إلى نـور شريعة الإسلام
27نيسان2023
شريف قاسم
( إلى كل حاكم يعمل بشريعة الله في قومه ، وإلى كل مَن ينتظر بزوغ نور الإسلام من جديد على يدِ أمتنا الكريمة، ليملأ ما طلعت عليه الشمس في العالمين خيرا وأمنا ورخاء وسلاما ، ويثلج صدورَ أبنائها المجاهدين ، وينهي فساد الفاسدين ، وعبث المترفين ، وعنجهية المكابرين ... ) .
وما هانَ في الذُّلِّ البغيضِ سوى الذي = نأى عن حياضِ النورِ جهلا وأدبرَا
ومن كلِّ إنسيٍّ مريدٍ تخاله = يعيشُ لوحشٍ في الفلاةِ تنمَّرَا
***
***
***
هوامش :
- قهقرى : الرجوع إلى الخلف .
- الإسهاد : مصدر أسهد ، سهد المريض أرق ولم يستطع النوم .
- تدهده : تدحرجَ المتسلق من منتصف الطريق .
- تنهنهت ؛ زُجرتْ وكُفَّت عن بغيها .
- اجتدى : طلب العطية .
- أسبرا : سعى لإدارك خفايا الطغاة والأعداء .
- محبَّرا : تحبير الشيء تحسينه وتزيينه .
- مشيرا : يشار إليه بأصابع الاتهام . معيَّن ، محدَّد .
- تفح : فحيح الأفعى صوت يخرج من فمها بشدة وكأنه تنفُس .
صوّتت من فمها، صوَّتت بشدَّة فخرج الصَّوتُ من جوفها كأنّها تتنفَّس
أنشقى وتنفضُ المباهجُ قهقرى = وتغتالُنا أيامُ هجـرِك في الورَى (1)
وننظرُ لاتُغري المحاجرَ ومضةٌ = يبوحُ بهـا الفجرُ الحزينُ لمَن يرَى
نسامرُ أشباحًا يرفُ خيالُها = على المقلِ . الإسهاد أتعبهـا السرَى (2)
وننصتُ والأصداءُ شجوٌ وحسرةٌ = ترامت على صدرِ المدائن والقرَى
وحمحمةٌ في صدرِ فرسانِ أُمَّـةٍ = تـؤجِّجُ بالجمرِ الإباءَ تَذَمُّرَا
على أمتي شجوي الطويلُ وحسرتي = ودمعي طمى حين التأملِ محجرَا
سباها الطغاةُ الآثمون برودَها = فَجُرِّدَ عـزمٌ كانَ للسَّاحِ أجدرَا
أما آنَ للركبِ الذي هـلَّ وجهُه = بديجورِهم أن يستعدَ ويثأرَا
فَيُخْزَى أثيمٌ لم يزلْ متجبرًا = ويَفنَى خؤونٌ لم يزل متكبرَا
ويُطوَى بدنيانا الكئيبةِ شرُّهم = وليلٌ يُرَى في أفقنا كان مقمرَا
فبئستْ ليالي الظالمين شعوبَهم = أناختْ ببلواها سنينَ وأشهُرَا
أنشقى وعندَ القومِ سيفٌ ومصحفٌ = تفيضُ به الآياتُ خيرًا مُسَخَّرَا !
وللقومِ ويح القوم إنَّ لعُريِهم = رداءً بـدا بالمجدِ والفخرِ أخضرَا
أنشقى وبالإسلامِ كنَّـا أعـزَّةً = ولمَّـا يزلْ يحيي التَّصحُرَ في الثَّرَى
وأهـدى رحيبَ الأرضِ أمنًا ورفعةً = فمـا رأتِ الدنيا أجـلَّ و أطهرَا
ويزكو الجَنَى والطيبُ يملأُ رِدْنَه = بساعدِ فضلٍ للمآثرِ شمَّرَا
بعهدٍ يواتيه السَّحابُ فينتشي = ويهتزُّ فينانًـا ويمرعُ مزهِرَا
ويحلو به وجهُ الزمانِ فَبِـرُّه = لكلِّ بني الدنيـاأفاضَ وأسفرَا
ويهفو إلى أفيائه الناسُ إنَّـه = لعهدٌ به صفوُ المنى مـا تكدَّرَا
وقومي بَنوا بالدِّينِ في الأرضِ مجدَهم = فنعمَ الذي شادَ الحنيفُ وعمَّـرَا
قد اتخذَ الإيمانَ باللهِ منهجًا = وأبدعَ من روحِ العقيدةِ منبرَا
على عالَمٍ يجني عليه طغاتُه = ولفُّوه بالبلوى وكان منشَّرَا
ويسقطُ طاغوتٌ وإن طالَ عمرُه = وإن شدَّ في ظلمِ الخلائقِ مئزرَا
