سيهزمُ جمعُ المعتدين ، ومَن يدري = إذا حلَّت الأقدارُ ذاك الذي يجري
فربُّكُمُ الرحمنُ ماكان غافلا = إذِ اقترفوا هولَ الفضائعِ بالجَورِ
أتى منه جلَّ اللهُ حالٌ نصونُه = به أقبلت بشرى الخلاصِ من الضَّيرِ
وآزلَتِ الأيامُ بالكربِ وانثنتْ = قلوبٌ عن الشكوى لخالقِها البَرِّ
يكادُ القنوطُ المرُّ يطوي يقينَها = ولكنْ نجاواها على غِيَرِ اليُسرِ
فليس احتباسُ القطرِ إلا لفرحةٍ = يجودُ بها مولى الورى منزلُ القَطرِ
فلا تَنْءَ عن بابِ الكريمِ فإنه = رحيمٌ ودودٌ بالعبادِ أولي الصَّبرِ
فحين اعتكارِ اليأسِ في ظلمة الأسى = يكون انبلاجُ اليسر من عتمةِ العسرِ
بشائرُ ربي لا القنوطُ يردُّها = ولا ظُلمُ طاغوتٍ بعاقبةٍ يدري
هو العبثُ الأعمى تجارةُ فاسدٍ = فللعابثِ المأفونِ ألوانُها تُغري
وعنه المعالي والمآثرُ أدبرتْ = فعاشَ بقيعانِ التفاهةِ والهذرِ
فكم من قميءٍ فاسد الرأيِ حاقدٍ = أضرَّ بأهلِ الخيرِ في بيئةِ المكرِ
وأزبدَ ذا المأفونُ والوجهُ كالحٌ = على قترٍ في الوجه ياصاحِ مستشرِ
تمطَّى شقيًّا مشمخرًا بإثمه = يناجزُ أهلَ الحقِّ بالعسفِ والجَوْرِ
وترعدُ في شدقيهِ جلجلةٌ حكتْ = نهيقَ حمارٍ هاجَ من ألمٍ مُرِّ
يقولُ أنا ابنُ العزِّ والفخرِ واهمًا = ولم يكُ إلا من فصيلةِ ذي الحُمرِ
فجاءتْهُ أقدارُ الإلهِ بصفعةٍ = حسيسُ لظاها في الفؤادِ وفي الصَّدرِ
فألفاهُ أهلُ الحيِّ بالخزيِ مُقْعَدًا = ويدري بأسبابِ الجزاءِ ولا يدري
أتاهُ دعاءٌ سهمُه غيرُ خائبٍ =فسربله بعد التَّعنتِ بالقهرِ
وعن مثلِ هذا ليس يغفلُ ربُّنا = وعاقبةُ الطغيانِ تأ تي مع البترِ
كذلك أهلُ البغيِ في عالَمٍ طغتْ = من الدولِ الكبرى على الناسِ بالضُّرِّ
سيهلكُها الدَّيَّانُ آنَ أوانُها = فلا يَقْنَطَنْ أهلُ الجهادِ من النصرِ
إلى الحسْنيينِ اشتاقَ مسعاهما الذي = رأى هذه الدنيا ممرًّا إلى فخرِ
ليومٍ ترى فيه الطواغيتَ كُبِّلُوا = وللخلدِ في نارٍ يُساقُ أولو الجَورِ
فأيقِنْ أخا الإسلامِ بالفتحِ إنَّه = لآتٍ بإذن اللهِ معْ طلعةِ الفجرِ
وإن زادَ خلفَ الركبِ يوما عُواؤُهم = فإنك آلمتَ الكلابَ من النُّذْرِ
فجَدِّدْ مدى الأيامِ عهدَك بالتُّقى = وبالصَّبرِ والإيمانِ تُلوَى يدُ الكفرِ
ويُطمسُ وجهُ الظلمِ بالخزيِ والفنا = ويبقى سنى الإسلامِ في الكونِ كالبدرِ
فمن يكنِ الإسلامُ نهجَ حياتِه = فكلُّ الذي يُزجيه في صفحةِ الأجرِ
وواللهِ لم نركعْ لسطوةِ ظالمٍ = ولا لليالي السودِ والوجعِ المُرِّ
