يا شام
د. وليد الجوخدار
غرِّدْ فصوتكَ ليس يبرحُ داويا
ودعِ الجبالَ الشمَ تهوى من علٍ
إن زلتِ القدمُ التي أثبتها
يا موطناً ملأَ الحضارةَ أنجماً
حسدوكَ،بل حسدوا رجالاً تنتمي
وهموا فهذي الأرضُ محضُ رجولةٍ
ثارتْْ كما البركانِ تقذفُ مارجاً
هذي البقاع تحسُّ نبض وريدها
فإذا اشتكى في سوريا زيتونها
يا شام ما أوصدتُ باباً للرجا
حتى إذا الجلاد أحكم قبضة
ما عاد يُنشرُ في الضفافِ حديثها
في ظلِّ طاغيةٍ علتهُ خسة
كمْ حرةٍ عذراءَ أفزعَ ليلَها
أسدٌ وزينٌ ثمَّ حسني ثالثٌ
العاهرونَ وما دُهشتُ لعهرهمْ
والناهشونَ قلوبنا، أكبادنا
والمرخصونَ كرامةً ومروءةً
ومزورونَ حقائقاً ودساترا
مذ يومَ ألجأني الطغاةُ لغربةٍ
يسعونَ في إثري كلابَ حراسةٍ
تلكَ الأسافلُ لنْ تلافي ملجأً
مثلُ ابن نوحٍ ما وقاهُ عاصمٌ
يا شامُ ما فتشتُ عنكِ وأنتِ في
قلبي عليكِ من الخيانةِ أسفرتْ
في كلِّ شارقةٍ يروّعُ أهلنا
هذا السلاحُ القاتلي في حمصنا
وبسهلِ درعا راحَ يثأرُ من غدي
وبإدلبٍ خاضتْ حرابُهُُ مهجتي
يغتالُ أحلاماً بلؤمِ عقاربٍ
منْ لاذَ بالصمتِ الجبانِ فإنّني
واخترتُ موتي مبعثاً لكرامتي
ماحكَّ جسمكَ مثلُ ظفرك راقيا
حقُّ الشعوبِ ممرّدٌ وبسوطهِ
ويعودُ للأوطانِِ شدوَ بلابلٍ
هذا نشيدُ الحزنِ يرفدُ خاطري
وغنمتُ للشهداءِ أجملَ وردةٍ
أصمتْ على كبدي بوقعِ لهيبها
منْ كانَ قبلتهُ هواهُ فإنَّنيوانكأ جراحاً لم تجدْ لها شافيا
حاشاكَ عصركَ لم يكنْْ بكَ هاويا
فانهضْْ بأخرى في العلا متساميا
حتى غدوتَ بكل فخرٍ هاديا
للمجدِ خاضَ إلى النجوم لياليا
فلكم طوتْْ في جانبيها طواغيا
حمماً وفرساناً تصدُّّ أعاديا
عنْ قربِ رغمَ الشاسعَ المتراميا
سيذوبُ تحناناً نخيلُُ عراقيا
إلا وباسمكِ فتّحت أبوابيا
ذَبُلَ الصبا والنورُ أصبحَ خابيا
فالجرحُ منها قد تقطّر داميا
فلكم يهرول في الرذيلة ساعيا
قردٌ تعدّدَ أوجهاً وأسامياً
ومعمرٌ ذاك الجبانُ الطاغيا
قدْ كنتُ أُدهشُ لو أُصادفُ وافيا
والسابحونُ بفيضِ بحرِ دمائيا
والبائعونَ وقد عرفنا الشاريا
أو بعدَ دهياءٍ أعد دواهيا
أقسمتُ أحملُ صوتَ شعبي داويا
ويكشرونُ عن النيوبِ ضواريا
مهما أرتقتْ يومَ السيولِ أعاليا
طوفانُها لمَّا تحدّرَ عاتيا
ترتيلِ آياتي وعطرِ صلاتيا
شمطاءَ تعتنقُ الجبانَ الطاغيا
بسلاحِ غدرٍ ليسَ يبرحُ راميا
هو نفسهُ بحماةَ عبَّ دمائيا
لتهيمَ في وادي الردى أحلاميا
حتى يقطّعُ هولُها أحشائيا
وبغدرِ نفثاتٍ فحيحُ أفاعيا
أشرعتُ صدري كي أكونَ الفاديا
وطغى فلمْ أخترْ سواهُ منافيا
فتولى أنتَ جميعَ أمركَ واقيا
تهوي الطغاةُ وتستقيمُ بواغيا
صداحةٍ تهبُ الحياةَ أغانيا
قدْ خضتُ فيه ملاحماً ومغازياً
نالتْ بها الفردوسُ مهراً غاليا
بينَ الخطوب أسنةً وعواليا
يممتُ وجهي شطرَ بيتكِ شاميا