحربٌ على الهدى=فثوبُ تباهيها تراهُ مقوَّرا
أتانا بها من كلِّ حدبٍ مغفَّلٌ=خبيثُ النَّوايا ، حيثُ حلَّ مكشِّرا
فإنْ ردَّه ليثٌ تراهُ مجندلاً=وتلمحَ وجهَ السُّوءِ أغبرَ أصفرا
لقد فلسفوا للناسِ زيفَ تغرُّبٍ=ودافوهُ سمًّا في حواشيه مضمرا
يباهون بالآتي الجديدِ ، ولم يكنْ= ـ وقد جهلوا ــ إلا أخسَّ وأقذرا
وميزانُنا شرعُ العليمِ بخلقِه=و واقعُنا هذا الذي قد تفطَّرا
فهلاَّ سألتُم عن جهابذةٍ رأوا=بميدانِ زيفِ الفنِّ خيرا تصدَّرا
فهاتوا لنا مايصلحُ الأمرَ عنهمُ=لنلقى به دربَ الخلاصِ بِلا مِرا
وهل عندكم عقلٌ فدتْه عقولُهم=بمنوالِه نسجٌ نراهُ مشيَّرا !!
وهل عندهم روحٌ يردُّ أذى العِدا=ويهفو إلى نقعِ الطعانِ غضنفرا !!
ويحيا نقيًّا بالوفاءِ وبالتُّقى=ويبني لنا حصنا حصينا مجدَّرا
ويهتكُ سترَ المارقين ، ومن تُرى=عليه أماراتُ الدهاءِ مزوِّرا !!
وهل عندهم أغلى وأحلى من الهدى=وأسمى من القرآنِ قولا وجوهرا !!
نحنُّ إلى وجهٍ كوجهِ جدودِنا=على وجنتيه النُّورُ فاضَ مُنَشَّرا
وتجملُ أسفارَ المآثرِ كفُّه=ويملأُ دنيانا القشيبةَ عنبرا
ويسمعُنا صوتًا صداهُ بمهجةٍ=على الزمنِ المفجوعِ صاحَ وأخبرا
فإنَّا نحبُّ الخيرَ للناسِ كلِّهم=ولا عاشَ مَنْ لم يكرم الناسَ خيِّرا
أحبُّ الورى أبناءُ جلدتنا لنا=عسانا بهم نلقى الودادَ مؤثِّرا
ونطوي معًا ذوْبَ الكآبةِ والجفا=ونحيي بعينينا التسامحَ نيِّرا
وندركُ بالتقوى الفلاحَ ، فإنَّه=كفانا الذي غنَّى الفسادَ وثرثرا
***= ***
سيأتي بأنفاسِ الربيعِ نهارُنا=ويخضلُّ في وجهِ البشائرِ مسفرا
تفحُّ حواليْه الأفاعي ، وكم عدا=على حقلِه الفينانِ أفعى مصفِّرا
وهاهي حامتْ والملمَّاتُ سمُّها=يساقي ليالينا الطويلةَ أكدرا
وكم لدغتْ قلبًا بقاتلِ نابِها=وما انقلبتْ إلا و شُلَّ معفَّرا
مدى شرعنا مجدٌ بهيٌّ و نعمةٌ=جرتْ من بطونِ الغيبِ في الأرضِ أنهُرا
لنا الألقُ الممراحُ في بسماتِه=يرفُّ اندياحُ الخيرُ حيثُ تحدَّرا
ومن أزلٍ أعيا الطغاةَ شعاعُه=فما ردَّه عادٍ ، وما كانَ أقدرا
وأقعدَ طاغوتا ، ودمَّرَ باغيًا=وأخرسَ قوَّالاً ، وأطفأ محجرا
ولم يبقَ إلا صوتُه ورفيفُه=يطمئن مَن يرضى الشريعةَ مبصرا
وما هي أحلامٌ على جفنِ واهمٍ=لها وجدَ الرّاَؤون يوما مبر را
ولكنَّها عينُ الحقيقةِ مثلما= نراها كنورِ الشمسِ تسطعُ في الورى
ويسمعُها النَّائي نشيدا مقدسًا=يرنُّ صداهُ في السهولِ وفي الذرى
ضحوكُ محيَّاها لدائك بلسمٌ=وجنَّتُها تغني التَّذوُّقَ سُكَّرا
