دمَشقُ أيا جَنَّةً للمآلْ
دمَشقُ أيا جَنَّةً للمآلْ
ثريا نبوي
دمَشقُ التي في الصَّبابةِ كانت(إذا فكَّرَ الليلُ في الياسَمينْ)
إذا ذُبِحت وردةُ الشرقِ مَنْ سيُضمِّخُ فينا عبورَ اليقينْ؛
بآتٍ يرُشُّ علينا الغَدَا..و وَردَ الفِدا..بطولِ السنينْ؟
أصارَ اختناقُ الصَّدى والصهيلْ
لَدى حُلْكةِ الليلِ.. زَيتَ الفتيلْ؟...
و داءُ التَّردُّدِ عند التحدِّي؛
وفَخُّ التّردِّي؛
وبئرٌ مِن الصمتِ سِحنتُهُ العربيةُ زيفُ التَّصدِّي؛
تَبارَوا يُقيمونَ مملكةً لعُروشِ الدَّمارْ
مماليكُها لَفَّقوا.. صدَّقوا.. ولكنّها ثورةُ الياسَمينْ
-وفي أفْقِها القُزَحيِّ تلألأَ وَمْضُ الحنينْ-
مَضتْ لِتُشكِّلَ أيْقونةَ النصرِ تحت الحصارْ
لِتُنْقِذَ أقدمَ حرفٍ وكَنزَ الحضارةِ مِن سارقِيهِ التتارْ
-وميراثَ "هُوميرَ"..آثارَ "تَدْمُرَ"؛ عُرسَ الصحارَى:
أوانَ استبدَّ غرامُ الفراتِ بقلبِ زنوبيا
فألقت على شاطئيهِ الخُزامَى
وموعدَ لُقيا بِكفِّ النَّهارْ-
مَضَت لِتُحطِّمَ صخرَ المسافاتِ بين المَرافي وظلِّ الفنارْ؛
فقد ثبَّتوا راجِماتِ التَّحرُّرِ- بِئسَ الحِوارْ-
على تَلَّةِ الخوفِ مِن ريشةٍ أصْلتَتْها كُفوفُ الصِّغارْ؛
لِتُطلِقَ منها نُبوءاتِ فجرٍ يُسطِّرُها الطُّهْرُ فوق الجِدارْ
بآخرِ لونٍ.. بآخرِ عُلبةِ ألوانِ طفلٍ؛
يُلوِّنُ وِجدانَ شعبٍ عريقٍ ويمزِجُ بالدَّمِ نهرَ الحياةْ؛
لِيَخضَرَّ سُنْدُسُ أرضِ الشآمْ
على جُدُرِ الفصلِ كان الهِجاءْ:
سَ نَ ح يَ ا كِ رَ ا مْ
وَ يَ سْ قُ طُ فِ ي ال وَ حْ لِ وَ جْ هُ ال نِّ ظ ا مْ
= = =
"أُغاريتُ" يا لُغةً للخلودْ
ألا فاكتُبينا بحبرِ الصمودْ
لِذاكرةٍ أتعبتها الخروقْ
وقولي كما شئتِ عمَّا جَنتْهُ الأيادي العَنودْ؛
وقد عادَ "شَيْلوكُ" فينا يُرابي ويجتثُّ مِن لحمِنا في برودْ
فأزَّ القلوبَ وجيبُ القلوبْ؛
تُساقِطُ دمعًا: دماءًا ونارْ
وتبقى مَمالكُ صمتٍ تُدارْ
وحتى حِوارُ الحضاراتِ يُخرِسُهُ الاحتضارْ
فمَن للنخيلْ..إذا بَتَرَتْهُ سيوفُ الرمالْ؟
ومَن للصهيلْ..إذا جَزَّ أعناقَ هذي المًهاري جُموحُ النِّبالْ؟
فيا غَيمةَ الصبرِ رُدّي.. أفيضي علينا الأمانَ المُحالْ
وكوني على وَجْنةِ الصبحِ خالاً يَحُثُّ الجبالْ؛
لِتنسِجَ حَنُّونَها للصَّواري لكي تدفعَ الريحُ سُفْنَ النضالْ؛
إلى شاطئِ المُتعبينْ
تُميطُ القراصنةَ القابضينْ؛
على الموجِ..تَفتحُ نافذةً للندَى؛
يمرُّ إلى وردةٍ في السفوحْ؛
تُعاني اتِّقادَ شطوطِ الجُروحْ
بِمِلْحِ العِنادِ.. وصبرٍ يلوحْ
يقولُ لأيّوبَ: ذُقْ صبرَنا؛
وقد خاصمَتنا خيولُ المُنَى؛
تَدُقُّ سنابكَها في البَوارْ
ويا حكمةَ الصبرِ بُوحي بما كتبَتْهُ حروفُ الوِصالْ
على جبهةِ الغيمِ عند احتدامِ النِّزالْ:
دمَشقُ أيا جَنَّةً للمآلْ
سيسجُدُ عند النَّوافذِ نَجمٌ.. يُخبِّئُ صبحًا فريدَ الجمالْ!
فمُرّي على المُرِّ مَرَّ الحَجَلْ.. ولا تيأسي في وجودِ الرجالْ.