هوامش:
- الناَّمُوسُ:القانونُ أو الشَّريعة ، ويطلق لفظ الناموس في الإسلام على جبريل عليه السّلام ، ومعنى لفظ الناموس في اللغة؛ صاحب سرّ الخير، واتفق أهل العلم على أنّ لفظ الناموس يراد به جبريل عليه السّلام، وسُمي جبريل عليه السّلام بذلك لأنّ الله تعالى فضله على باقي الملائكة بأنْه يطّلع على الغيب، ويعلم بالوحي الذي لا يطلع عليه غيره.
- رجلٌ حُوشِيّ : بمعنى وحشيّ لا يكاد يخالطُ النّاسَ . لاستهتاره بالقيم الإنسانية العالية .
- المكسال : هـو الإنسان المتفرغ للمتعة والترفيه واللهو بكل أنواعه .
فجـرٌ تبسَّمَ بالفدا فأنــارَا = وجـهَ النهـارِ فأبهرَ الأبصارَا
وحديثُ مجدٍ للبطولة لم يزل = يسبي العقولَ ويملأُ الأسفارَا
نسجتْه أيدي الأوفياءِ لدينِهم = عـزًّا تألَّـقَ مِتْنَــه و فخـارَا
وبه من القيمِ الرفيعةِ مـوردٌ = للنَّاهلين وما انثنى مـدرارَا
وهفتْ بحلَّتِه مكانةُ غَــزَّة = تـزجي لجمعِ الخانعين شعارَا
ماكان في خيرٍ رجالٌ أذعنوا = للظالمين تناوبوا الأدوارَا
واستنفرتْ أفذاذَها لجهادِ مَن = عاثوا بموطنِ قدسِنا أشرارَا
فحماسُ في زخـم الهجوم وأُختُها = بنتُ الجهادِ تَبنَّيَا الإنذارَا
وهناك من أهل البطولة والفدا = قومٌ أذاقـوا المعتدين مرارا
والمسلمون شعوبُهم ترنو إلى = يومٍ به الميدانُ يقدحُ نــارَا
ليرى اليهودُ نهايةَ البغيِ الذي = جاؤوا به بيدِ الفسادِ بـوارَا
ستزولُ إسرائيلُ مهما عربدتْ = دولُ الجناةِ بأرضنا استكبارَا
لابــدَّ من فجـرٍ تدانى يومُـه = نلقاهُ في آفاقنـا خطَّارَا
ولعل تاريخَ التَّداولِ لـم يزل = يُذكي الحِجَـى كي تدركّ الأسرارَا
ناموس ربِّ العرشِ ماضٍ في الورى = والله كانَ لمَن بغى قهَّـارَا(1)
أين المجوسُ وأين كسرى فاعتبرْ = أوما ترى طاغوتَهم منهارَا
كم من زنيمٍ فاجرٍ متغطرسٍ = نالَ العقابَ من القديرِ جهـارَا
يأتي الهلاكُ لكلِّ مَـن تبعَ الهوى = واستعذبَ الفحشاءَ والمزمارَا
في كلِّ يومٍ يغتدون بلهوِهم = واللهُ يُحصي السُّوءَ والأوزارَا
مضمارُهم سعةُ الملذَّات التي = تسبي النفوسَ وتخدعُ الأبصارَا !
