مهداة إلى الأستاذ الداعية / زهير سالم ... حفظه الله
مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية
( يُعهد للمهام العظام رجالٌ عظامٌ ، ولعل من أجل المهام التي تتحرَّى أمتنا سبلَ حملها ومعالجة مساراتها ، وهي العودة الواعية القويمة إلى دين الله تبارك وتعالى ، لكتابه الحكيم ولسُنَّة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم . ولقد هيَّأ الله تبارك وتعالى لهذا الدين من يحمله ويدعو إليه على بصيرة وبحكمة وثبات ، ليُردَّ آراء المفترين وأعداء هذا الدين أينما وجِدوا ، واينما اتجهوا . ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ هؤلاء الدعاة المصلحين المجاهدين في هذا العصر ، عصر الغُمة الكبرى والأهوال التي تهدد الناس أجمعين ) .
هوامش :
- أبو أسامة هو الدكتور الأديب الأريب عبدالله الطنطاوي وفقه الله رئيس رابطة أدباء الشام
- *أبـو محمود هو الأستاذ الأديب الشاعر الداعية محمد الحسناوي يرحمه الله
*مَثاب : مرجـع
- أقمار الأدب الإسلامي : إشارة إلى القصيدة المنشورة في موقع الرابطة بهذا العنوان
*******************************
وهذه قصيدة : ( أقمار الأدب الإسلامي ) وقد نشرت في الموقع منذ بضعة سنوات وفيهــا :
أقمار الأدب الإسلامي
إلى الأخَوَين الأديبين الكريمين الصابرين المحتَسبَين أبي أسامة الأستاذ عبدالله الطنطاوي ، وأبي محمود الأستاذ محمد الحسناوي يحفظهما الله . وإلى جميع هذه الأقمار المتلألئة في سماء الأدب الإسلامي ، وهي تنشر أنوار القيم الإسلامية في جنبات هذه الأرض ، وإلى كل الصابرين المحتسبين الذين يعيشون لدين ربهم بقلوبهم وأفكارهم ، ومَن عاش لله فإنه قويٌّ ، قويٌّ جدا ، وحياتُه برهان على صدق ولائه لله ، بطاقاته ومشاعره و وعيه ، وإنَّ أداءَه هو هُويتُه التي يتميز بها ، وحضوره الذي يتخطى به الشبهات والنفاق والارتزاق ، فكيف وقد ألزمَ هؤلاء القوم هممَهم وأقلامَهم لنصرة الذين أُخرجُوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.
********************************
وبعد وفاة الأخ الحبيب الأديب الداعية الأستاذ / محمد الحسناوي ــ يرحمه الله ــ كانت هذه القصيدة :
{ أخي يا أبا محمود ... }
إلى روح فقيدنا الغالي في جنات الخلود إن شاء الله
الداعية المجاهد المجالد محمد الحسناوي
صحيحُ القولِ عندك لايُشَابُ = ولـم يلحقْ بقارئـه اكتئابُ
أتى في غـمرِ سكرتِهم خطابًـا = فماجَ المكرُ وافتُضِحَ السَّرابُ
وترفلُ بالرشادِ تردُّ عنهم = فسادَ الرأيِ يقصيه الصَّوابُ
