ياسين في موكب الملائكة
31آذار2012
أ.د/ جابر قميحة
ياسين في موكب الملائكة
(بمناسبة ذكرى استشهاده )
الشهيد أحمد ياسين |
أ.د/ جابر قميحة |
استشهد البطل القائد أبو الجهاد الشيخ أحمد ياسين في 22 / 3 / 2004 . بعد صلاة الفجر بقذيفة غادرة مزقت جسده . وهذه القصيدة بمناسبة مرور ست سنوات على استشهاده .
قُضِيَ الأمرُ، لا يُردُّ قضَاءُ لو يُعيدُ البكاءُ مَن قَد فقدنا لستُ أرثِي "ياسينَ" فَهْو عَلاء عَن مداهُ كم يعجزُ البُلغاءُ قد أضاءَ المحرابَ في الفجرِ بالفجْ ثمَّ كان الرحيل دون وداعٍ * * * طائرٌ أسودٌ خفيٌّ عتيٌّ نفثَ النارَ غادرًا ثمَّ ولَّى وكأنِّي بنفخةِ الصُّورِ دوَّتْ أينَ أهلُ المحرابِ يا فجرُ فيهم أينَ رمزُ النِّضال في الأرضِ ويْحِي أينَ وجهٌ سُداه عزمٌ ونورٌ ما اعتراها من البلاء هوانٌ أين رأسٌ قد كان كنزًا ثريًّا أين عينانِ فيهما ومضةُ الحقّ أينَ فينا لسانُك العطر يتلو أينَ قلبٌ قد كان بالذِّكر حيا يا إلهي لم يبقَ إلا بقايا * * * لحظاتٌ وانجابَ فيها العماءُ فإذا الأرضُ مثلُ عُرسٍ تجلَّى وإذا الريحُ بسمةٌ من صَفَاءٍ هي روحُ الربيع في الكون دبَّتْ وتنسمتُ ريحَ مسكٍ طَهُورٍ ورأيتُ الشهيدَ "ياسين" يرقَى " فإلى أين أنتَ ماضٍ سعيدًا موكبٌ من ملائِكِ اللهِ تَشدُو قال: "قد فزتُ بالشَّهادةِ، إنِّي قلتُ: "خُذنِي إلى مَداكَ شهيدًا تُرزقون الرِّضاءَ زادًا ورِيًّا قال: "عيشوا و بالجهادِ تصدَّوْا واطلبوا الموتَ دون خوفٍ وجبنٍ لن يُزالَ الهوانُ إلا بعزمٍ إنَّ مَن يترك الجهادَ ذليلٌ * * * يا نَبِيَّ الجهادِ، يا خاتَمَ الرُّسْ قد أتاكم "ياسينُ" في جنَّة الخُلْ هزَّهُ الشوقُ للشَّهادةِ حتَّى يا عظيمَ الجلالِ فلترضَ عنِّي كم دعا اللهَ أن يموتَ شهيدًا * * * لا تلوموا "شارونَ" فَهو عدوٌّ لا تلوموه- يا كبارُ- فأنتم أين- لا أين- كنتمو يوم غالوا اتفقتم على الخلافِ وهجتُم غير أني أقول: قُمتم وثُرتُم فشجبتم جريمةَ القومِ حتَّى وأذعتم من الإدانات ألفًا تلك منكمْ بطولةٌ يعجز الأطْ * * * قد يقولون: "ألفُ عرشٍ فداه " "إنَّما العدل قولُنا ألفُ عرشٍ إنَّ "ياسين" كان أمةَ عزمٍ وغدًا تندكُّ العروشُ وتغدو وشهيدُ المحرابِ في الفجرِ باقٍ * * * يا كبارًا- ولستمو بكبارٍ - كم كبيرٍ في بوله راحَ يحبو وصغيرٍ قد عظَّمته المعالي يا كبارَ المقامِ، هنتم