ففرعون لم يبرحْ مكانَ هلاكِه = على قدرٍ لمَّـا استخفَ وسيطرَا
وآخرُ أردتْهُ المنيَّةُ فانزوى = على ركنٍه المنهارِ مإذْ باتَ لايُرَى
ولم يبقَ إلا ذكرُه مدلهمَّةً = حكايا من اللعناتِ لن تتغيَّرَا
ولمَّـا يقن للظلمِ والغيِّ منهجٌ = وكيف وقد صاغوه دينًا مزوَّرَا
وليس له في الفضلِ باعٌ و دولةٌ = تعيشُ وتبقى للمكارم محورَا
ومنهجُنا القرآنُ آياتُ دعوةٍ = إلهيَّةٍ أغنَى الأنامَ وبشَّرَا
يمرُّ علينا بالأمانِ صباحُه = ويملأُ في الإمساءِ دنياهُ عنبرَا
ولكننا عميٌ وشعبٌ مغفَّلٌ = وقد رضي الإذعانَ للعزِّ أنكرَا
ويبتهلُ الأبرارُ في موسمِ الرضا = ويدعون ربًّـا للإجابةِ أقدرَا
ومن صدقهم تخطو البشائرُ خطوُها = عليها ضراعاتُ القلوبِ كما ترى
فإنَّ يـدَ الإسلامِ تنقذُ أمَّـةً = فمن هديه نورُ الفلاحِ تحدَّرا
فيا أمتي هبِّي وعودي بشمسِنا = وردِّي سنى الإسلامِ للناسِ مسفرَا
ويا أمَّتي أين الربيعُ وطيبُه = وأين رفيفُ الأنسِ ماكانَ مدبرَا
تبيعينني دارًا يهدِّمُها الأسى = وتمتلكين اليومَ قلبًا مدمَّرَا
فما أنا في المغنى الوريف ولا أنا = بدنيا لياليكِ الحِسانِ مخيَّـرَا
سفحتِ صِبايَ الحُلوَ في حمأة النَّوى = فجـرَّ أمانيَّ العِذابَ إلى ورَا
وما زلتُ والأوجاعُ تنهشُ مهجتي = أجوبُ سكونَ الليلِ قد ضرَّني السرَى
وأرقبُ فضلَ اللهِ في تيهِ حسرتي = وأسألُه الصَّبرَ الجميلَ لما عـَـرَا
فما ماتَ قلبي أو طوى بكآبتي = فهـا أنذا أشدو لشرعِكِ في الورى
وإنِّي وإنْ عـجَّ الجفافُ بأعيني = لأُبصرُ رغـم الكربِ مسعاكِ أخضرَا
تهادى محيَّاهُ البسيمُ مُبَلَّجًـا = ففاضتْ حنايا الكونِ مسكًا وعنبرَا
وطافتْ ببيداءِ الشعوبِ سحابةٌ = فأحيتْ بما يهمي الهدى مَنْ تبصَّرَا
ورفَّتْ أمـانٍ ماتثنَّتْ ظلالُها = على الأرضِ لولا مَنْ أضلَّ وحذَّرَا
وأنبتت الآياتُ جنَّاتِ رحمةٍ = بأفيائها خطوُ الهـدى ما تعثَّرَا
وأغنى ذوي الإيمانِ وعـدُ نبيِّهم = فأزهرَ حقلٌ لليقينِ و أثمرَا
ولم يبق للطغيانِ والكفرِ مِن يـدٍ = تطوِّقُ أعناقًا وجَوْرٍ تبخترَا
تدهدَهَ طاغوتٌ بأيدي عصابةٍ = رعى سعيَها ربُّ السماءِ وأظهرَا (3)
وهبَّتْ بأيديها الرياحُ رخيَّةً = وجندلت الفرسانُ بالحقِّ قيصرَا
وأطفأ أمرُ اللهِ نارَ مجوسهم = فباتوا بلا وعيٍ يقيمُ التَّنوُّرَا
ومن كلِّ طاغوتٍ مشتْ في ركابِه = فلولُ رعاعٍ ليس تدري بما جرى
كأنَّهُـمُ الصُّـمُّ الذين تحدَّروا = على سفحِ بغيٍ للحنيفِ تنكَّرَا
ودانَ لخلاقِ السماءِ أخو الحجى = فما شطَّ عن هّدْيٍ هناك وغيَّرَا
وأشرق في وجهِ الزمانِ صباحُنا = يبعثرُ ما الليلُ المعربدُ عـمَّرَا
فهذا بلالٌ فوقَ ذروةِ مجدِه = مع الفجرِ نادى للفلاح وكبَّـرَا
وهذي الصحارى بالمبرَّاتِ أمرعتْ = وجاءَ هُداها بالربيعِ مبكِّرَا
وأغفتْ قُبَيْلَ الفتحِ في حلمٍ على = رفيفِ تغاريدِ التراحُم عُبِّـرَا
تلفَّتَ حولَ الغارِ والنورُ غامرٌ = وما هي إلا أنْ أفاقَ وأبصرَا
