مدن الضباب
مدن الضباب
بوعلام دخيسي /المغرب
[email protected]رَميمٌ أنتِ يا مُدُنَ الضبابِ
إذا مِتنا أتوْا بالموت حيّا
أقول لكم ولا تـُلقوا بـِسِرِّي
فلولا الحربُ تعْبُرنا تِـباعا
ولا أدركتُ ما قدسٌ ولا ما
ولا بغدادُ كيف روَتْ بـِحِبر ٍ
ولمْ أعرفْ دمشقَ ولا قـَصيراً
ولا بيروتَ لا صنعاءَ لا ما
ولم أسمع بقاهرةٍ وقـَهري
ولم أعلمْ بتونسَ وابنَ غازي
ولا مُدُنٍ تبالغ في علاها
ولمْ يعلمْ سوانا ما رباطٌ
ولا وهران والشهداء فيها
عواصمنا مدائننا تهاوتْ
أرى الأشياءَ أحسبها شظايا
وأنظرُ في السماء وليس فيها
أرى التاريخ أنكِر أن شيخا
أرى الفاروق أُقسِم أنَّ عدْلا
أرى الجنرال منا في تبوك
وسيفـُكَ يا صلاحَ الدين يَكفي
أرى المرآة أجهلـُني ويَندى
لها ثمنٌ من الأجسام أغلى
أراني كالنعامة في حيائي
أجوبُ الغابَ أنهل من صِواها
أراني في ذرا الأشجار أشدو
أراني جاريا في العشب ألهو
أنـَصِّبُني إلى الأبد انتخابا
أحارب من يحاربُكمْ سلاما
ومؤتمرا هنا وهناك أُجْري
أقامر بالمدائن علَّ عرشاً
أيا مدن الضباب ألا انتفضنا
نـُبايعُ مَكـَّة ً لا نـَجْـدَ فيها
ونقصِدُها المنوَّرة َ اقتداءَ
رميمٌ أنتِ يا أخت السبايا
أتيتكِ باكيا لا شيءَ أرجو
أريدكِ حُرَّةً والحرُّ فينا
أحبك يا مدائننا لأني
أصَلـِّي للمدائن كلَّ حين
ألـَقـِّنـُنِي الشهادة َبعدَ ربِّي
وأجعلـُها زكاةً كلَّ حرف
أظنكِ تعرفين الشعر لمّا
وهذا ما استطعتُ اليوم بوحا
قصيدي للضباب إذا تولى
وأنظـُم في مدائننا قصيدا
فأفحِمُ عِطـْرَ باريسَ المُصَفـّى
وأعدِلُ عند لندنَ راقِصَيْها
وأمْريكا إذا الطاعون منها
وأخبرها بأني لست شَرّا
ولست بذاكرٍ من دُقَّ فينا
أرى مدن الضباب إذا رمتهُوحَبْلكِ لمْ يَزلْ حوْلَ الرِّقابِ
لنـُمنـَعَ دفنـَنا قبل الحساب
ضعيفُ العلـْم أفزَعُ مِنْ كتابي
لمَا لقـِّنـْتُ شِبْراً مِنْ تـُرابي
رجوعٌ نحو حيفا للعتاب
بُحورا واكتست حُللَ الخراب
ولم أعرفْ أسُودا كالذئاب
يُذكِّرنا المذيعُ من الروابي
يُهَرَّبُ في القوارب والقِــرَاب
ولا خـُرطومَ يُقطـَعُ قبْلَ ناب
وتـَسْقــُطُ كلَّ عام في انتداب
وبَذخٌ وافتقارٌ في اصطحاب
وظهْرُ الأرض تجأرُ مِن عَذاب
عليَّ ولمْ يَعُدْ يُجْدي انقلابي
وَ أخبَرُ أنها سَقفي وبابي
وهذا السيلَ سطرٌ مِنْ سَحاب
تنفس بينهم صُعَدَا الشباب
كما قالوا ، مِن السبْع العُجاب
ومؤتة َ حاملا بعض الجـِعاب
لنـُحْكَمَ بالحِصار وبالعِقاب
جبيني حين أنظرُ في ثيابي
وعِطرٌ زادَ مِن حِلـَـق ِ الذُباب
وفي حَزْمي أقلـِّدُ كالغـُراب
لأنـِّي لمْ أدَرَّسْ غيرَ غابي
وأمْسِكُ إن سمِعتُ شَذا العُقاب
وأقذِف بالشعوب إلى الشعاب
ويَكْفـُرُ من يُشَكِّكُ في انتخابي
وأضرب بالفنادق لا أحابي
وأخسَرُ في الذهاب و في الإياب
أشيِّدُ فوق ماءٍ أو سَراب
لِنمْخـُرَ ما نعيبُ من العُباب
ولا بترولَ يُشْرَى بالرَّباب
لنهْدِمَ كلَّ أسوار التبابِ
وإني لست من أهل السِّباب
وإنكِ تعلمين اليوم ما بي
نفيسُ المهر يعشق في اضطراب
عرفتك في الشدائد والصِّعاب
وأكْثـِرُ من سُجودي واقترابي
وأحمَـــدَ أنْ أبالغَ في انتسابي
مَلكْتُ وأنتَ يا شعري نصابي
يلامس صِدقهُ صِدْقَ الرُّضاب
وما أعطِـيتُ مِنْ عِلـَلِ الخِطاب
سأكتبهُ زُلالا للشراب
أعدِّدُها عَرائسَ في الحِجابِ
وأرغِمُها التضَوُّعَ من خِضابي
لتـَفصِلَ في التأخر والغياب
أداويها بأشعاري العِذاب
كذلك لستُ صيدا للكلاب
كمسمار يدقـِّقُ في اغتصاب
بعيــــداً لم تعدْ مدن الضباب