صلِّ على قِبلةِ الأنوارِ و الشيَمِ = وموئلِ الحُبِّ والأشواقِ والقِيـمِ
أزكى صلاةٍ مع أرقى تحيتها = عليك يا باب غفرانٍ ومــلتزمِ
صلى عليك إله العرش في ملأٍ = من المـلائك بالتبجيل والعِــظمِ
تطاير الشوقُ أفراحاً مجنحة ً = تأوي بذلٍ من الإجلالِ محتشِمِ
تهيم في بحرِ ذكراهُ معانيها = وتستقيها بحورالشعر والكلمِ
تبث من وجدها شكوى ترددها = في موكب النوروالإسعاد والكرمِ
آلاؤها بين أشجانٍ تعانقها = مع الرويِّ قوافي السُحب والديمِ
تحفها بربيعِ الأنـــــس وهي لنا = تروي العجائب بالإعجازِ والعِصمِ
يا تاج ملكِ ملوكِ الأرض كلهمِ = و سيدَ الخلق من آتٍ ومن قـِــدمِ
تعشَّق الوجدُ فيكم والوجودُ معاً = فداما في مبتدا الخيرات والخَتمِ
بُعثت من رحمة الباري لتنقذنا = من الجحيم الى الجنـــاتِ والنعمِ
سارت بسيرتك الأكوانُ فانتشرت = فيضاً من النوريستعصي على الظلمِ
قِوامُ دعوتكم عدلٌ ومرحمةٌ = ترعى الفضائل بالأخلاقِ والذممِ
خَتمُ النبوة ِ بالحقِ المبين أتى = يجددُ العهد بالبَيعاتِ والقَسَــــمِ
وأيقظ الفطرةَ الغرَّاءَ من وسنٍ = وأمَّها نحو ما بالغيب من شممِ
يُشير كل بنانٍ منه معجزةً = إلى النبي وآياتٍ من الحِــــكمِ
وشقَّ صدره أملاكٌ مقدسةٌ = فقدسوهُ ببحرِ الوحي والهمــمِ
من قبل بعثته هامَ السحابُ به = ومدّهُ بالندى والظلِّ والحشـــمِ
بُحيرى دهشتُه جاءت تمجدُهُ = في حينِ ميسرةَ بشراهُ كالنُجُمِ
عليه من تعرف الأرجاءُ طلعتَهَ = يســـلّمُ الحجرُالميمونُ بالأكـــمِ
أتته معجزةُ القرآن خــــــالدةً = كرحلِها بعنانِ الخلد مستنمِ
تفيض منها كمالاتٌ محققـــةٌ=وعلمها فوق عِلم الكـــــون كالعلمِ
تشق كل شغافٍ من بلاغتها = حروفها بجمالٍ منها مرتسمِ
وتكشف الغيبَ تثبيتاً وتذكرةً =وقولها الفصلُ في التاريخ والأممِ
تروي لنا بدأةَ التكوين مُسندةً=شهودها قبل خلق الخلق من أدمِ
أشار للقمر المنشقِ فانبلجت=منه الحقيقة تنفي الوهم من تُهمِ
فقام يشهدهُ السُمَّارُ قاطـــــــبةً = و كلُّ قافلةٍ كانت بذي سَـــــــلَمِ
يمشي وتحرسهُ الأملاكُ في جللٍ = وتخطفُ الجهلَ إنْ يدنُ فينهزمِ
وضاقَ من كُرَبٍ صدرُالحبيب على = فقدالأنيسين فــي عام من الغُمَمِ
فكان إسراءُهُ التفريجَ من كربٍ = وكان معـــــــراجُهُ التثبيتَ للقَدَمِ
وجال بالروحِ والجسم الشريف معاً = بسدرة القرب والإتحافِ والكرمِ
ونال في المنتهى قدراً ومنزلةً = وغاب في قاب قوسين عن الرُسُمِ
وعاين الخلدَ والميزان منتصباً = عندالصراطَ مع النيرانِ والحممِ
وعالمَ الغيبِ والأملاكِ ما وردوا = كاللوحِ والعرشِ والكرسيِّ والقلمِ
وكذّب الكبرُ ما قد جاء من نبأٍ = فردَّه الحِلمُ والصدِّيقُ من تَــــيِم
أينكرُ القعرُ من سقف السماءِ عُلاً = وهو الذي دون مابالقعر من عَتَمِ
وليلَ هجرتِهِ سار الضياءُ بـــــهِ =يحثو الترابَ على أعدائِهِ الخُصُمِ
ومرَّ من بين أسيافٍ بأيديهــــمُ= فما رأوه من الخـــذلانِ والصممِ