وألفى ببيتِ اللهِ صوتَ مُحَمَّدٍ = وقد هـزَّ بالحقِّ الضَّلالَ ودمَّرا
ونُكِّستِ الأصنامُ فاللهُ قادرٌ = وهانَ أبو جهلٍ وبالذُّلِّ عُفِّـرَا
وعاش كفرعون الأثيمِ معاندًا = تعالى على أهـلِ الهدى وتجبَّرَا
وكم ضاق ذرعًا بالحنيفِ وأهلِه = وكم أرخص الغالي النفيسَ وأدبرَا
وما هي إلا جولةٌ وتنهنهتْ = قُـوى البغيِ والأعمى الشَّقيُّ تعثَّرَا
به سئمت دنيا ومنه تكدَّرت = نفوسٌ تولاها الضَّلالُ فأُجْبِرَا
فولَى وباءتْ بالتبارِ جنوده = وذاقَ بها عارًا وجمرًا تسعَّرَا
وفطرةُ ربِّي لن تزولَ ظلالُهـا = وإن عصفَ الإلحادُ في الناسِ أو عَرَا
فهل يتقي عضَّ الأسى وعيُ أُمَّـةٍ = وتهجرُ ما ألقى الفسادُ وشرشرَا !
فليست ترى إلا الشَّريعةَ منهجًا = وغيرُ هدى الرحمن في السَّعيِ أخَّـرَا
وما أوفتِ العهدَ الكريمَ بحقبةٍ = مع اللهِ إلا مجدُها قـد تصدَّرَا !
وما أدبرتْ عن جنَّةِ الدينِ أنفسٌ = بعهدٍ مضى إلا هواهـا تكدَّرَا !
فدونَكِ وابني من ملاهيكِ موئلا = من الوهمِ تَلْقَيْ مابتيتِ مبعثرَا
فهذي حضاراتُ الضَّلالِ تبعثرت = ولمَّـا تُقِمْ للدينِ والحقِّ منبـرَا
رأيتُ الذين اليومَ جابوا فضاءَنا = بنحضِ صناعاتٍ وعقلٍ تبحَّرَا
يتيهون عن نبعِ السعادةِ فـابتَنوا = لهم من لظى الأرزاءِ همًّـا مسطَّرَا
ولم أرَ أوهى من بيوتِ فسادِهم = ولستُ أرى إلا أخسَّ وأحقرَا
يعيشوت لاأدري أللنَّفسِ والهوى = أم العيشُ ماباهوا المحافلَ في الورى
فما قيمةُ العيشِ المنغَّصِ بالأسى = إذا ارتاد أهلوه النجومَ كما نرى !
يعيشون للأمـرِ الرخيصِ جهالةً = ولم يعرفوا فيهـا أجلَّ وأكبرَا
ولكننا نحيا ونُحيي قلوبَنا = ولا نرتضي فيها الفعائلَ منكَرَا
ونعلمُ من وحيِ الرسالاتِ أننا = سنُبعثُ يومًـا كي نقومَ ونُحشَرَا
ونحيا حياةَ الخلدِ في دارِ ربِّنا = ونلقى الذي العهدِ كان مؤخَّرَا
ونسألُ ربَّ العرشِ أنْ لايُميتَنا = على غيرِ هذا الدِّينِ بالخيرِ أسفرَا
بغيرِ الهدى نشقى ، حنانك ربَّنا = وفي العيشِ لن ننسى نِداك ونكفرَا
عصرنا من الأوجاعِ أفئدةً لنا = على شفتيها سؤلُنا ـا تنكَّرَا
وخضنا دياجيرَ الكآبةِ والأذىً = فكلُّ فؤادٍ ظامئٍ قد تضوَّرَا
بعصرٍ عبوسٍ في ثناياهُ خطبُنا = تمطَّى وشدقاهُ المريبان أفغرَا
ويومئُ فتَّانًا ويبدعُ فنَّه = وخلفَ خُطاه مَن أجادَ و دبَّرَا
زمانٌ تشبَّثْنا بوهنِ حبالِه = وعيشٍ به قد عربدَ البؤسُ أغبرَا
فكم مرَّغَ الأعداءُ فيه شموخَنا = وكم روحُ زهـوِ المجدِ بالهونِ سُمِّرَا
وحشدُ الملايين التي طابَ عيشُها = على زخرفٍ منه السَّرابُ تخيَّرَا
تنامُ على شوكِ الرزايا كأنَّهـا = عصافيرُ تخشى أن تطيرَ وتنفرَا
وتأكلُ من شلوِ الضياعِِ شهيَّه = كأنَّ جَوِاها ما أحسَّ ولا درى
وهاجتْهُ نَزْواتُ الميوعةً فاجتدى = لها موئلا أغنى هواهُ معفَّرَا (5)
فإصباحُه نومٌ وإمساؤُه هـوى = وما ناءَ من هــمٍّ أناخَ وأثَّرَا
وما هو إلا صورةٌ منه أظهرَتْ = خبايا قلوبِ للملايين أعصُرَا
