لاتخافي ، فلن يزولَ الإخاءُ = أو تُوارَى الأُنشودةُ الحسناءُ
أطربتْنا رغم المآسي بليلٍ = عصفتْ في ظلامِه البأساءُ
لن يموتَ الإيثارُ بين قلوبٍ = هذَّبَتْها الشَّريعةُ الغرَّاءُ
فالرجال الأبرارُ لن يتواروا = عن سنى الجودِ : أفقُه وضَّاءُ
فالعطاءات حُلوةٌ ، والتَّجافي = ما تعاطاهُ قومُنا الفضلاءُ
حُللُ الوُدِّ والتآلفِ تزهو = في ربوعٍ زُرَّاعُها الأوفياءُ
مجدُ أهلِ الإحسانِ مجدٌ ظليلٌ = منذ عهدِ النَّبيِّ ليس يُساءُ
المبرَّاتُ والعطايا توالتْ = وببذلِ الأجوادِ هـلَّ الرجـاءُ
وزكاةُ الأموالِ خيرُ وِقاءٍ = ليس يطغى على الوِقاءِ الدَّاءُ
لن تضرَّ الآفاتُ حالَ فقيرٍ = يومَ أدَّى حقوقَه الأغنياءُ
حكمةُ الله ، والمقاديرُ جَلَّتْ = ولِرَبِّي انقيادُ نا والثَّناءُ
والمقاماتُ للتُّقاةِ تراءتْ = إذ أظلَّتْهـا الجنَّةُ الخضراءُ
طارَ شوقًا مَن ذاقَ طعمَ جَنَاهَا = فجناحاهُ هِمَّـةٌ وارتقاءُ
وسُمُوٌّ بالنفسِ ليسَ يُجَارَى = وامتثالٌ لرُشدِها وعـلاءُ
درجاتٌ عندَ الإلهِ بيومٍ = لم يُغَيَّبْ ماقدَّمُوا والعطاءُ
فَهُمُ الرُّوَّادُ الكرامُ استظلوا = فالسَّجايا بستانُهم والحِباءُ
أدركوا سيرةَ النَّبيِّ فكانت = وِجهةَ الخيرِ ليس فيها خَفَاءُ
فانْظُرَنْهُم على امتدادِ قرونٍ = شهدَ البِـرُّ فضلَهم ما تناؤوا
والتآخي في أمَّتي لن يولِّي = عن بنيها ولن يزولَ الولاءُ
صانَ فِعْلُ الأبرارِ كلَّ جميلٍ = وتعالى للصَّالحاتِ النِّداءُ
أنْ هَلِمُّوا للمكرماتِ بدنيا = حيث يبقى مدارُها اللألاءُ
فتثنَّى بالعطفِ أمْنُ اليتامى = وتناءى عن اليتيمِ انطواءُ
والنساءُ الأراملُ ابتهجَ العيشُ ... = ... يواسي أحزانَهُنَّ الهناءُ
وأولو الفاقةِ البئيسةِ بَشُّوا =حيثُ ولَّى عن البيوتِ الشَّقاءُ
نِعمَ جيلُ الرُّوَّادِ في كلِّ عصرٍ = كالغماماتِ كفُّهـا سَحَّاءُ
كالربيعِ الفوَّاحِ أزهرَ يحكي = عن معانٍ من بعضِهِنَّ الرَّخاءُ
كهبوبِ الأنسامِ تحيي صدورًا = أثقلَتْها البأساءُ والضَّرَّاءُ
في ثنايا افترارِها العَبِقِ : البِـرُّ ...= ... تهادى ، فللهمومِ انجلاءُ
قد أعادَ الرجالُ عَذْبَ التآخي = فتباهتْ بفيئِه الآناءُ
في يديه ازدهى الوفاءُ ، وفاضتْ = من ينابيعِ وُدِّهِ النَّعماءُ
والمجاعاتُ في البلادِ طوتْها = كفُّ جودٍ ــ من خيرِه ــ بيضاءُ
والأيادي إن اختبرْتَ ثلاثٌ = والعطيَّاتُ مثلُهُنَّ سواءُ
فيدٌ باركَ الكريمُ عطاها = فاستُثيرَ النَّدى بها والنَّماءُ
وتولَّت رعايةَ الناسِ تحكي = ماروتْه العقيدةُ السَّمحاءُ
ويـدٌ ردَّها البخيلُ فَجَفَّتْ = وتناءتْ عن أرضِها الأنواءُ
ولواها مغلولةً ليسَ فيها = أو لديها للمكرُماتِ انتماءُ
وَيَدٌ حثَّها الدُّعاةُ ، فنعمتْ = خُطُواتٌ إن استُجيبَ النِّداءُ
