بذكرِ اللهِ بارئِنا القديرِ = بساعاتِ العشيَّةِ والبكورِ
وبالقرآنِ يُتلَى كلَّ حينٍ = وبالإيثارِ والخُلُقِ الوثيرِ
وبسمةِ واثقٍ باللهِ يسعى = بما للخيرِ من أوفى حبورِ
مزايا لم ينلْها غيرُ قلبٍ = سليمٍ فبوركَ من جديرِ
هو الإسلامُ هذَّبه فَتُلْفَى = بسيرتِه السجايا كالعبيرِ
شذاها يملأُ الآفاقَ عطرًا = نسائمُه من الحقلِ النضيرِ
هـو الإنسانُ إن ألقى عصاه = بهذا الزَّهوِ مرتاحَ الضميرِ
بِحبِّ اللهِ يعبدُه بصدقٍ = وحبِّ نبيِّه الهادي البشيرِ
يجافي مابه خزيٌ وعـارٌ = ويأنفُ من مقارفةِ الغرورِ
مشاها مطمئنًا ذا سُمُوٍّ = ولم تخذلْهُ عاقبةُ الأمورِ
فلا القلقُ المدمرُ يعتريه = ولا ( الكابوسُ ) ذو الشأنِ العسيرِ
ويبذلُ مالديه بطيبِ نفسٍ = ويبسمُ للصغيرِ وللكبيرِ
عطاياهُ المودةُ والتآخي = وطيبُ القولِ من قلبٍ طهورِ
يحبُّ الناسَ تمنحُهم ودادًا = أياديهِ وباقاتِ الزهورِ
ويقبلُ غيرَ وانٍ أو ثقيلٍ = على العملِ المفيدِ بلا قصورِ
سليم النيَّةِ ابتهجتْ خطاهُ = لفعلِ الخيرِ في أبهى حضورِ
فليس لديه حُمقٌ أو عُبوسٌ = وحاشا أنْ يُكافأَ بالثُّبورِ
سجاياهُ الأثيرةُ نهجُ دينٍ = قويمٍ جاءَ من ربٍّ بصيرِ
بها تحيا النفوسُ على وئامٍ = ولم تخضعْ لآفاتِ النَّكيرِ
فيامَن تقتلون الخيرَ فيكم = وترمون البشاشةَ بالنُّفورِ
أفيقوا من تخبُطِكُم بظلمٍ = فإنَّ الظلمَ مفتاحُ الشُّرورِ
وظلم الناسِ ياهذا خطيرٌ = فحاذرْ من عواقب للخطيرِ !
فكم للناسِ من شكوى لربٍّ = على طاغٍ تسلحَ بالغرورِ
تمادى وانتضى كِبرًا وألقى = قبائحَه على قلبٍ صبورِ
يردُّ اللهُ عنهُ كلَّ باغٍ = بصفعةِ عالمٍ ربٍّ قديرِ
ألا في الناسِ أجناسٌ ومنهم = يسيءُ الطبعَ ينطقُ بالفجورِ
فهذا ليس من قوم كرامٍ = تحلَّوا بالمناقبِ والأثيرِ
شكاه الناسُ للباري تعالى = وما وجدَ المُشَاحِنُ من عذورِ
فأوردَ للمخازي سوءَ ذكرٍ = لـه إذ عاثَ كالوحشِ المغيرِ
سفيهٌ حاقدٌ ما عاشَ إلا = لسوءِ الفعلِ معْ سوءِ المصيرِ
وجافى الناسَ في مغترًا بشأنٍ = له يدعو الخلائقَ للنُّفورِ
هو الكلبُ العقورُ وليس يأتي = من الكلبِ العقورِ سوى عقورِ
أثيمٌ سافلٌ وغدٌ لئيمٌ = وتلك مثالبُ الوقحِ الحقيرِ
عدوٌّ للكرامِ بلا حياءٍ = وليس لنفسِه أدنى نقيرِ
وقيلتْ عن مساوئه عيانا = ويشهدُ قبحَها سمعُ الحُضُورِ
ولم يُـرَ بين قومٍ عاشروه = سوى مَن ذمَّــه بين السطورِ
بخيلٌ والبخيلُ يموتُ جوعا = وفي كفَّيْه من مالٍ كثيرِ
صفاتٌ ليس يرضاها نبيلٌ = وقد كانت من الرجلِ العَثورِ
فتبًّـا للتبجُّحِ من هُـراءٍ = وهل تجدي السفاهةُ في الأُمورِ !
ودوَّى بالنَّذالةِ صوتَُ خِبٍّ = وأنْكَرُها أذىً صوتُ الحميرِ
إليك أخا المزايا عالياتٍ = ثناءٌ جاءَ من قلبِ كبيرِ
رعتْكَ شريعةُ الباري فكانت = سجايا صنعَ منهاجٍ نضيرِ
فعشْ بالباقياتِ ولا تدعْها = ودعْ أصحابَ إسفافٍ وزورِ
لقد ربَّتْ حضارتُهم نفوسًا = بلا قيمٍ ولا أدنى ضميرِ
وغرَّتْهُمْ بها دنيا فسادٍ = ولم يُـــرَ مثلُها بين العصورِ
فأرعنُهم تراهُ وقد تباهى = بسوءِ الخُلْقِ عشعشَ في الصدورِ
وهذا في مثالبِه تثنَّى = يصعِّرُ خــدَّه حين المسيرِ
وذاك وقد تولعَ بالدنايا = كمشيِ الغُنجِ أو شربِ الخمورِ
زمانٌ جاءَنا و بغير خُلْقٍ = عجائبُه تصولُ بلا فُتورِ
فنسأل ربَّنا الأعلى أمانًا = فليس لنا سِواهُ من مجيرِ