توارى محيَّانا الأصيلُ بزخرفٍ = فهل نبصرُ العادي علينا تسوَّرَا ؟
فَرِقَّةُ أبرادِ الهوانِ مهادُنا = على غفلةٍ منها الأبيُّ تحيَّرَا
ودغدغةُ الوعدِ المريبِ من العدا =هي الذلُّ من ضعفِ النفوسِ تحدَّرَا
نسينا بأن العزَّ والفخرَ لم يكن = سوى بهدى إسلامِنا ما تغيَّرَا
وقد راعنا ماخبَّأ الغربُ واكتوى = بجمرِ طغاةِ الشرقِ شعبٌ تدمَّرَا
فهاتِ لعينَيْك المصابيحَ مـرَّةً = وأبعِدْ دجى تيـهٍ عليهـا تحجَّرَا
تـَرَ الدمَ فوَّارًا وقلبَك مترعًا =بأرزاءِ خطبٍ قد أناخَ وأسبرَا (6)
يصبُّ الأساطيرَ التي فاضَ ذكرُ ها = بقصةِ شعٍبٍ ما صحا أوذكَّرَا
وما ضاقَ ذرعًا بالجراح سخينةً = وما لانََ قلبًا أو ضميرًا تفطَّرَا
أذاقَ أعادينا القلوبَ مرارةً = ونمضغُها حُلوًا يطيبُ وسكَّرَا
فكيف وقد هبَّتْ شعوبٌ ومزَّقتْ = ثيابَ توانيها ونحن كما تَرَى !؟
وبين يدينا من مثاني خلاصنا = أضاءَ ليالينا هُداها وأسفرَا
فلم نــرَ من ضيقٍ يلفُّ صدورَنا = ولا موكب الأبرار يومًا تعثَّرَا
تناسى بنو الإسلامِ في زخمِ الهوى = رفيفَ شذا الأسحارِ حيثُ تعطَّرَا
وناموا ولم يستيقظوا من هجوعهم = وما هجعَ الأتقى بها وتدثَّرَا
إذا أومأتْ دنيا الأغاني لأهلِها = رأيتَ فتى الإسلامِ للذِّكرِ شمَّرَا
وناجى بديع الكائناتِ تَبَتُّلا = ليحظى بقربٍ من رضاه ويشكرَا
ومن درنِ الآثامِ يغسلُ روحَه = بنورِ الرضـا عبدًا تقيًّا مطهَّرَا
وما فَتَنَتْهُ الغانياتُ ولا الغِنى = وما نالَ منه اللهوُ إثمًـا ومنكرَا
فحبُّ إلهِ الخلقِ طارَ بروحِه = على رفرفِ التقوى وللنفسِ حرَّرَا
تسامى على الأدنى ولذَّةِ ساعةٍ = وحــنَّ إلى الجنَّاتِ شوقًا فبكَّـرَا
كستْهُ يــدُ الإيمانِ ثوبًا من التُّقى = فسابقَ بالروحِ الطهورِ بني الورَى
وربَّاهُ هَدْيُ المصطفى فسلوكُه = عليه سماويٌّ فما هـو قصَّرَا
ففيمَ التَّواني عن معارجِ رفعةٍ = وفيمَ الصُّدودُ المـرُّ فالبعدُ غيَّرَا
ألم ينكأ القلبَ النؤومَ حنينُه = أما مــلَّ من طولِ الجفا وتضجَّرَا
ألـمْ يَأْنِ للروحِ السَّجينِ انطلاقُه = ألـمْ تغلبِ الأشواقُ رفرفةَ الكرى ؟
أما هيَّجتْ في القلبِ قرىُ أعينٍ = مثاني من التنزيلِ واردُها سرى ؟
ومن زمرٍ يأتون جنَّةَ ربِّهم = لكي يردوا حوضًا مصفَّىً وكوثرَا
وأبوابُها مابين هجرٍ ومكَّة = وأشجارُها طابت ثمارًا ومنظرَا
وفيهـا وياحُسْنَ الثوابِ زيادةٌ = مجاورةُ الرحمنِ أعظمَ مـا ترى
إذا كشفَ اللهُ الحجابَ تنعموا = وطاب لقاهـم بالنعيمِ محبَّرَا(7)
فأيُّ فتىً من بعد ذلك خدنُـه = يعيش على غيرِ مَن عاشَ منكِرَا
معانٍ ســرتْ في روحِ أمتِنا فمـا = توارى لها سِفرٌ ولا المجدُ أُقبِرَا
وأعطتْ ذرا العلياءِ نورًا وبهجةً = وأهدتْ إلى الدنيا الصَّباحَ مُنَوَّرَا
ةلم تُبقِ من شوكِ الأذى في طريقهم = فلن تطمسَ الدنيا هداها فتعذرَا
تفيضُ مغانيها أريجًا وبلسمًا = فيا بؤسَ مَن جافى شذاها و أدبرَا
أليس الهدى للعالمين غراسُه = فما للأفاعي تقطعُ النَّبتَ أخضرَا !
