صهيلٌ بلونِ الرُّؤى والملامح

صالح أحمد

[email protected]

أنا الآنَ أكتبُ آخرَ حَرفٍ بِقاموسِ صَمتي

هنا.. الآن أجتاحُ آخر موتٍ يفتّشُ حَرفي

لأكتُبَ ذكرى دهوري المَريرة

وأطعنَ جرحي الذي يحتويني

وأفقَأَ عيني! وكانت بصيرة!

وأبتُرَ زندي! وكانت لدى النّائِباتِ قصيرة!

هنا... الآنَ تغدو عروقي شظايا

وسُحْبُ غُباري المُبَدَّدِ أنثى

تُنَبِّشُ وجهي..

تفتِّشُ عمّا تجعَّدَ فيه، وقامَ ليَحكي...

ويَهمِسَ: أنتَ الرُّؤى والمَلامح

وأنت التّفاصيلُ ماتت صغيرة..

وعاشت كثيرا...

وأنت اغترابُ الصدى والوَتيرة..

وأنت تناثُرُ شعرِ الجديلة؛

إذا ما العذارى تناجت قتيلة..

وأنت اقترافُ جنونِ العشيرة،

إذا ما الصّحارى تراخَت كَسيرة...

وأنت اختراق شعور القبيلة..

وأنت السّتارُ، وأنت الحصارُ، وأنت الغُبارُ...

وأنت المرايا، وأنت الحَكايا، وأنت النّوايا..

وبَعدَ الغِوايةِ أنتَ الوسيلة...

وأنت نقاطُ الحروفِ البديلة.

وأنت القتيلَةُ تَرثي القتيلا..

فسابق لفجرٍ أبى أن يَكونَك؛ حتى تَكونَه.

وغادِر زمانًا هجينًا يَخونُك...

وصِرتَ تخونُه!

وحاذِر جُنونه!

إذا جَنّ ليلٌ..

وفاحَت نوايا..

وهُدّت خِيامٌ..

وشُلّت مطايا...

وصارت شِعابُ البَوادي زَوايا..

وصارت رياحُ الجِهاتِ عُيونَك..

فسابق لأفْقٍ تَخطّى ظُنونَك...

ونادىَ المصيرُ لديهِ مَصيرَه...

سراجًا أصيرُكَ كي تَستَقيني الفراشاتُ سرّ الحياةِ المثيرة...

رموشًا أصيرُكَ كي ترتَجيني جُنوحَ الأماني وعُذرَ السّريرة..

عيونًا أصيرُكَ... يغدو مدايَ طموحَ الخَيالِ لمَرقى البَصيرة..

شراعًا أصيرُكَ كي ترتَجيني العَذارى وعودًا لموسِمِ حُبٍ وشَمسٍ وجيرَة..

رَذاذًا أصيرُكَ كي ترتئيني الطُّيورُ: فضاءً جناحًا وغُصنًا وديرة...

فحاذِر كثيرا!

وسابِق مصيرَك كيما تَصيرَه

حدودَ الزّمانِ لطِفلِ يُغازِلُ لونَ السّعادة

وأفقَ الرّجاءِ لأمِّ تَراوِدُ فجرَ الإرادَة..

ولونَ السّنابِلِ في مَوسِمٍ عاشَ فينا نشيدَ الرّجا والعُهودِ..

وصَدرَ المُقاوِمِ في وَجهِ ريحٍ...

تَعمْلَقَ، غطّى فُراتًا ونيلا...

فحاذِر كثيرا!

وعاذِر قليلا!

أنا الآنَ أكتُبُ آخرَ صوتٍ بتلكَ الحِكاية..

هي الرّيحُ فجرًا:

عيونٌ تُوَدِّعُ لونَ الشِّكاية..

هيَ الشَّمسُ طُهرًا:

قلوبٌ تحاصِرُ لونَ الوِصاية..

هي الظِّلُ صَبرًا:

أكفٌ ترى الغَرسَ عيدًا وغاية..

هي الصّمتُ ليلا: قلوبٌ تَحدَّت سوادَ العُيونِ...

لتوقِظَ فجرًا توَلَّدَ فينا، سما، واستَطالا..

أنا الآن أشرَحُ آخرَ لونٍ بتلكَ المرايا:

- سنونو؛ وترسُمُ قلب الحِكاية؛

         شراعًا بلونِ رؤى العائدينا.

- نوابِضُ تهدي أوجاعَها للمَدى المُستَفيقِ عُيونًا وطينا.

أنا الآنَ أكتُبُ آخرَ حرفٍ بسفرِ النّوايا:

- أسابِقُ فجري لأحظى بترنيمةٍ للسّنابل.

- وأرجمُ عذري لأحظى بإشراقةٍ للبَواسِل.

- وأرفَعُ رأسي لأحظى بحبّ سمائي وأرضي.

- وأشحذُ عزمي لأحظى بأفقٍ بحجمِ الأماني، ولونِ المعاني،

وصوتِ المواسِمِ تشتاقُ عهدي.