أكبَّ عليها الأكرمون فأغدقتْ=وكلُّ فقيرٍ جاءَها باتَ موسرا
كساها الذي سوَّى وأبدعَ صنعَه=جلالا به كانتْ أحقَّ وأجدرا
ولمَّا تزل بالمكرُماتِ غنيَّةً=وللخيرِ مازالتْ بعيشِك محورا
رويدك لاتركنْ لزخرفِ فتنةٍ=ولا لسرابٍ لاحَ في الدربِ نيِّرا
فلم تبقَ زيناتُ المتاعِ إلى غدٍ=ولن تجدَ الهفهافَ منها مذخَّرا
أضاعتْ سُويعاتٍ ، وغابَ وميضُها=و ولَّى بأهدابِ المسرةِ مدبرا
كُوى السجنِ لايجدي السجينَ شعاعُها=وخلفَ الكُوى أُفقٌ يراهُ منوَّرا
وهل يجحدُ الفضلَ الوثيرَ أخو الحِجى =وهل يغلقُ البابَ المقدَّسَ مَنْ يرى ؟
أفاضَ النَّدى دينُ النبيِّ محمَّدٍ=وأغنى هُداهُ الناسَ لم يكُ مُنظَرَا
فطابَ لذي التقوى ، ولانَ لذي العلى=وأضحى بحقلِ العاملين ميسَّرا
و دولتُه أعطتْ عدالةَ حكمِها=شعوبًا طوتْ بالحقِّ كسرى وقيصرا
وأرخى جناحيه الشَّديدُ بظلِّها=وللحقِّ بالإذعانِ جاءَ ليُعذَرا
وما هجمَ الذئبُ الجسورُ على القرى=وما أبصرتْ عينٌ غرابًا تنسَّرا
تآخت على الإسلامِ أنفُسُ أُمَّةٍ=وألقتْ مُدى البغيِ الذي صارَ منكرا
فسبحانَ مَنْ يهدي لرحمةِ نهجِه=بلادا و قومًا فاصطفاهم وآثرا
فما لشعوبِ المسلمين تبدَّدتْ=قُواها وأرداها الشَّقاءُ مدمِّرا !!
وأخوتْ على مُـرِّ المصابِ نفوسُها=وكان لها الفتحُ المبينُ ميسَّرا
ألم تكُ في ( بدرٍ ) مؤيَّدةً لها=من اللهِ إمدادٌ أتى ما تأخَّرا ؟!
فألقتْ على قعرِ القليبِ طغاتَهم=وهدَّمَ جندُ اللهِ بالنصرِ خيبرا
وطافَ الهدى أرضَ الأنامِ بنورِه=فلم يُبقِ إظلامًا ، ولم يَنسَ معسرا
فأين الرجالُ الصِّيدُ في أمةِ أتتْ=تعيدُ ظلامَ الكونِ للناسِ مقمرا ؟؟
وإنا وإن جاسَ الغزاةُ ديارَنا=وهاجوا فإنا لن نضلَّ ونكفرَا
ستبقى على الدينِ الحنيفِ جموعُنا=ولا ترتضي نهجًا سقيمًا مزوَّرا
فلسنا من الناسِ الذين تهوَّدوا=بفكرٍ إباحيٍّ ولن نتنصَّرا
لنا في سماءِ الفكرِ أسمى مناهجٍ=وفوقَ الثرى أعلى المهيمنُ مشعرا
فكم طلعَ الفجرُ الوضيءُ بوجهِنا=يسبِّحُ خلاَّقَ الوجودِ مكبِّرا !!
وكم جادَ بستانُ الشريعةِ بالمنى=وأعطى فلم تلقَ الذي قد تضوَّرا !!
بكلِّ ميادين الفضائلِ كفُّه=تجودُ ويأتي بالعطايا مبكرا
وظِلُّ مآتيه الرخيَّةِ جنَّةٌ=وما كان ظلُّ الخيرِ فيها منفِّرا
لقد ماتَ في كهفِ المآسي دخانُهم=ونورُ المثاني لن يموتَ ويقبرا
تلألأَ في صدرِ الزمانِ حضارةً=سما عصرُها مجدا نديًّا معطَّرا
شهودُ مغانيها ، وإن قلَّ ذكرُهم=نراهم على عرشِ المفاخرِ حُضَّرا
وسوم: العدد 963