وما للطغاة المرجفين تناهشوا = جَنَاهُ وأغروا بالبيادرِ عسكرَا !
هنالك قد عانى الكرامُ وأُقْحِمَتْ = يـدُ العـارِ فيها مَن طغى وتنمَّرَا
أَمَوْتٌٌ وهل في غيره يُدفَعُ الأذى = فقد بـحَّ صوتُ الأوفياءِ وأنـذرَا
فما العيشُ في هذا التبابِ بمثمرٍ = ولكنَّه بالحقِّ والبِـرِّ أثمرَا
ظلالُك ياقرآنُ عـزٌّ لأٌمَّـةٍ = وفيك ربيعُ بالفضائلِ أزهـرَا
فإنْ هي للهدى آبتْ وجدتْ به = فلاحًـا أتى للصَّالحين فسيَّرَا
رسولَ الهدى من فيضِ بِرِّك نستقي = ونرقبُ فضلَ اللهِ فتحًـا مؤزَّرَا
لأُمتِك : الإسلامُ مازال دينُها = وإن باتَ ممشاها الوئيدُ مبعثرَا !
ورغم يد الأشرارِ تسعى لخنقها = فإنَّ سفينَ الصَّبرِ بالناسِ أبحـرَا
لغيرك ربي لن تبثُّ شكايةً = إذا الخطبُ آذاها دجاهُ وكشَّرَا
وقلبي جرى فيه الحنينُ وأضلًعي = يضجُّ بها شوقي الطروبُ مسعَّرَا
يمزِّقُ من حُجْبٍ ويهفو لومضةٍ = وأعلمُ أنَّ الأمرَ كان مقدَّرَا
أتيت إلى حـيِّ المبراتِ مجهدًا = أسوقُ رحالي شطرَ ظلِّكَ مـؤثرَا
أناجيك ياربي وتدمعُ أعيني = وجفني عليه الهمُّ مما قـد اعترَى
شريعتُك الغراءُ يابارئ الورى = أمانٌ بهـا والخير منها تفجًَّرَا
أتانا بها خيرُ النَّبيِّينَ رحمةً = بمنهجهـا حالُ الشعوبِ تغيَّرَا
مُحَمَّـدُ يُسْتَسْقَى الغمامُ بوجهه = ووجهُ رحيبِ الكونِ بات منوَّرَا
وأنقذَ بالدِّين الحنيفِ خلائقًا = وأحكمَ صرحَ الخيرٍ إذ طابَ منظرَا
وجاءَ إلى الدنيا بفضلٍ ورحمةٍ = وللمؤمنين الصَّالحين مبشِّرَا
وينجو بآياتِ الكتابِ مَن اهتدى = ويلقى الذي عافَ الهدى مـا تسعَّرَا
وعاش رحيما بالأنامِ ومثلما = لـه وصفُك الميمونُ ياربِّ أخبرَا
دعـا الناسَ لم ينشدمدى العمرِ راحةً = لقلبٍ ولن يُطوَى هـداهُ ويُقهرَا
وكان بهم بـرًّ رحيمًا وصابرًا = وأعظمُ مَن يهدي الورى مَن تصبَّرَا
ولم يألُ جهدًا في تَتَبعِ خيرِهم = ويجعلْ لهم دربَ السلامةِ أخضرَا
وحذَّرَهم غيَّ العصورِ وأهلِها = على نهجِ دينِ اللهِ أن يتغيرَا
فما أكثرَ الأعداء من كلِّ ملَّةٍ = وكم من سفيهٍ للمفاسدِ كشَّرَا
وكم من شقيٍّ جاءَ بالزورِ لاهثًا = ويرمي رجالاتِ الشريعةِ منكِرَا
ولكنَّهم باؤوا بما قد تورطوا = وجافاهُمُ شعبٌ أبيٌّ ونفَّـرَا
أولئك ألقوا للتنابذِ فتنةً = وقد دحرتْها أمَّتي فانطوتْ وَرَا
فهاهم إلى عزفِ القيانِ تراكضوا = وكلُّهُمٌ بالموبقاتِ تدثَّرَا
فما للشبابِ اليومَ هاموا لشهوةٍ = وفيمَ أخـو الشيبِ الحليمِ تهوَّرَا !