فيُسفرُ ( يازهيرُ ) نِـداكَ عمَّـا = بنورِ الكَلْمِ زينتُه الُّلبابُ
وكم أفصحْتَ عن قيمٍ حِسانٍ = زهتْ حللا بدنياها الرِّغابُ
جنتْ من خيرِهـا رغباتُ قومي = وقد أرغى بِدُرِهم المصابُ
ولكنْ ما أتى وبما تجلَّى = أعادَ عزائمَ الصِّيدِ الوِثابُ
رعـاك اللهُ فــذًّا في بيانٍ = بموقعِنا الكريمِ لـه انتدابُ
سيُؤتي في الغـدِ الأسمى ثمارًا = يجودُ لسقيهـا هذا السَّحابُ
لقد عاينْتَ نكبتَنا وفيهـا = نوازلُهـا البغيضةُ والصِّعابُ
وتاهتْ في فيافيهـا نفوسٌ = وضلَّتْ في فيافيهـا رِكابُ
لعمركَ يافتى الفتيانِ ألفتْ = نعيبًـا لم يغادرْهُ الغرابُ
وينعبُ في صباحٍ أو مساءٍ = فللآناءَ شجوٌ واضطرابُ
وللكيدِ التفافٌ أو نفاقٌ = وللأوغادِ في ذَيْنِ انتسابُ
ولكنَّـا ورثناهـا متونًـا = يُجدِّدُ عهدَهـا فينا الكتابُ
مثانيه الأثيرةُ لـم تزدْنا = سوى عـزٍّ ، وَهُـم واللهِ خابوا
وبشرى سُنَّةِ الهادي حَبَتْنَـا = ثباتَـا لـم يزلزلْهُ الغِلابُ
وقد باءتْ مثالبُهم وردَّتْ = مخازيهـا العقيدةُ والشَّبابُ
وما كانت لأمَّتِنا لترضى = مساوئَ كلُّ زخرفِهـا مٌعـابُ
هـو الدينُ الحنيفُ وليس يُبقي = لشانئِه هـوىً قلـه التَّبابُ
ولمَّـا يلحقِ الأفذاذَ عُقــمٌ = ولـم يُغلقْ بموجهِ الفتحِ بابُ
وإن غابتْ لنا شمسٌ فأبشِرْ = فإنَّ لنورِ دعوتِنـا إيابُ
فـلا تُحْزنْكَ أهوالٌ جِسامٌ = ولا إنْ في الربا عوتِ الذئابُ
فليس لأُمَّتـي موتٌ ولكنْ = هـو البتَّـارُ يُخفيه القِـرابُ
لهـا المجدُ الرفيعُ وليس يفنى = فقد أعلى دعائمَه الصِّحابُ
وقد سادوا البريَّةَ بالسَّجايا = وطلعتُهم إذا هلُّـوا تُهـابُ
أما آبتْ شعوبٌ من دجاها = وقد جاء الصَّباحُ المستطابُ
وجاءتْ أمَّـةُ الهادي بخيـرٍ = فبشَّتْ من أطايبِه الرحـابُ
لهـا الحسبُ الكريمُ إلى نَبِيٍّ = فلم يطمسْ محاسنَهـا حجابُ
وفيهـا للهدى في كلِّ عصرٍ = دعاةٌ إن أفادونا أصابـوا
لهم في كلِّ معضلةٍ فتاوى = ومن لألائهـا يأتي الجوابُ
نسجتَ أيا ( زهيرُ ) لهـا طرازًا = على منواله فلـكَ الثَّوابُ
ألا سلمَتْ يمينُك أفحَمَتْهُم = ففي أحنائهم منها التهابُ
وأكرمْتَ الحروفَ فليس ترضى = بنصٍّ ما لفاسدِه اجتذابُ
فللسفهاءِ منهم حيثُ قالوا = نقيقُ ضُفَيْدِعٍ فلـه اجتنابُ
وما إعلامُهم إلا هراء = وهـل يُلفَى لجعجعةٍ عُبابُ !
دعوناهم إلى دينٍ قويمٍ = فما أصغوا إليه ولا استجابوا
وقد بذلوهُ وهمًــا وافتراءً = ففي إعلامِهـم هذا كِذابُ
فدونك أيُّهـا الأرقى بيانًـا = مدارج للسموِ لهـا صِحابُ
وقـلْ للمفترين غدًا سيُلفَى = لمَن كتبوا ثوابٌ أو عقابُ !
