بُورما..ياقوتٌ تحت الرَّمادْ
بُورما..ياقوتٌ تحت الرَّمادْ
ثريا نبوي
فقدْنا الديارَ وآباءَنا
تَعالَيْ نُخبِّئُ آلامَنا
بكهفٍ عميقٍ قويِّ البِنا
لأنَّ الدُّروبَ غَدَتْ مُنحَنَى؛
مسافةَ ليلٍ عَمِيٍّ رَنَا
تَعالَيْ نُخبِّئُ إيمانَنا
فكاهِنُهُمْ لمْ يَزَلْ ماجِنَا
وأُخْدودُهم في اسْتِعارٍ شديدٍ
ونَمْرودُهُمْ يَسْتَحِثُّ الفَنَا
صَرَخنا وما مِن مُجيرٍ لنا؛
لأنَّ الخِلافَ غدَا دأْبَنا:
يُقَطِّعُ قابيلُ أرحامَنا
وتَدفِنُ هابيلَ غِربانُنا
بإبرةِ فقدٍ وخيطِ الدِّما؛
شعوبٌ تُطرِّزُ أكفانَنا؛
تَرُشُّ الزهورَ على قبرِنا؛
وتَخسفُ أقمارَ أحلامِنا
وتُذكي الجِمارَ على أرضِنا
فما مَرَّ مُعتَصِمٌ مِن هنا
لِيَمْحوَ آثارَ مَنْ قَضَّنا
عَموريَةُ الرُّومِ بانَتْ لنا
مَدائنَ خوفٍ و زَحفٍ دَنَا
وبُوذا يُبارِكُ سَيْلَ الدِّما،
و مِحرَقَةً باتِّساعِ الدُّنا!
= = =
تَعالَيْ لِنبحَثَ عن عُشِّنا
على الغُصنِ مُحتَرِقًا مِثلَنا
تعالَيْ لِنَنْبِشَ تحت الرَّمادِ،
لعلَّ أبانا مُصانٌ لنا
وَ نَنْبِشَ أُخرى؛ نرى أُمَّنا،
و تَنُّورَها لَمْ يزَلْ ساخِنا
لِتُنْضِجَ أرغِفَةَ الجائعينَ
و قهوةَ صُبحٍ بَهيِّ السَّنا
حليبًا وحلوى.. تَهيبُ بِنا؛
كلوا يا صِغاري جَنَى كَدِّنا
وبعْدُ العبوا واركُضوا حولنا؛
سَنَوْنَوَتينِ بِحِضْنِ الهَنا!
= = =
تَعالَيْ نُفَتِّشُ عن زورقٍ
لِيَنقِلَنا من شطوطِ الضَّنَى
لعلَّ الصباحَ يمُرُّ هناكَ
و فَيْءَ الأمانِ.. بأسوارِنا
وتصحو الأُخُوَّةُ مِن نومِها
ويغدو الكِفاحُ لها دَيْدَنا
وقبل العُثورِ على زورقٍ؛
أتى السهمُ غدرًا وشقَّ الغِنا!
= = =
فيا كبوةَ الخيلِ ماذا جَرَى
أما مِنْ نهوضٍ يُعيدُ الجَنَى؟
وأصدافَ بحرٍ تَحِنُّ لنا؟
ووشوشةَ الموجِ أُذْنَ العَنا؟
وغيماتِنا مِنْ شِباكِ التتارِ
ونَجمًا يتوقُ إلى حيِّنا؟
وذَوْبَ الشموسِ على غُرَّةِ الصبحِ
يغسِلُ غَضْنَ إهابِ المُنى؟
وياقوتةً راقَها أنْ تُضَمَّ
لتاجِ الملوكِ وقد هَيْمَنا؟
لِدُوقَةِ "يُوركٍ" وميضٌ جميلٌ
إذِ ابْتاعَها العرشُ ياقوتَنا!
= = =
كانت بورما (أراكان) مُستعمرةً إنجليزية
وكان للياقوت النصيب الأكبر في مجوهرات العرش الملكي البريطاني, وكان يُستخدم في ترصيع التيجان ويشارك في تتويج أشهر الملوك والملكات بِتوسط أشهر تيجانهم المتعاقبة في تاريخهم وحتى يومنا الحاضر فقد كان خاتم "فيرجي" دوقة يورك خاتما من الياقوت الأحمر البورمي, قدمه لها الأمير "أندرو" وقت ارتباطه بها في حفل زواجهما
***
كُتِبت القصيدة توثيقًا لصورةِ شقيقين من بورما -طفلٍ وطفلة- بعد فقدِ أسرتهما حيث تحتمي الطفلةُ ببراءةٍ موغلةٍ في أربعِ أو خمسِ سنواتها ؛ - وهي الأصغر سنًّا - بشقيقِها الذي يكبُرُها بنحو عامٍ؛ من فزع الحاضر ودمويتِه، وغيامةٍ سوداءَ تكتنفُ الآتي المجهول..