وبعتم فالذي باع شعبَهُ مستهينًا هل أمِنتُم مكرَ اليهودِ إذَا مَا فاحذروهم، إن فاجئوكم نيامًا لستُ أدري ما يفعلونَ ولكنْ مَن يهنْ يسهلُ الهوانُ عليه | فَهُو اللهُ فاعلٌ ما يشاءُ لبَكينا حتَّى يجفَّ البكاءُ شامخٌ عَزَّ أن يفيه رِثاءُ ٌ ومِن العجزِ يلهثُ الشُّعراءُ رِ، وباحت بعطرها "الإسراءُ" قُضِيَ الأمرُ، لا يردُّ قضاءُ * * * بخداعٍ قد خطَّه اللؤماءُ فَطَوَتهُ الآمادُ والظَلمَاءُ مادتِ الأرضُ إِثْرهَا والفضاءُ أحمدُ الحقِّ، مَن به يُستضاءُ أين مَنْ باسمِه تسامَى الفداءُ؟ نَبَويٌّ، وجبهةٌ شمَّاءُ؟ أو طواها لغير ربِّي انحناءُ فيه فقهٌ وحكمةٌ سمْحاءُ؟ ومن خشية الإله بكاءُ؟ سورةَ الفجرِ شعَّ منها الضياءُ؟ مِلؤُه النُّورُ والتُّقى والمُضَاءُ؟ مِن عِظامٍ تلبَّستْها الدماءُ * * * وتولَّت عن أفْقِها الظَّلمَاءُ وإذا الجَدبُ جنَّةٌ فيحاءُ وإذا الأُفْقُ روضةٌ غنَّاءُ فهو سحرٌ وفتنةٌ حسناءُ عبقريِّ الشَّذا حَبَتْهُ الدِّماءُ لسماءٍ ما طاولتها سماءُ وحَوالَيْكَ هالةٌ بيضاءُ وعلى الأفْقِ مِن بَهاها بَهاءُ؟" عشتُ عمري وهي المُنى والرَّجاءُ" حيثُ أنتم في جنَّةٍ أحياءُ حيثُ نُعمى مبرورةٌ وسناءُ" فهو النَّصرُ حين ربِّي يشاءُ فهو دربٌ قد خطَّهُ الشُّرفاءُ أو يُعيدَ الحقوقَ إلاَّ الدماءُ وخسيسٌ، فقل: عليه العَفَاءُ" * * * لِ ويا صِدِّيقونَ، يا شهداءُ دِ وفاءً لكم، فنِعمَ الوفَاءُ عاشَ في الشَّوقِ صُبْحُه والمَساءُ ليسَ بعدَ الرِّضاءِ منكَ رِضَاءُ فقضى اللهُ أن يُجابَ الدُّعاءُ * * * وعلى الغدْرِ طُبِّعَ الأعدَاءُ دونَ أن تشعروا- له شُركاءُ رجلاً أُمَّةً، به يُستضَاءُ؟ وانصرفتم وصَمْتُكم ضَوضَاءُ ولكم غضبةٌ وفِيكم "إباءُ" كان للشجبِ في الدُّنا أصداءُ حَمَلَتْها- وضجت– الأنباءُ فالُ أن يأتوا مثلَها والنِّساءُ * * * قلت: "بخْسًا، وكيف هان الفداءُ؟" كُفْءُ نعليهِ، ذاكَ حقًّا كِفاءُ ونضالٍ لا يعتريه انتهاءُ كلُّ تيجانهم عليها العفاءُ مثلَ نورٍ لا يعتريه الفناءُ * * * إنَّ بالعقلِ يُعرفُ الكُبراءُ زعَّمَتْهُ الأنطاعُ والأغبياءُ! عَزْمةٌ حرُّةٌ نَمَاها الإباءُ! لم يعد للشعوبِ فيكم رجاءُ هو والغاصبُ العدوُّ سواءُ أنكروكم، وحلَّتِ البَغضاءُ في هناءٍ فَلاَتَ حين نَجاءُ! يمسكُ البوحَ عن لساني الحياءُ ما لجرحٍ بميِّتٍ ضرَّاءُ |