فليس اللفظُ يُنسَى أو يُوارَى = بيومٍ فيه للجـاني كتابُ
وإنْ ذُكرَ الفخـارُ ففي يدينا = مثاني ليس يعروهـا التَّبابُ
وقد مرَّتْ قرونٌ شاهدات = بأنَّ الزُّورَ للحقِّ اغتصابُ
وهذا ( الموقعُ ) الأعلى مكانًـا = لنـا عن غيره اليومَ انقضابُ
فللقيمِ الحِسانِ له اهتمامٌ = ومن أُفُقِ السُّمُوِّ لـه اقترابُ
رعتْهُ أناملُ الأفذاذِ فانظرْ = فللزلاتِ بُعْدٌ واجتنابُ
وما التيجانُ إنْ لـم ينتشلْها = رضـا الرحمنِ يركسُها اعتصابُ
وليس لخدعـةِ الزيناتِ شأوٌ = وليس لبهجةِ الكَلِمِ احتجابُ
مغالطةُ التهارشِ في تبارٍ = وليس لأهلها إلا التَّبابُ
فعِشْ بربيعِ بستانٍ ظليلٍ = تنلْ مـا لا يُبدَّدُ أو يُعـابُ
فكم ( لأبي أسامة ) من مقالٍ = يُـزالُ به التباسٌ وارتيابُ (1)
وجـرَّدَ حـرفَه الميمونَ يُرمي = كسهمٍ إذ يُصيبُ ولا يُصابُ
بنهجِ هدايةٍ وقويمِ فكــرٍ =وللأعـداء عن فضلٍ حجابُ
وقبلَ اليومِ أتحَفَنَا أخوه = ( أبومحمود ) حُجَّتُـه مَثابُ (2)
وغادرَ هذه الدنيا ولكنْ = لـه إرثٌ محاسنُه الُّلبابُ
وأوردَ مَن أتاه فيوضَ شَهدٍ = لهـا حنَّتْ تباريـحٌ عِــذابُ
وغيرُهمـا من الأبرارِ جدُّوا = فبعضٌ بينَنا والبعضُ غـابـوا
وربِّي للأفاضلِ يجتبيهم = فللأطهـارِ إن رحلوا ثوابُ
هـمُ الأقمارُ للأدبِ المصفَّى = إذا كتبوا فيزدانُ الخطابُ (3)
ألـم تقرأْ مقالاتٍ تتالت = بموقعهم مقاصدَ لاتُـرابُ
يجدد من مآثرها ( زهيرٌ ) = فتخضعُ دونَ رفعتِهـا الرقابُ
مدير المركز العربيِّ وافى = فللأعمى وشانئه اكتئابُ
هو الصوتُ المجلجلُ ليس يخفى = ولا يلويه من حقدٍ غِضابُ
فـي سـمـاءِ الهدى لنا قمرانِ=وعـن الـخـيرِ ليسَ يفترقانِ
بـوركا مطلعا يفيضُ به الأُنسُ=بـدنـيـا تـمـوجُ بـالبطلانِ
لـم يـغيبا أو ينأيا عن مطافِ=حـفـظـتْـهُ عـنايةُ الرحمنِ
بـالـنجاوى وبالحديثِ المُصَفَّى=وبـبيضِ الرؤى وعذبِ الأماني
فـتأمَّلْ مسعاهُما : المجدُ يروي=صـفـحـاتِ الفخارِ والإيمانِ
لـم يـنوءا بحملها فعلى الدربِ=اسـتـعـادا عـزائـمَ الفرسانِ
ومـشـاهـا ( أبو أُسامة) شهمًا=رغـمَ عصفِ الإيذاءِ والطغيانِ
( وأبـو مـحمود) المغرِّدُ ماضٍ=وجـنـاحـاهُ رفـرفا بالتَّفاني
حـمـلا دعـوةَ الرسولِ فلانتْ=لـهـمـا أحرُفُ الولاءِ الباني
الأديـبـانِ بـين أيديهما الحِبْرُ=تـراءى بـطيبِ أغلى المعاني
فـتـثنَّتْ مرموقةَ الفكرِ تحكي=مـا بـنـفـسيهما من التحنانِ
وازدهتْ بالبرهانِ تدحضُ تلفيقَ=حـداثـيٍّ تـاهَ بـالـشـنـآنِ
لـهـمـا صهوةُ الجِلادِ أثارتْ=لـمـحـبِّـيـهما جُذى الفرقانِ
فـيدُ ( الطنطاوي ) تردُّ اختيالا=لأُولـي الزيفِ والهوى العريانِ
ويدُ ( الحسناوي ) تصوغُ عقودًا=فـوقَ جـيـدِ الأصالةِ المزدانِ
بـانطلاقاتِ إرثِنا شقَّتِ الظُّلمةَ=أنـوارُ عـزِّنـا الـضـحيانِ
دانـيـات قـطـوفُـها كلَّ آنٍ=ما أُحيلى الأثمارَ في البستانِ !!