فياسيِّدي ياخيرَ مَن طلعَ الضُّحى = عليه وعذري أن أقولَ وأنهرَا
محجتُك البيضاءُ فينا ضياؤُها = خبا وهدى الرحمنِ ما باتَ آمرَا
ولم تـرَ فينا غيرَ مَنْ نامَ أو نأى = ومَن شذَّ عن شرعِ الهدى وتنكَّرَا
ولولا رجالٌ يحفظون عهودَهم = لأمسى علانا كالبسابسِ مقفرَا
تداعى علينا مثلما قلتَ عالَمٌ = أتى لهلاكِ الأوفياءِ مغرَّرَا
ونحن شتاتٌ ليس يجمعنا الهدى = سناهُ يلمُّ الشَّملَ في ظُلَمِ السٌّرَى
وطالَ بنا ليلُ الهوانِ تردُّنا = يـدُ الخطبِ مفجوعين كي نتذكرَا
لعلَّ قلوبًا غـرَّها الزيفُ ترعوي = وأنفُسَ مَن ضلُّوا تــرَ الحقَّ معبَرَا
لكي يملأَ الإسلامُ أمتَنا هدىً = ويرجعَ مَنْ عادى الحنيفَ ويقصرَا
فهذا صريخُ المسلمين نحيبُـه = بأربُعِنَا قد باتَ بالكربِ مُحضَرَا !
وقد أنهكتْهُ النازلاتُ فلا ترى = لـه جسدًا إلا وأصبحَ أغبرَا
يقولُ : متى ياقومُ تَسْتَيْقِنُوَنها = لياليَ فتحٍ فجرُها هـلَّ أنورَا
فقوموا إلى بشرى نَبِيِّكُمُ الذي = أتاكم وإنْ صالَ العدوُّ وعسكرَا
إذا انقادَ للإيمانِ شعبي فإنَّه = يبدِّدُ عن وجـهِ الفخارِ أسىً عـَرَا
ويضرمُ في ساحِ الجهادِ مواقدًا = تنيرُ طريقًا للخلاصِ مُحًررَا
ويحشدُ في أرضِ الملاحمِ موكبًـا = ينالُ به نصرًا عزيزًا مـؤزَّرَا
ويرفعُ راياتٍ يكبِّرُ جندُها = وينصرُ ربُّ العرشِ حيشًا مكبِّرَا
هو الحقُّ بالإيمانِ تقوى زحوفُه = فليست تخافُ النَّقعَ جمرًا تسعرَا
فقد مضتِ الأحقابُ والشَّعبُ نائمٌ = وما كان مهدُ النائمين مُسَوَّرَا
وما كان يدري ما يُساقُ لدينِه = وما جاءَ في قرآننا و تدبَّرَا
وألقى لأعداء الشريعةِ رسنَه = فألفى حياةَ الذلِّ موتًـا مُكَوَّرَا
وتاه بنوه الغافلون جهالةً = فعادوا إلى وادي التعاسة قهقرَى
ولاذوا بأحزابٍ وفكرٍ مسَفَّهٍ = فوجهُ علاهـم من أذاها تذمَّرَا
فياربِّ هيِّئْ للشعوبِ خلاصَها = فسعمُ أعاديها رمـى ما تأخَّرَا
ويا أمتي عودي إلى اللهِ كي تَرَيْ = فلاحًا وإصلاحًا وخيرًا منشَّرَا
فهبِّي فهذا العصرُ للدِّينِ صحوةٌ = سناها لأسوارِ المظالمِ كسَّرَا
وذي دولُ الإلحادِ داستْ نعالُها = شيوعيةَ الإلحادِ والقيدُ كُسِّرَا
وقدَّمت الآلافَ قتلى لسحقها = نظامًا هـواهُ للشعوبِ تنكَّرَا
فكيف ينامُ المسلمون وحالُهم = على أرضِهم في نارِ كربٍ تفجَّرَا
وفيهم كتابُ اللهِ يُزجي بيانَه = فصيحَ المعاني إذْ أبانَ وكرَّرَا
هـو النُّورُ مَن وافاهُ عاشَ مكرَّمًـا = وأحرزَ في الدَّارينِ فوزًا ميسَّرَا
أَيُروى شـقيٌّ من حبورِ تراثِه = وباتَ العنـا في ناظريْهِ مُنَفِّرَا !