وهبَّ يتبعـُـــهُ من شِقـــوة نفـــرٌ = فأدركوهُ بغـــــارٍ فيــه لم ينمِ
وكانت أسبابُهم أوهى وسطوتُهم = من عنكبوتٍ وبيتٍ فيـــه منهدمِ
وثانيَ إثنينِ تحمــــــيهم مراقبةٌ=من القديرِ وألطافٌ من الحَـــكَم ِ
ويلحق الركبَ صعلوكٌ على فرس=رام الجوائزَ من مستعبَد الصنمِ
أبان معجزةً في إثرِ كبوتِهِ=من بعد كـــرَّته بالقاع واللَقَـــمِ
فأيقن أنهم من حزبِ بارئهم =في حرز مقتدرٍ أو حصنِ منـــتقمِ
فسالموهُ على بشرى محققةٍ=لَيُلبسوهُ سواري مــالكِ العــجمِ
وأمُّ معبدِ إذ جاءت على خجلٍ=بالشاةِ عجفاءَ من مَحْل ومن سَــقمِ
فبارك الله من مَسحِ النبي لها= فدرت ألبانها من ضـرعِها الفــعمِ
وأقبل الصبحُ موصولاً بطلعتِهِ= من بعد ما ودَّعَ الظلماء من إضمِ
فكان معجزةً ميــــــلادُ أمَّته=منصورةٌ بالهدى والدين في أمَمَ
أجيالها ببقاع الأرض ما سكنت = أشواقُهم بالنِدا تهفو الى الحـرمِ
و كان في بدرٍ الكبرى معاينةً = للمعجزاتِ من الفرقان والنِـــقمِ
تغشى السكينةُ أصحابَ النبيِّ بها = سورٌ حِمَاه لهم أقوى من الأُطُمِ
تنافست كلُّ أملاكِ السماء على = نيل الشهودِ مع الفرســـان والخدمِ
وحدّد لجثامِ القوم مصرعهم = فما خطوها وهم صرعى مع الندمِ
وينبعُ الماءُ من بين أصابعِهِ = يفورُ كالعين أويجريه كالعَرمِ
فيرتوي الجيشُ والأنعامُ من شرفٍ = ويشبع الجمعُ مرّاتٍ من اللُقمِ
وكانا في أُحدٍ في صورتي بشرٍ = جبريلُ يمناه وميكائيل بالشآم
و فرَّ بالريح أحزابٌ له احتشدت = كالصيحةِ تُكفئ الأجفان بالحُطمِ
وصخرةُ الخندق طارت شرارتُها = إن تصطدمْ بقصور الفتح تحتدمِ
وكلمتهُ ذراعُ الشاة في خمدٍ = تُذيع ســراً لها بالسم من كَتمِ
ويوم مؤتةَ بالأخبار معجزةٌ = تاتي على البعدِ كالأنفاس والنسمِ
نعى بها زيدَ في وصفٍ وفي صِفةٍ = وبعده جعفرَ الطيارِ ذا الرحمِ
فابن رواحة بالرايات يعقبهم = كخير مستلم من خير مصطلمِ
ويوم فتح الفتوح فوق راحلةِ = يؤشر فإذا الأصنامُ في قَصمِ
حنينُ تعرفهُ في يوم صرختِهِ = ويوم رميــــتهِ بجيشها الهزمِ
والوحشُ والجملُ والطيرُ تألفه = كل له قد أتى يشكي من الوخم
والذئبُ يا عجباً منه وقد شهد = بالله ثم النبي المرســــل الهشمِ
فأسلم اليعربيُ من فصاحـــــتِهِ = وهو يرى أدباً للوحشِ والبهمِ
وقد رأى صحبُهُ الأشجارَ طائعة = تمشي تخــطُّ ترابَ الأرض من قَثَم
كانت تحاورهُ الأغصانُ في ظُللٍ = تســـتأنسُ وتميل ميل مبتسـِـمِ
وسبّح بيديه الزادُ مبتهــــــجاً = ولان منه الحصى بالراح من فخمِ
والجذعُ حنَّ حنينَ الدهر مجتمعاً = ليُســــمعَ الكونَ ما بالحبِّ من ألم
فكان يسمعهُ جهراً و من حضروا = ليشهدوا بعده الإعجــازَ بالزخمِ
في كل معجزةٍ تجري على يده = قد كان يشهدها تصديقُه ُ بفم
وبعدُهُ نَشهدُ أن لا إله سِوى = اللهُ من قدَّر الإنشاء من عدم
ثم الرسولُ الذي للعالمين هدىً = وقد بِهِ خُتم الإعجازُ في تَمَم