رُؤى النفس الصَّامِدَة
رُؤى النفس الصَّامِدَة
حفيظ بن عجب الدوسري
تَعِبَت خُطوتي مِن الأحلامِ
لازَمتني ولم أُحَقق مَرَامِي ..
كُلما قُلْتُ :واصَلَت بِهَوَاهَا
بَاعَدَتنِي عَن لذتي و مَنَامي ..
أَتَمَنَّى لَو أَنَّها فَارَقَتني
كَم فِرَاقٍ يَجِئُ بالإِنْعَامِ ..
كَم صَبَاحٍ يَجِئُ مِنهُ صَباَحٌ
وفلاح مِن بَعدِ طُولِ ظَلاَمِ ..
يا رُؤى النفسِ هذهِ أَوهامِي
مَزِّقِهَا بِفَتْكَةِ الأَقلاَمِ ..
لا تَخَافِي إلاّ مِن اللهِ إنِّي
لَسْتُ أَخْشَى مِن سَاحَةِ الإعدَامِ ..
ساعةُ الموتِ ليسَ يدْفَعُهَا شئٌ
ولو كُنْتَ في حُصُونِ الغَمَامِ ..
رُبَّ مَوتٍ تَكُونُ فِيهِ حَيَاةٌ
وحياة تَنَغَّصَت بِالزُؤَامِ ..
مَا على الأرضِ نَائِمٌ مُستَرِيحٌ
مِن عَنَاءِ الحيَاةِ و الآلامِ ..
وَثَبَاتٌ مِن بعدِهَا خُطُوَاتٌ
بَعدَها القَبرُ فِي زِحَامِ القِيَامِ ..
سَاعةُ الحَشْرِ في خَيَالي دَوْماً
دَائِمَاً .. دَائِماً أراها أَمَامِي ..
يَا رُؤى النفسِ هذهِ آمالي
فَابعَثيهَا تُنِيرُ دَرْبَ الأَنَامِ ..
عَلِّمِيهم أنَّ الحياةَ جِهَادٌ
يَصفعُ الظُلمَ في وجُوهِ اللِّئامِ ..
ذَكِّريهم بِقُدْرَةِ اللهِ فِيهم
كَمْ عَظِيمٍ غَدَا مِن الأَحلامِ ..
كَمْ ضَعيفٍ بِقُدرَةِ اللهِ أَضحَى
سَيدَاً فَوقَ هَامَةِ الظُّلاّمِ ..
كَانَ فِهم مُعَذَّباً , وطَرِيدَاً ,
ووحِيدَاً يَخَافُ ذِكْرَ الحِمَامِ ..
فَغَدَا بَيْنَ لَحظةٍ و سِواهَا
ظَالِمَاً يَشتفي بِذَبْحِ الحَمَامِ ..
المَدَى شاهِدٌ و فيهِ عِظَاتٌ
و الطواغِيتُ آذَنَتْ بانهِزَامِ ..
أُسْقِطَ الظَالِمُ الغَشُومُ وولَّى
فَاسْعَدُوا بانتِفَاضَةِ الإسلامِ ..
هَذهِ دُورُهم ,وهذي قُرَاهم
سُكِنَتْ بَعدَهم بِبَعضِ الأسامي ..
يا إلهي حَكَمتَ و الحُكمُ عَدلٌ
فأَجِرنَا مِن صَولَةِ الأقزَامِ ..
كُلما زالَ ظَالِمٌ هَمَجيٌ
طَاشَ مِن بَعدهِ عَدوُ السلامِ ..
غَرَسَ الناسُ رأسَهم في الرِمَالِ
صّنْعَةَ الخَوفِ في رؤوسِ النَّعَامِ ..
هُم يخافونَ مِن ظِلالِ خَيَالٍ
بَيْنَ أنْيَابِهَا بريقُ الحُسَامِ ..
بَرِمَ الخَلقُ مِن عُتَاةِ الطُغَاةِ
شَرِبوا الدَمَّ مِن بَقَايَا العِظَامِ ..
يَتَسَلَونَ باقتسامِ الضحَايَا
بَيْنَ حَامٍ مِن البَرَايَا و سَامِ ..
ذَهبَ الناسُ للصلاةِ فلمَّا كَبَّروا
خَانَهُم لسانُ الإمامِ ..
مَن يُصلي خَلفَ الذي يَتَسَلَّى
بالضَحَايَا فِي سَاعةِ الانتقام ..
مَاتَ مَن ماتَ واستراحَ سريعاً
مِن صَلاةٍ تَكَلَلَتْ بانْقِسامِ ..
مَن يُنَادِي الطواغيتَ في لَحظَةِ النصرِ
يَذوقوا عَواقِبَ الإجرامِ ..
لَم يزلْ في السماءِ بَعضُ بُرُوقٍ
سَتُعِيدُ الآمالَ لِلأَرحامِ ..
سوفَ يأتي بالنَّصرِ جِيلٌ قَويٌ
يَتَحَدَّى مَخَازِي الحُكَّامِ ..
رُبَّ شمسٍ قَد آذَنَتْ بِبُزوغٍ
يَفْضَحُ الظُلمَ في وجوهِ الطَّغَامِ ..
ما حياةٌ تحلو بِغيرِ جِهادٍ
يَنْصُرُ الحَقَّ في عُيُونِ الكِرَامِ ..
وحياةُ الكريمِ مِن غيرِ بَذلٍ
كَحياةِ اللّئيمِ في الآثامِ ..
قَد يموتُ الجَبَانُ في سَاحةِ الحَربِ
و ينجو الشُجَاعُ بَيْنَ السِهَامِ ..
يا رُؤى النفسِ هذهِ أنغامي
فَاعْزِفِيهَا على المَدى في الخِتامِ ..
يا رُؤى النفسِ هذهِ أعلامي
فَانْشُرِيهَا على على أعزِّ مَقَامِ ..
سوف أبقى مُجاهِداً بقصيدي
و سِلاحي بعدَ المَمَاتِ كَلامِي