ومَن لتراثٍ يدفعُ الخبَّ صدقُه = ويمسحُ عنه الرَّانَ أيامَ ما اعترَى
حداثتُهم غـيٌّ وحربٌ على الهدى = وثوبُ تباهيها تراهُ مُقَوَّرَا
أتانا بها من كلِّ حَدْبٍ مغفَّلٌ = خبيثُ النوايا حيثُ حـلَّ مكشِّرَا
فإنْ ردَّه ليثٌ تراهُ مجندلا = وتلمحُ ذاك الوجهَ أغبرَ أصفرَا
لقد زيَّنوا للناسِ زيفَ تغرُّبٍ = ودافوهُ سمًّا في حواشيهِ مضمرَا
يغنُّون للآتي الجديدِ ولم يكنْ = وإن جهلوا إلا أخسَّ وأقذرَا
وميزانُنا شرعُ العليمِ بخَلقِه = و واقعُنا هذا الذي قـد تضجَّرَا
فهلا سألْتُم عن جهابذةٍ رأوا = بميدانِ هذا الفنِّ سحرًا تصدَّرَا
فهاتوا لنا مايصلحُ الأمرَ عنهمُ = لنلقى به وجهَ الخلاصِ بـلا مِـرَا
وهل عندهم عقلٌ فدتْهُ عقولُهم = بمنوالِه نسجٌ نراه مُشَيَّرَا (8)
وهل عندهم روحٌ يردُّ أذى العدا = ويهفو إلى نقعِ الطعانِ غضنفرَا !
ويحيا نقيًّا بالوفاءِ وبالتُّقَى = ويبني لنا حصنًـا حصينًا مجدَّرَا !
ويهتكُ سِترَ المارقين ومن يُرَى = عليه أماراتً الدهاءِ مزوِّرَا !
وهل عندهم أغلى وأحلى من الهُدَى = وأسمى من القرآنِ قولا وجوهرَا !
نَحِـنُّ إلى وجـهٍ كوجه جدودِنا = على وجنتيهِ النُّورُ هـلَّ منشَّرَا
ويحملُ أسفارَ الطهارةِ والشَّذا = ويملآُ دنيانا القشيبةَ عنبرَا
ويُسمعُنا صوتًـا صداهُ بأضلعٍ = على الزمنِ المفجوعٍ صاحَ وحذَّرَا
فإنا نحبُّ الخيرَ للناسِ كلِّهم = ولا عاشَ مَن لم يُكرمِ الناسَ خَيِّرَا
أحبُّ الورى أبناءُ جلدتِنا لنا = عسانا بهم نلقى الودادَ مـؤثِّرَا
ونطوي معًـا ذَوْبَ الكآبةِ والجفا = ونحيي بدنيانا التسامُحَ نيِّـرَا
وندركُ بالتَّقوى الفلاحَ فإنَّه = كفانا الذي أَغنَى الفسادَ وثرثرَا
يدوِّي بأنفاسِ الربيعِ نهارُنا = ويخضلُّ في وجهِ البشائرِ مسفرَا
تفحُّ حواليه الأفاعي وكم عـدا = على حلمِه الفينانِ أفعى مصفِّرَا (9)
وكم هي حامت كالينابيعِ سمُّها = يساقي لياليها الطوالَ لتزخرَا
وكم لدغت قلبًا بقاتلِ نابِها = وما انقلبتْ إلا وشُلَّ معفَّرَا
مدى صبحِنا مجـدٌ بهيٌّ و نعمةٌ = جَرتْ من بطونِ الغيبِ في الأرضِ أنهُرَا
لنا الألقُ الوهَّاجُ في أفقِ مجدِنا = يرفُّ ابتهاجُ النورِ حيثُ تحدَّرَا
ومن أزلٍ أعيا الطغاةَ شعاعُه = فما ردَّه باغٍ وأنْ كان أمهرَا
وأفحــمَ طاغوتَا ودمَّرَ صرحَه = وأخرسَ قوَّالا وأطفأ محجرَا
ولم يبقَ إلا وحيُه و رفيفُه = يطمئنُ مَن يرضَى الشريعةَ مُبصِرَا
وما هي أحلامٌ على جفنِ واهــمٍ = لها وجـدَ الرَّؤةن شأنا مُبَرَرَا
ولكنها عينُ الحقيقةِ مثلما = يراها كنورِ الشمسِ يسطعُ في الورى
ويسمعُها النَّـائي نشيدًا مقدَّسًا = يـرنُّ صداهُ في المغاني مبشِّرَا
ضحوك محيَّاها لدائكَ بلسمٌ = وجنَّتُها تُغني التَّذَوُّقَ سُكَّرَا
أكبَّ عليها الأوفياءُ فأغدقتْ = وكلُّ فقيرٍ جاءَها باتَ موسِرَا
سكساها الذي سوَّى وابدعَ صُنعَه = جلالا بـه كانت أحقَّ و أجدَرَا
ولمَّا تزلْ بالمكرماتِ ظليلةً = وللخيرِ مازالتْ بدهرِك محـوَرَا
رويدك لاتركنْ لزخرفِ فتنـةٍ = ولا لسرابٍ لاحَ في الدَّربِ نيِّـرَا !