مـالـه مـن تَـصَحُّرٍ أو بوارٍ=أو خـوى في تشرين أو نيسانِ
كـلُّ أيـامِـه ابـتـسامُ ربيعٍ=فـي افترارِ الأزهارِ والريحانِ
قـد سـقـتْه السماءُ ماءَ خلودٍ=فـتـبـدَّى النَّدى بعينِ الرَّاني
لـكما الفضلُ ، بعدَ فضلِ إلهي=فـاحـفـظـاهُ يا أيُّها الأخَوَانِ
هـو صـوتُ الـمجاهدين ِوهاهم=والـمُـلَـبِّـون دعوةَ القرآنِ
وصـدىً لـم يزلْ بوادي جُناةٍ=مـاوعـوا رفـعةَ الكريمِ البيانِ
إنَّ مَـنْ صاغَ حليةَ الأُمَّةِ اليومَ=بـمـيـثـاقِ ربِّـهـا الـدَّيانِ
لـيـس مثلَ الذي أتاها بزيفٍ=مـن وراءِ الـبـحارِ والخلجانِ
أدبٌ يـحـمـلُ الـولاءَ لدينٍ=يـتـحـدَّى ضـراوةَ الفيضانِ
لـم يـصـفِّـقْ لظالمٍ أو عميلٍ=أو يُـمـجِّـدْ حضارةَ الشيطانِ
أو يُسوِّقْ ضلالَ أهلِ المعاصي=أو يـجـنِّـدْ أهـلـيه للخذلانِ
أو رمـى زهوَ حقِّه تحتَ سوطٍ=بـأيـادي الـجـلادِ والسَّجَّانِ
حـسـبُـه اللهُ في مسيرةِ عسرٍ=بـيـن وهْـجِ الأحقادِ والنيرانِ
حاصرتْه الأرزاءُ من كلِّ صوبٍ=فـتـعـافى ، والحقُّ ليس بوانِ
بوركتْ بالقبولِ ( رابطةٌ ) تسمو =بـأمـجـادِ نـهـجِـها الرَّيَّانِ
أُدبـاء الـشآمِ : طوبى لركبٍ=بـالأهـازيـجِ عـذبة الألحانِ
فـي ثـنايا اتئادِها يمرحُ الشَّدوُ=بـأبـهـى وفـائـه الـهـتَّانِ
حـيـثُ يسقي من سلسلِ الشَّامِ=آمـادَ اغترابِ الأحبةِ الشجعانِ
حـين طالَ الفراقُ حنَّتْ قلوبٌ=لِّـلـيالي القمراءِ ، والأُنسُ دانِ
أُمسياتٌ لم يَجْفُ روعتَها النُّورُ.=ولا غـابَ عـن مدى الأجفانِ
بـالـلقاءاتِ والمساجدُ ضجَّتْ=بـجـلـيـلِ التهليلِ أوبالأذانِ
بـالجناحِ الجوَّابِ فوقَ اعتسافٍ=وبـقـلـبٍ ما لانَ في الميدانِ
ويـقـيـنٍ باللهِ لـم يـتزعزعْ=رغـم أعـتـى شراسةِ العدوانِ
وبـحـرفٍ مـا ثـارَ إلا لربٍّ=فـشـظـايـاهُ فـوقَ كلِّ لسانِ
أحـرقـوا حُـلـوَه بنارِ مرارٍ=فـتـلـوَّى كالمهلِ في الفورانِ
لـم يـهـمْ حـرفُنا الأبيُّ بوادٍ=ذي غـوايـاتِ خـسَّةٍ وهوانِ
أو بـدا فـارغًـا كقُبحِ كتاباتِ=فـنـونِ الإغـواءِ فـي إعلانِ
كـيـف لا تـخسرُ البلادُ رُقيًّا=وتـعـاني من وطأةِ الهذيانِ !!
ومـعـدُّو آدابِـهـا سـفـهاءٌ=مـالهم في سُموِّها من مكانِ !!