ويحفظُنا الإيمانُ عن غمزِ غيرِنا = ونصبرُ إن جاءت ضغينةُ ذي نُكرِ
نجاهدُها نفسًا لكيلا تردَّنا = إلى ربقةِ الإسفافِ بالشَّرِّ والوزرِ
وإن قلَّتِ الأصحابُ فالأمرُ بَيِّنٌ = فلسنا نراعي الزُّورَ في الموقفِ الحُرِّ
خُطانا على نهجِ الشريعةِ لم تزل = ولسنا بها يوما نجاملُ ذا غدرِ
صراطٌ سَوِيٌّ فيه عزٌّ ورفعةٌ = وفيه نجاةُ الناسِ في موقفِ الحشرِ
نعاني فرادى من نوازل جمَّةٍ = وأمتنا في ذا الخضمِ بلا أزرِ
يحاربُنا أهلُ الضَّلالاتِ والهوى = ولكننا نأبى الهوانَ مدى العُمرِ
ويا أُمَّةً قد غابَ عنها رشادُها = فتاهتْ ببحرِ النازلاتِ وفي الوعرِ
وأيام خطبٍ لم تزل في جحيمِها = تدورُ بلا وعيٍ وتعشو على غمرِ
تكادُ جيوشُ الكفرِ تُفني وجودَها = فيدركها صوتٌ من الغيبِ ذو قَدْرِ
فتصحو ويشتدُ بالدِّين عزمُها = وتنفضُ أوضارَ الثَّقالِ عن الظَّهرِ
وتصبرُ حالَ الكرِّ والفَرِّ إنَّما = إلى ساحة الأقصى المسيرُ بلا عُذرِ
فطوبى لإيمانٍ إذا ما تكدرتْ = بخطبٍ ليالينا دعانا إلى الضُّمرِ
فكان لنا لمَّا توجسَ أهلُنا = ضياعا دليلَ الصَّابرين إلى النصرِ
فبشرى لمَن قد رابطوا اليوم بالفدا = وبالجودِ بالأرواحِ والعلق الدَّثرِ
فما عرفوا العيشَ الكريمَ تقاعسًا = إذا اضطربَ الميدانُ بالكرِّ والفرِّ
هو القدرُ المكتوبُ والله ساقه = وقد حفظ الدَّيَّانُ عاقبةَ الصَّبرِ
فكم من دمٍ يجري وعين دموعها = تفيضُ إذا جنَّ الظلامُ على الشَّفرِ
هو الشعبُ والإسلامُ روحُ نجاته = وما انفك هذا الشعبُ عن طلبِ الفخرِ
وما الفخرُ إلا بالمصاحفِ والهدى = وبالخُلُقِ المحمودِ والصوم والذكرِ
وتلك مزايانا تغنَّى بفضلِها = أخو العدلِ والتاريخُ والطائرُ القمري
وإن نوديَ القومُ الكرامُ لمثلِها = أجابوا وإن هُمْ هُدِّدوا بالأذى المُرِّ
هو الشعبُ لايختارُ إلا مَن اتَّقى = ومَن عاشَ للشعبِ المصفَّدِ بالطُّهرِ
فقد كره الشعبُ المجالدُ مَن طغى = ومن حمل الأوزارَ في جعبةِ المكرِ
وذلكُمُ الإرهابُ بالقهرِ ساقهم = لليلِ السجونِ المفزعاتِ بلا وِزرِ
مداها كُوىً منها المراراتُ أفلتتْ = أنينَ صدورٍ إذ تنامُ على الجمرِ
فيا أمتي سيري فنصرُك قادمٌ = أتى بالمضامين الجليلةِ في سِفرِ
تولاكِ ربُّ العرشِ باللطفِ إنَّه = إذا شاءَ أمرًا لايُرَدُ مدى الدهرِ
أياربِّ هيئْ للعبادِ إنابةً = تُمزِّقْ على مضمارِها صفحةُ الهجرِ
لترجعَ بالإسلامِ أمَّةُ أحمد = سحائبَ تحيي بالهُدى ميِّتَ القفرِ