فلم تبقَ زيناتُ الحياةِ إلى غــدٍ = ولن تجدَ المأثورَ فيها مُذَخَّرَا
أضاءتْ سويعاتٍ وغابَ شعاعُها = و ولَّى بأهداب المسرةِ مـدبرَا
كُوى الأُنسِ لايُجدي السجينَ شعاعُها = وخلفَ الكُوى أُفقٌ يـراهُ منوَّرَا
ولن يجحدَ الفضلَ الأثيرَ أخو الحِجَى = ولن يُغلقَ البابَ المقدسَ مَن يـرَى
أفاضَ النَّدى دينُ النَّبِيِّ مُحَّمَّدٍ = وأغنى هُـداهُ الناسَ بِــرًّا وعمَّـرَا
فطابَ لذي تقوى ولان لذي أسى = و وافى حقولَ الصَّالحين ميسِّرَا
ودولتُه أعطتْ عـدالةَ حكمِه = شعوبًا طوتْ في الأرضِ كسرَى وقيصرَا
وأرخى جناحَيه الشِّديدُ بظلها = وللحقِّ بالإذعانِ جاءَ ليُعذَرَا
وما هجـمَ الذئبُ الجسورُ على القرى = وما أبصرتْ عينٌ غرابًا تنسَّرَا
تآختْ على الإسلامِ أنفُسُ أُمَّـةٍ = وألقتْ مُـدى البغيِ الذي صارَ منكرَا
فسبحان مَن يهدي لرحمةِ دينِه = بلادا و قومًا فاصطفاهم وآثَرَا
فما لشعوب المسلمين تبدَّدتْ = قُواها وأرداها الشقاءُ مدمِّرَا
وأخوت على مُــرِّ المصابِ نفوسُها = وكان لها الفتحُ المبينُ ميسَّرَا
ألـمْ تـكُ في (بدرٍ) مؤيَّدةً لهـا = من اللهِ إمدادًا أتى ما تآخَّرَا
فألقت على قعرِ القليبِ طغاتَهم = وهدَّمَ جندُ اللهِ بالنَّصرِ خيبرَا
طافَ الهدى دنيا الأنامِ بنورِه = ولم يُبْقِ إظلامًا ولم ينسَ معسِرَا
فأين الرجالُ الصِّيدُ في أمَّة الهدى = يعيدون وجهًـا للسعادةِ مقمرَا
وإنا وإن جاسَ الغزاةُ ديارَنا = وهاجوا فإنا لن نضلَّ ونكفرَا
سنحمى حمى الإسلام مهما تآمروا = وإن جارَ أهلً الكفرِأو مكرهم عـرا
ستبقى على الدين الحنيفِ جموعُنا = ولن نقبلَ النهجَ السقيمً مُـزوَّرَا
ولسنا من الناسِ الذين تهوَّدوا = على حِقبةٍ تُطوَى ولن نتنصًّرَا
لنا في كتابِ اللهِ أكرمً منهجٍ = وفوق الثَّرى أعلى المهيمنُ مشعرَا
وفي السُّنَّةِ الغرَّاءِ عـزٌّ ورفعةٌ = فلن نهجرَ المجدَ الوريفَ ونخسرَا
فكم طلعَ الفجرُ الوضيءُ بوجهنا = يسبِّحُ خلاَّقَ الوجودِ مُكَبِّرَا
وكم جادَ بستانُ الشريعةِ بالنَّدى = وأعطى فلن يلقى فتاهُ تَضَوُّرَا
بكلِّ ميادين المآثرِ كفُّـه = تجودُ ويأتي بالعطايا مبكِّرَا
وظلُّ مآتيه الرخيَّةِ جنَّةٌ = وما كان ظلُّ الخيرِ يومًا مُنَفِّرَا
لقد مات في كهفِ المآسي دخانُهم = ونورُ المثاني لن يموتَ ويقبرَا
تلألأ في صدرِ الزمانِ ابتهاجُه = و وافى عمومَ الناسِ زهوًا معطَّرَا
شهودُ مثانينا وقد ذاعَ ذكرُهم = تراهم على عرشِ المفاخرِ حُضَّرَا
وسوم: العدد 1029