أقيموا الصّدورا
أقيموا الصّدورا...
صالح أحمد
بني أمّتي!
فلتُقيموا الصّدورا...
ستغزو حشودَ عَرائي الجُسورا
بني أمّتي والمَطايا تَناءَت
لذاكِرَةِ الرّيحِ هذا الصّهيلْ
لِترسمَ لي في مداها وَطَنْ
ويغدو اشتهائي لَهُ أرصِفَةْ
لديها صَباحاتُنا نازِفَةْ
وفي جُثّةِ الوقتِ شِريانُها
وألهَثُ؛ نارُ اشتِهائي حُدودْ
أقيموا الصّدورا...
فما بينَ موتي وموتي سَرايا
وغاباتُ شوقٍ رماديّة الوَردْ
ووعدٌ تموتُ لديهِ الوُعودْ
يلاقيكَ ما لا تُلاقي... يضجُّ الجوابْ.
ويسقيكَ كأسَ التّشاقي... قتامُ الغيابْ.
دبيبُ الضّلالاتِ يغتالُ عمرَ المسافاتِ زَحفا
أقيموا الصّدورا...
رياحي؛ وتَلوي بِخَيمَةِ جاري
سعيتُ؛ وقبلي عقارِبُ ظَنّي لهُ ساعِياتْ
وكانَت حشودُ عَرائي حَسيرَةْ
وثَغرُ البَوادي يُعيدُ النِّداءْ
أقيموا الصّدورا...
لصدرِ البَوادي تُعِدُّ القوافِلُ أشلاءَها
وتُهدي لذاكرَةِ الليلِ من خوفِها أمكِنَةْ
وتبقى خُطاها على راحَةِ الحَدسِ مِصباحَ وَعدْ
وتبقى المسافاتُ: ريحًا، وخيمَةَ جارٍ، وعقرَبْ.
فيافي تَمطّت كراحَةِ كفٍ...
وتَتعَبْ... وتَتعَبْ...
وللّيلِ يمضي صَداها المُغرّبْ
أقيموا الصّدورا...
فها إنّ صوتي كَلوني تَغرَّب
رِمالي تَرى الموتَ صمتًا بِدايَةْ
وقَومي يَرونَ اللّيالي بَغايا
وصَحبي يَرونَ المُقامِرَ صُعلوكَ دَربٍ جَحودْ
إذا اللّيلُ أهدى قِيادَ النّجومِ لأمراسِهِم
رَمَوهُ بنارِ الحَكايا
ونامت نِبالُ المواجِدِ تَبكي على قوسِها
وخيمةُ جاري تُطيلُ التّحايُلْ...
وتُهدي ظُنوني اخضرارَ الوُعودْ
وصَدعي يَمور...
أقيموا الصّدورا
عيونُ المها أمعَنَت في التّحدي
رياحي على إثرِها شارِدَة
وما الجسرُ جسري، ولا بالرّصافةْ
عيوني تُناجي المَها الوارِدَة
أهَيلَ التَّنائي؛ أمِن ناصِحٍ؟
ترى؛ يرتَجي فاقِدٌ فاقِدَه؟
أقيموا الصّدورا...
فهذا المَسا يستَظِلُّ الخُطى
ويُهدي البَوادي ظلالا وماءْ
أيُشقي الرِّعاءَ عبورُ الرّعاءْ؟
أيعشَقُ قوسٌ نبالا كسيرة؟
أقيموا الصّدورا...
تحامَت حشودَ عرائي العشيرةْ
بحقّكَ يا دربُ؛ هل أمهروكَ شغافَ الصّحارَى لتبدو قَصيرا؟
حَنَت أمنياتي على جِلدِها... فاستُبيحت خُطايْ
مَحَظتُ اغترابي صدى لَهفتي... عانَدَتني رُؤايْ
سبَتني الصّحارى؛ أنا ريحُها... قاتِلي يا هَوايْ
أقيموا الصّدورا
أيرجُمُ بوحُ القتيلِ قَتيلا؟
فيا موكِبَ الصّمتِ ذُق سُمَّ شَهدِكْ
ستغزو فُلولَ عَرائي الطُّلولْ
فَساوِم جِراحَك..
لأنتَ الجريحُ، وأنتَ الجِراح!
فأينَ المفرُّ...
وصمتُكَ ريحٌ
وعمرُكَ ريحٌ
ولونُكَ ريحٌ
وما مِن مَطَرْ!
عذاباتُ دَربي لَكَم شاغَبَتني..
عَجِبتُ لموتِ الغُروبِ غَريبا!
يناجي ارتحالَ الحكاياتِ صمتًا
ويأوي إلى ظِلِّهِ عارِيا
وشكواهُ تُذكي لظى الاحتمالْ
أقيموا الصّدورا..
أيشقى المَقالُ بعُذرِ المَقال؟