سـوَّقـوا التَّافهَ الرخيصَ لسوقٍ=لـيـس تشفي تضوُّرَ الجَوعانِ
وحـمـاهم أُولو المناصبِ جهلا=أو رجـاءَ امـتـداحـهِم بلسانِ
فأُصيبتْ تلك التجارةُ بالخسرانِ.=إذ خـابـتْ رغـبـةُ الـعُبدانِ
وإذا لـم يـكـنْ لمجدِك أصلٌ=فـتـرقَّـبْ تـداعـيَ الأركانِ
كم تهاوتْ عبرَ العصورِ صروحٌ=خـالـفـتْ ما يكونُ في البنيانِ
* * *=* * *
قـمـرانـا الـمؤمِلانِ امتدادا=لـمـزايـا نـشـيدِنا الرباني
أبـشـرا فـالـصباحُ لابدَّ آتٍ=والـظـلامُ الغشومُ جيشُ دخانِ
سـيـولِّـي عن الربوعِ وتأتي=عـزمـاتُ الشبابِ في الريعانِ
ويـوالـي الصَّدَّاحُ شدوَ أغانيه.=شـغـوفًـا بـالقفزِ والطيرانِ
ليس يرضى ترنيمةَ الفُحشِ يوما=أو تـراخـى لـدعوةِ الأخدانِ
أنـتـما و الآدابُ : غيبةُ مجدٍ=والـجـديـدان بـعدُ ينتظرانِ
نزلَ المصابُ ، فما عساها تصنعُ=حلبُ التي بفخارِ مثلِكَ تولعُ
أريافُها ، حاراتُها ، ندواتُها=أبناؤُها ــ لِلهمِّ ــ لم يتزعزعوا
والشامُ والأدباءُ في أكنافها=والعينُ من ثِقلِ المصيبةِ تدمعُ
مهجٌ بكتْ حزنا عليكَ ، ولم تزلْ=تأسى على مُـرِّ الفراقِ ، وتُفجَعُ
وتدفَّقتْ حرَّى ــ ينازعُها النَّوى=بين المحاجرِ في الظلامِ ــ الأدمعُ
يا أيها البطلُ الذي لم يثْنِهِ=في دربِه البأسُ الشديدُ الأفظعُ
قد عشتَ ربَّانيَّ قلبٍ عامرٍ=عن غيرِ هديِ محمَّدٍ r يتمنَّعُ
ونشأتَ والتقوى رداؤُكَ ، والعلا=بيمينِ سؤدُدِكَ المطرَّزِ طيِّعُ
ومآثر الإسلام مافارقتَها=وإلى مباسمِها البديعةِ تسرعُ
طوبى أبا محمود عشتَ عقيدةً=وبوصفِ رفعتِها مدادُكَ يبدعُ
بستانُكَ الإسلامُ ما غادرْتَه=فبظلِّه تغدو خطاكَ وترجعُ
وسمتْ ثقافتُكَ الأثيرةُ ، وانجلى=في أفقِها الأثرُ النَّديُّ الأروعُ
جاهدتَ طغيانَ الحداثةِ فارسًا=ميدانُك الأدبُ الرفيعُ الأمنعُ
ونسجتَها أسفارَ فكرِك حلَّةً=وسواك في تطريزها لايبرعُ
وفضحتَ ما يخفون من نزواتِهم=وقد انتصرْتَ وسيفُ فكرِكَ أقطعُ
سلمتْ يمينُك في الحياةِ ، ولم تزلْ=رغم الفراقِ لذي التَّفوقِ توسعُ
فارقتَنا وتركتَ روحَك حولنا=بسنى مزاياك الجميلةِ ترتعُ
ياربِّ : عبدُك قد أتاكَ مجاهدًا=ومجالدًا ، وهو الكميُّ الأشجعُ
آذتْهُ غربتُه الطويلةُ صابرًا=جَلِدًا ، وفي ديجورِها يسترجعُ !!
وأبى إباءَ المؤمنين لذلَّةٍ=أو بيعِ ما ضمَّتْ سناه الأضلُعُ
من حبِّ دينِك يا إلهي ، إنَّما=في حبِّه تصفو الحياةُ وتسجعُ
ومن اليقينِ بنصرِكَ الآتي ، وإن=جارَ الظلامُ المستبدُّ الأشنعُ
فأثبْهُ ياربي لديك مفازةً=فردوسُها الأعلى أجلُّ وأمتعُ
واحفظ بنيه وأسرةً قد هالها=جمرُ المصابُ ومنه قد تتوجَّعُ
والطفْ بهم في غربةٍ أكدارُها=بالمؤمنين ـ إلهَنا ـ تتنوَّعُ
كم من أخٍ فيها يغيِّبُه الردى=وأخٍ بأصنافِ الرزايا يُصفعُ !!
وأخٍ تبسَّمَ للمنيَّةِ مؤمنًا=ومن المصائبِ قبلها لايجزعُ
وأخٍ ـ على قِممِ المكارهِ والأذى=لم ينطفئْ قنديلُه ـ إذْ يصدعٌ
آتٍ بحولِ اللهِ ما وعدَ الذي=برأَ الخلائقَ رغمَ قومٍ لم يعـوا