أدَعْوَتنا في العصرِ عودي إلى المجدِ = وهاتي خطاكِ البيضَ للناسِ وامتدِّي
فدعوتُنا للخلقِ خيرٌ ولم يجدْ = سواها بنو الدنيا لدى الناسِ ما يجدي
حبتْها يـدُ الباري فآتتْ ثمارَها = وعاد فتاها بالثمين من الصيدِ
وأكرمَها نـورٌ تبلَّجَ فتحُه = عن الأمل المفترِّ في بسمة السَّعدِ
وراح بها يذكي القلوبَ حماسةً = إلى نصرةِ الإسلامِ في الناسِ بالــوُدِّ
هو الدينُ مصباحُ السعادةِ للورى = ومركبُ أهلِ الحـقِّ في أكرمِ الوفدِ
فلولا هُدى القرآنِ ما لاحَ للنُّهى = ضياءٌ يقودُ الخَلقَ في مسلكِ الرُّشدِ
دعاهم إلى التفكيرِ والوعي نورُه =فَسَلَّ وميضَ السَّعيِ من ظلمةِ الغمدِ
فجدُّوا وما انفكتْ خطاهم يقودُها = نبوغٌ بأثوابِ الطموحِ مع الجِدِّ
فكانت حقولا وارفاتٍ ظلالُها = وزارعُهـا يستافُ مافاحَ من نــدِّ
لقد باتَ هذا العصرُ من غيرِ دينِنا = يبابا فياللناسِ من سفهِ الفَقْدِ
تحكَّمَ فيه المجرمون سفاهةً = وجاؤوا بأسبابِ التَّنافُرِ والبعدِ
طغاةٌ جُناةٌ ما رأوا فعلَ رفعةٍ = يـردُّ بهـا أهلُ التعايُشِ بالحمدِ
فباؤوا بأوزارِ الشعوبِ لظلمهم = ولا تبتني الأمصارَ إلا يـدُ الرُّشدِ
هي الدعوةُ الغراءُ نهج حضارةٍ = فأكرمْ بهـا في الجيدِ جوهرة العقدِ
وأهلُ هدى الإسلام أهلُ مكانةٍ = إذا الدافعُ الملحاحُ شمَّرَ عن جِــدِّ
تولَّى علاها دينُ أحمد عاليا = فما افترقا والمجدُ يأتي إلى المجدِ
أتاها فأهداها نضارةَ زهوه = وللناسِ بالإسلامِ أطيب ما يُهدي
تثنَّى بمسعاها فأزهرت الربا = وفـوَّحَ بستانُ الحضارةِ بالرَّغدِ
فأضحت به بعد اليباب جنائنًا = تنامُ على أمنٍ وتغفوبلا سهدِ
كدوحةِ بِــرٍّ للربيعِ تلفُّها = على هدأةِ الأيامِ طيِّبةُ الأيدي
وما كان من بغيٍ يفيض بحقدِه = تنفَّسَ فيه الــوُدُّ فالحقدُ للوأدِ
وفي عصرِها الميمون حيثُ تمايلتْ = خمائلُه الفيحاء في السهل والنَّجدِ
بإيمانِ أصحابِ النَّبيِّ وجهدِهم = فطابت لياليه الجميلةُ من عهدِ
فمن قيمٍ عليا إلى خيرِ سيرةٍ= تحرَّى معانيها الحِسانَ بلا قيدِ
فيا شرعةً قد أبعدَ الظلمُ وشيَها = أفيضي بآلاءِ المحامدِ واعتدِّي
حنانك فيك الخيرُ والأمنُ والوفا = وفيك انتشالُ القومِ من ظلمةِ اللحدِ
على ألقِ التوحيدِ أهلُك ٌقد أتوا = يزيلون من ليلٍ على الناسِ مربدِّ
تعودُ به البشرى فتطربُ أنفسٌ = وترجعُ للرحمنِ بالذكرِ والحمدِ
قد استعذبَ الفرسانُ طيبَ أريجه = يرفرفُ بالأنسامِ من جنَّةِ الخُلدِ
وألقتْ لهم أرضُ الإلهِ كنوزَها = وليس لِمـا يُعطي المهيمنُ من ردِّ
وجاشَ رخاءٌ في البلادِ فَثَـرُّه = يجودُ بما يُغني ويعطي بلا عــدِّ
فَسَلْ صفحةَ التاريخِ عن فضلِ عهدِهم = تجبْكَ فصولُ الخيرِ صادقةَ الوعدِ
عن الجدول الرقراق باليُمن والمنى = فباركْهُ من نبعٍ وأكبرْهُ من رِفدِ
وهنِّئْ رجالا صالحين لفضلهم = وليس لأهل الفضلِ في السَّعيِ من بــدِّ
بمكة للبيتِ العتيق محبَّةٌ = وزمزمُها الدفَّاقُ والماءُ كالشَّهدِ
وطيبةُ إذ دارُ النُّبُوةِ إنها = لها الحبُّ والإكرامُ في القربِ والبعدِ
تراءتْ على الدنيا عزيزةَ جانبٍ = وساكنُها المختارُ تشريعُه يُجدي
فتبًّـا لمَن عاداكَ ياسيدَّ الورى = وليس ليؤذي مصطفانا سوى وغــدِ
فأنتَ رسولُ اللهِ للخلقِ كلِّهم = وعنهم تردُّ الشَّرَّ طوبى مع الكيدِ
ألمْ ينهض الوعيُ المهيضُ جناحُه = بروحِ مثاني الوحيِ في سالفِ العهدِ
فأثمرَ إيمانا وهـزَّ مشاعرًا = وأيقظَ قومًـا في مغالبةِ المجدِ
فصاغوهُ للأمصارِ آلاءَ دعوةٍ = حملتَ محيَّاها تبشرُ بالسَّعدِ
وذلك من فضلِ الكريمِ ورحمة = تكونُ لأقوامٍ أتوها بلا صــدِّ
فعاشوا كراما في حياةٍ كريمةٍ = وما سامهم طاغٍ ببغيٍ ولا حقدِ
تولَّى زمامَ الأمرِ فيهم خليفةٌ = على السُّنَّةِ الغرَّاءِ في حكمه يهدي
فطاولَ هامَ العزِّ بالعدلِ والتُّقى = وشيَّدَ ركنَ الحقِّ بالصِّدقِ والجهدِ
ومن حوله أهلُ النصيحةِ إنهم = بطانتُه الأخيارُ جاؤوه بالرشدِ
فما لفصولِ السوءِ فيهم مكانةٌ = وليس لدجَّالٍ هنالك من شَيْدِ
فإنَّ بناءَ السوءِ يبقى مسبَّةً = على مفسدي حكمِ الشعوبِ بلا قيدِ
فهنِّئ بدينِ اللهِ في العصر أُمَّـةً = لها إرثُ هذا الدِّينِ إذْ ليس تستجدي
وتبًّـا لمَن لم يحكم اليوم بالهدى = وينأى عن التهريجِ والمبدأ الضِّدِّ
فليس به واللهِ إلا خسارةٌ = وعولمةٌ للشَّرِّ في الجــزرِ والمدِّ
فيا أمــةً تاهتْ وفيهـا نبيُّها = يبشرها بالفتحِ والنصرِ فاعتدِّي
ولا ترهبي ما للطغاة من الأذى = ولا الدول الأقوى تلوِّحُ بالجردِ
فربُّك أقوى والبقاءُ لوجهه = وقوتُهم تفنى فأقدارُه تُردي