حفلٌ وتهريجٌ وفتنةُ نخبةٍ = ضلَّتْ طريقَ نجاتِهــا أطـوارَا
وفسادُ أفئدةٍ تعفَّنَ مابهــا = فانقضَّ أَنْتَنُ مابه بتَّــارَا
يفني قُـوى الأهواءِ في أحنائهم = ويردُّ وِزْرَ المفترينَ غبـارَا
لاينفعُ السُّفها تَعَنُّتَهم ولا = يجـدي الخبالُ من ارتـآهُ مـزارَا
يحكي فصولَ روايةٍ لمَّـا تزلْ = تغري السَّفيهَ الفاجـرَ الختَّـارَا
لكنَّه يتصاغـرُ الكِبرُ الذي = ألفى أمامَ زحوفِــه الأبرارَا
جاؤوا بأمرِ اللهِ في دنيا جنتْ= هذا الثبورَ المـؤلـمَ الـدَّوَّارَا
والعين ترنو للسَّماءِ وتجتلي = خلفَ الغمامِ الفتحَ والأنـوارَا
تشكو إلى الديَّانِ سوءَ حضارةٍ = وطغاةَ عصرٍ مكَّنُـوا الفُجَّــارَا
وأتوا على أهلِ الصَّلاحِ فعذَّبُوا = والسِّجنُ يشهدُ والشعوبُ حيارَى
كم عالمٍ في القيدِ يشكو جورَهم = لمَّـا يجدْ في العالمين جــوارَا
آذاهمُ الطاغوتُ شُلَّتْ كفُّه = ورأى الهـلاكَ ولم يزل جـزَّارَا
ميلادُ فجرٍ فيه هبَّ ضياغمٌ = للــهِ ركبًـا زاحفا مغـوارَا
قلبَ الموازين التي قد أنهكتْ = شعبًا أبــى لايستسيغُ العــارَا
زمرٌ من الأبطالِ خاضوا غمرَها = إذ ايقظوا بالصَّرخةِ الأمصارَا
اللهُ أكبرُ عادَ للدنيـا الصَّدى = وشعوبُهـا تستطلعُ الأخبارَا
نامتْ على نغماتِ موسيقا لها = واستيقظتْ تتبيَّنُ التزآرَا
لاتقلقي دنيا الذين استأنسوا = بالموبقاتِ فمزقي الأستارَا
فاليومَ نورُ الفجرِ بدَّدَ ليلَهم = وأذلَّ مَن عادى الحنيفَ و جــارَا
ولقد مضى مايقربُ القرنَ الذي = فيه الأباةُ عدوُّهـم مَن جــارَا
فأتـوهِ بالإيمانِ والقيم التي = لاتقبلُ التَّـزويرَ والإنكارَا
فاستأصلوا ماكان من كِبرٍ ومن = زخـمِ العتادِ وأوسدوه تبارَا
عادتْ كتائبُ صحبةِ الهادي إلى = حللِ الجهادِ فأسفرَت إسفارَا
وبـدا بعزَّتها التي ما أذعنتْ = يوما لهم عُمَرُ الذي قد ســارَا
للفتحِ رغم مجوسهم والرَّغمِ من = رومٍ فهل في الأرضِ مَن يتمارَى !
قُلْهــا لحشدِ المجرمين تجرؤوا = جاسوا الديارَ ومـزَّقوا الأستارَا
مليونُ ، مليونان ، قتلى هاهنا = وهناك مليونٌ سقوه مـرارَا
فالأسرُ والتدميرُ والتهجيرُ ما = برحوا رأوها في الكرام سرورَا !
هـم يفرحون لقتلنا ودمارِنا = واللهُ يمهلُ هاهنا الكفَّـارَا
حتَّى إذا حــمَّ القضاءُ رأيتَهم = صرعى فعشْ تُبصرْ لهم آثـارَا
وَلـوا إلى دارِ المهانةِ أمِّهم = يلقون فيها خزيَهـم والنَّــارَا
فاسجدْ لربِّ العرشِ واشكرْ فضلَه = فهـو المهيمنُ عاقبَ الفجَّــارَا
وهو الذي نصرَ الأباةَ بغــزَّةٍ = وأنـالَ أعداءَ الشعوبِ فـرارَا
وأذلَّهم وهم الذين بكفرِهم = وضلالهم عاشوا الحياةَ سكارَى
وبقيةُ الأخـدان من أحبابهم = هانوا ولجُّــوا في الودادِ حيارَى
فجرٌ تبسَّمَ بالفــدا وتبسمت = بيضُ الوجوهِ بقدسنا استبشارَا
وأعادَ عـــزَّتنا بغــزَّة إنهــا = فخرٌ لآُمتنا تعيدُ فخـــارَا
في ساحِ معمعةِ القتالِ تألقتْ = فجرًا فيالقُ من حماس مِـرارَا
وأتى الفلاحُ من القديرِ ففوجئتْ = نُخَبٌ تظنُّ قُوى الهُداةِ غبارَا !
