الخطابُ الأخير
الخطابُ الأخير
عبد الرحمن أبو المجد
لا أنتِ و الغدُ و الدنيا أجمعها
الليلُ و الشعرُ و الذكرى عُنواني
وأَدْتُ أحلامي في محُياكِ قاطبةً
وطابَ لكِ خطابُ الفِراقِ وهواني
وكنتُ أظنُّ ما كانَ مني رِفعةً
وسَتأبينَ النوى في هواي و نِسياني
لكنّكِ رميتِ ذاكَ العهدَ و انطوتْ
صفحاتٌ لديكِ من حَنيني و أشجاني
يا للخطابِ الذي غامتْ جوامِحهُ
و أشعلَ الليلَ في سهادي و أحزاني
سرتْ في رحلِهِ أشلاءُ راحلتي
ومَضَتْ حروفُهُ الحمقاءُ في شُرياني
لازلتُ عندَ النهرِ أتلو صبابةً
وعلى أهدابِ عَينيكِ كتبتُ ديواني
كلما جَفَّ دمُ القوافي مِدادُها
انسابَ طيفٌ من الذكرى فأحياني
ولي بينَ الجوانحِ قلبٌ مغردٌ
أضناهُ دمعُ الأيكِ في ماضي الأغاني
وهمسةٌ من سَالفِ العهدِ تحرقُني
كلما حاولتُ إحراقَ نيراني
فإلامَ ياظلمةَ الخطابِ أَشْتَعِلُ ؟
و إلامَ ستحجبُ أضواءَ البيانِ ؟
يا فؤادي الدامي لا تَبكِ أواصرَها
فقدْ طابَ لخطابِكَ قرارُها بسرعانِ
مثل زَبَدٍ في بحرٍ عَصَفَتْ هوائجهُ
في يومِ ريحٍ ثُمَّ حطَّ على الشطآنِ
فأحرَقَتْ شمسُهُ الحمآءُ قوامَهُ
فلمْ يعدْ لهُ من البقاءِ ثَمَّ كيانِ
أمْ كانتْ كلماتُهُ محضَ قصةٍ؟
مَرَّتْ كالطيفِ على شفتيكِ. سلواني
فما الذكرى لديكِ إلا ذرَّ هفوةٍ
في حياضِ العمرِ أو شوكةٍ ببستانِ
سلي الحروفَ التي هاضتْ جوانحُها
فالورقةُ لحدي و الحروفُ جُثماني
لا تَسألي كيفَ كانتْ أناملي
ولا تسألي اليراعَ عن ما خطَّ بناني
لا تَسألي المدادَ كمْ كنتُ في وجلٍ
بل اسألي عنكِ لو أردتِ (سلواني)
و اسألي رفيقةً في دربكِ ربما
تأتيكِ بما قالَ القلبُ دُونَ لساني
في حنايا الخطابِ ألفُ سهدٍ
لو مرَّ ألفُ قرنٍ لن تدركي المعاني
أصدقُ الهوى لو تَدْرينَ تضحيةٌ
.. إنَّ المحبَ من أجلِ الحبيبِ فاني
ما علينا لو جُنَّ الحنينُ صبوةً
أو بكي في عُرسِ الكلماتِ بيتانِ؟
فكفاكَ يا قلبُ ما نَظَمْتَ بنشوةٍ
كفاكَ يا قلبُ ما قالتَهُ بنشوانِ
(قريبانِ نحنُ مهما السنونَ تفرقتْ)
فرقتنا السنونَ و قدْ أضعتُ مكاني
إنَّ الروحَ على غيرِ هُداي تمردتْ
مثلما الشعرُ في دارِ هواكِ أسباني