مـا بين مولدِه وهجرته صلى الله عليه وسلم
في أرضِ مكَّةَ قبلَ مولدِه لقد ساءَتْ فِعـالْ
وتطاولَ الطاغوتُ حولَ البيتِ يُمعنُ في الضلالْ
إبلــــيسُ والأهـــــــواءُ والبغيُ المجنَّدُ بالرجــالْ
يتواثبون إلى المفاسدِ لا إلى بيضِ الخِصالْ
والأرضُ ظمأى ، والعيونُ الرانياتُ لها ســـؤالْ !
كيف الخلاصُ وكيف ينتفضُ الهداةُ على المُحَالْ !
***
وإلى متى الصبرُ الجميلُ على مراراتِ الوبالْ؟
وُلِدَ النَّبيُّ فدعوةُ الإسلامِ تبدأُ بالنِّضالْ
الجاهليَّةُ ، والسَّفاهةُ ، والتَّجبُّرُ ، والجِدالْ
والشـــرُّ ينفخُ نارَه والبطشُ أفرزَه الخَبالْ
والمشركون تواعدوا حربًا على كلِّ احتمالْ
لكنَّما طلعَ النهارُ ... فياظلامُ إلى الزَّوالْ
***
الوحيُ هـلَّ بنورِه ونزولُه فوقَ الخيالْ !
فأتى النبيُّ بمصحفٍ فالكونُ يرفلُ بالجمالْ
وُلدَ الهدى والكونُ غافٍ حيثُ صوتُ الفجرِ قال :
الله أكبرُ ... فارتمتْ أصنامُهم تحتَ النِّعالْ
وتحركَ الطغيانُ بالكفارِ في مهجِ الليالْ
قد أبرموا عدوانَهم وعقيدتي في خيرِ حالْ
***
الله أكبرُ زانَ في الآفاقِ بهجتَها الهلالْ
واهتزَّت الأكوانُ في ذكرٍ تعالى وابتهالْ
وبطاحُ مكَّةَ ساءَها الإشراكُ والدَّاءُ العُضالْ
واستنكرتْ تعذيبَ عمَّارٍ وما يلقى بلالْ
لكنَّما للجرحِ مهما طالَ بالألمِ اندمالْ
فانظرْ إلى أيامِ عاقبةِ الطغاةِ كما يُقالْ
***
مابينَ مولدِه وهجرتِه : البـــــــــــــــــشائرُ والطِّـــــــــــــــــلالْ *
تسقي القلوبَ الظامئاتِ ويرتوي عطشُ الرمالْ
وعقيدة التوحيدِ جاءتْ بالجوابِ عن السؤالْ
بالصَّبرُ ، والقيمِ الحِسانِ وشوقِ روحٍ لاكتمالْ
وَلْيَخْسَأِ الكفَّارُ هاجوا بالسيوفِ وبالنِّبالْ
وتقهقروا بئستْ ليالي الظالمين إلى زوالْ
***
طالَ الوجومُ وهـزَّ دنيانا اغترابٌ وارتحالْ
وسهولُ مكــة رانياتٌ للمهاجِرِ والجبالْ
أيعودُ فالدَّيَّـانُ يحفظُه فللدنيا اعتدالْ
هـو بهجةُ الدنيا وفرحتُها به في كلِّ حــالْ
فرسولُ دينِ اللهِ جاءَ إلى المدينةِ بالخــلالْ
فتباشرتْ أرجاؤُهـا وجـدارُ أهـلِ البغيِ مــالْ
***
و رنتْ هنالك مكَّةُ التوحيدِ تحدوها الخِصالْ
أينَ الحبيبُ المصطفى بين السهولِ أم الجبالْ !!
ومتى يؤوبُ إليَّ ؟! قد آذوهُ باليدِ والجِدالْ
بشراكِ عادَ وعادت الأيامُ إذْ يحلو المآلْ
طابتْ به دنياكِ والدِّين منهجُـه مُذالْ
فاستبشري ولَّت عهودُ الظالمين فلا وصالْ
***
بالهجرةِ الإسلامُ غيَّرَ من قوانينِ اختلالْ
وصحتْ شعوبُ الأرضِ بالنهج السَّويِّ ولا يزالْ
هذا هـو الإسلامُ باقٍ في مضامين اعتدالْ
رغـم الأراذلِ والأسافلِ والطغاة وما يُقـالْ
أصغتْ لـه الدنيا ففي الإسلامِ من خيرٌ نوالْ
هـو فطرةُ الرحمنِ لايشقى به أهلُ الوصالْ
***
هـو منهلٌ عـذبٌ لِمَن أعياهُ في العيشِ اعتلالْ
فالهجرةُ افتتحتْ لهم بابَ المآثـرِ كي تُنالْ
حيثُ الإخـاءُ مع المودةِ والتعايشِ والخِلالْ
لاظلمَ لاطغيانَ لاللبغيِ والحقدِ اشتعالْ
فَهُمُ العبادُ لربِّهم ولهم إذا ظُلِمـوا ابتهالْ
فاللهُ جــلَّ جلالُه لم ينسَ ذا كربٍ يُطالْ
***
هي حالُنا في عصرِ محنتِنـا وللخطبِ ارتحالْ
فإذا اطمأنَّتُ أنفُسُ الأبرارِ في العيشِ الحلالْ
وتجلَّدتْ فيدُ الرزايا منهُمُ ليستْ تَنالْ
لابـدَّ من فَـرَجٍ قريبً يصلح الرحمنُ بالْ
هي هجرةُ الغرباءِ في زمنِ به كلُّ احتمالْ
لكنَّه بيدِ الذي وعـدَ التُّقاةَ بخيرِ حــالْ
* الطِّلال : جمع طل . وهو المطر .
وسوم: العدد 1041