لكنَّه الإسلامُ أيقظَ أُمَّــةً = رغــمَ الطغاةِ وفجَّــرَتْ بركانــا
وأتى الحبورُ على البلادِ ففوَّحتْ = فيهـا المغاني تستثيرُ عَــرارَا
فلهـا التهاني رغم عصفِ مصائب = حوشيَّةٌ تستخدمُ الأظفارَا(2)
نالتْ من الأبرارِ نَيْلَ ضغائن = كانتْ لحشدِ عدائهم مضمارَا
سلمتْ يــدا أحفادِ جندِ محمَّـدٍ = صاغتْ بطولتَها الرجاءَ فصـارَا
ماكان من عـــزٍّ يُــرادُ ونخــوةٍ = ماتتْ ولكنْ أقبلتْ إعصارَا
يطوي فسادَ خيانةٍ كانت بها = تبعيَّة تستجلبُ استحقارَا
هي رجعةٌ للهِ تزخـرُ بالمنى = وبكلِّ ما يستنهضُ الأخيـارَا
وبكلِّ ما في البيناتِ من الهدى = والسِّيرةِ المُثـلَى تفوِّحُ غـــارَا
هي دعوة الباري لأُمتنا فما = في ذي البريَّةِ غيرها ما اختارا
سبحانك اللهم فيك رجاؤُنا = يامَن وهبتَ المنهجَ المعطارَا
واخترتَ أمَّتَنَـا لتحملَ خيرَه = للعالمين مـدى القرون منــارَا
سدِّدْ خطى جيلِ الجهادِ لرفعةٍ = واملأ يقينَ فـؤاده استبشارَا
ليقودَهم للحـقِّ هـديُكَ وَلْيَثِبْ = هذا الشبابُ إلى العلى استبشارَا
هـاهم أتــوا جلَّتْ مقاصدُ سعيِهم= ليعزَّ منهجَ دينِـك الأعمارَا
ماضيَّعوا الأوقاتِ في لهوٍ ولا = دفنـوا الحِجَـى أو لـوَّثوا الأفكارَا
إنَّ الشبابَ قد اهتدوا فأتوا يدًا = تبني وعاشوا للهـدى أنصارَا
ولقد رأوا في الدِّين نورًا بيِّنًا = يستنهضُ المكسالَ والخوَّارَا (3)
متشوقين إلى الفخارِ بدينِهم = والعزمُ لايُبْــقي لهم أكــدارَا
ولعلَّ أحفادَ الأُلــى عادوا وفي = أحنائهم هممٌ ستطفئُ نــارَا
نارَ المجوسِ وجمرة الرومان في = أرضِ السلامِ تبدِّدُ الأشرارَا
يتوافدون إلى الجهادِ كأنَّهم = سحبٌ تتابعَ ودقُهــا مــدرارَا
لكأنَّني أجــدُ الغدَ الآتي بهم = حقلا وريفًـا بالنَّــدى محبارَا
تجني ثـمــارَ ربيعِه دنيا الورى = وترى إدارةَ شأنِه أبــرارَا
أحفادَ مَن سادوا الأنامَ فقمْ تجدْ = في كلِّ مقدامٍ فـتــى كــرَّارَا
أجدادُهم صِيدٌ وعاشوا مـا رأوا = للقاعدين بوهنِهم أعــذارَا
ومضوا ولم تأنس بغيرِ حضورِهم = حقبٌ يعاني أهلُهــا الأخطارَا