هي بشرى للمسلمين إذا أصغوا ... = ... لوعظٍ يقولُه العلماءُ
وتنادى أهلُ المآثرِ للخيرِ ... = ... وولَّى عن النُّفوسِ الرِّياءُ
قُـمْ تأمَّلْ صَفْحَاتِ أهلِ التآخي = إنَّهُم في نقائِها السُّعَدَاءُ
فبأيديهُمُ المساجدُ قامتْ = شامخاتٍ ، وللأذان العــــــــــــــــــــــــلاءُ
والمشافي ، والمحسنون تَوَخَّوا = نفعَها ، والدَّواءُ طابَ الدَّواءُ
أيُّ مجدٍ هذا الذي يتباهى = في سمانا ، ووجهُه وضَّاءُ
ولدورِ التعليمِ فيه مغانٍ = وأولو العلمِ عصبةٌ لن يُساؤوا
يارجالَ الإنجازِ طوبى ، فأنتم = في ربانا الأفاضلُ النُّجَباءُ
كم حفرتُم بسعيِكم تربةَ الخيرِ ... = ... ففاضت آبارُكُم والدِّلاءُ
يشربُ الناسُ ماءَها ، ومن الماءِ ... = ... تكون الخيراتُ والآلاءُ
وأقمتُم مراكزَ الدعوةِ اليومَ ... = ... وفيها للمهتدين لقـــاءُ
وبذلتُم وبذلُكم عادَ حقلا = يجتني من ثمارِه الفقراءُ
وتسابقتُم في مآثرَ تُومي = لسُمُوٍّ تضمُّه الأحناءُ
بينَ ركبِ الحجيجِ جاءت وفودٌ = قد حباها من الكرامِ السَّخاءُ
ذلك الفضلُ فيه من بركاتٍ = باقياتٍ مامسَّهُنَّ العفاءُ
يجتبي اللهُ مَن يشاءُ ويُدني = لأعالي فردوسِه مَن يشاءُ
تلك بعضُ الوجوهِ أسفرَ فيها = في الليالي الأماجدُ الحنفاءُ
الرجالُ الأبرارُ والعلماءُ الصِّيدُ ... = ... فيها والإخوةُ الأسخياءُ
فلهم عند ربِّهم من ثوابٍ = ولهم طيبُ جودِهم والإياءُ
ليس يدري ذاك الثَّوابَ سوى اللهِ ... = ... لقومٍ هم للضِّعافِ وِقـاءُ
صدقاتٌ في السِّرِّ والعلنِ ازدانتْ ... = ... وأخرى لشأنِها بُشَرَاءُ
قَرَّبَتْ بالحنانِ أهلَ قلوبٍ = ملأَ الشَّجوُ عيشَها والشَّقاءُ
هاجَ في قلبيَ الحنينُ ، وضجَّتْ = بالقوافي الشَّجِيَّةِ الأصداءُ
وتأمَّلْتُها عهودَ إخاءٍ = قد طوتْ سِفرَها اليدُ العسراءُ !!!
إنَّما الخيرُ لم يَمُتْ ، فالمثاني = والأيادي وأمَّتي أحياءُ
بُوركتْ في البلادِ نَجْدَاتُ قومٍ = خلَّدتْها في الأمَّة الأتقياءُ
وتباهى بها السَّخاءُ وفاءً = ولها في الصحائفِ الإعلاءُ
في بحورِ الأشعارِ نبضُ نَدَاهم = من قديمٍ ، وللحديثِ ابتداءُ
وهو البِـرُّ دَفْقُهُ فيضانٌ = ماتوانى ، ولن يغيضَ المــاءُ
قِيَمُ المحسنين دفءُ قلوبٍ = لوَّعتْها المصيبةُ العجفاءُ
فبِهم يدفعُ الإلهُ الرَّزايا = وتُولِّي الشَّحناءُ والبغضاءُ
وتعودُ الأيَّامُ حُلوًا جناها = ومداها الأفياءُ والآلاءُ
فالتآخي والأُمنياتُ ركابٌ = ماتناءت ، وأهلُها ماتناؤوا
ورفيفُ الإخاءِ في أمَّةِ الخيرِ ... = ... وهذي الأطيابُ والأشذاءُ
ورجانا في المحسنين كبيرٌ = إن تنادوا ، حيثُ النَّدى والوفاءُ
والثَّوابُ الجزيلُ من بارئ الكونِ ... = ... فنعمتْ جنَّاتُه والهناءُ
وسيبقى الإسلامُ موئل بِـرٍّ = وسيبقى في المسلمين الإخاءُ