يا جارة الوادي
د. محمد علي الرباوي
يَا جَارَةَ الْوَادِي..فُتِنْتُ بِلحْظِكِ الفتَّاكِ
وَسَلَوْتُ كُلَّ مَلِيحَةٍ فَتَّانَةٍ إِِلاَّكِ
تَسْمُو الْقَصَائِدُ حِينَ أَشْدُو مَوْهِناً بِبَهَاكِ
لُغَةُ الْكَلاَمِ تَعَطَّلتْ إِذْ حَدَّثَتْ عَيْنَاكِ
فَدَخَلْتُ فِي صُبْحَينِ ثَغْرِكِ بَاسِماً وَرِضَاكِ
هَلْ لِي بِهَذَا العُمْرِ أَنْ أَهْوَى وَأَنْ أَهْوَاكِ
إِنِّي رَأَيْتُ فَتىً يَفُوحُ بِحُبَّهِ إِيَّاكِ
بَعْدِي أَتَاكِِ ضُحىً وَمِنْ دَمِهِ الزَّكِيِّ سَقَاكِ
فَنَسِيتُ كُلَّ تَعَاتُبٍ.. وَنَسِيتُ كُلَّ تَشَاكِي
حَتَّى طَوَى جُرْحٌ عَمِيقٌ مُهْجَتِي وَطَوَاكِ
مَا لِي أُكَتِّمُ فِي الْفُؤَادِ هَوىً سَمَا بِسَمَاكِ
وَنَوَافِذِي ﭐشْتَعَلتْ عَنَادِلَ غَرَّدَتْ لِفَتَاكِ
هَذَا الْفَتَى عَرَفَ الْهُدَى مُذْ صَارَ مِنْ قَتْلاَكِ
t
يَا جَارَةَ الْوَادِي..
يَا نَبْعَ إِنْشَادِي..
أَنَا مَا قُلْتُ مَدْحاً قَطُّ فِي رَجُلٍ
وَلَكِنْ إِنْ مَدَحْتُ مَدَحْتُ سَيْفاً
نَاشِراً صَلَوَاتِهِ الْغَرَّاءْ
هُنَا.. فِي هَذِهِ الْبَيْدَاءْ
...................................................
يَا جَارَة الْوَادِي..
هَذَا الْفَتَى الْهَادِي..
يَشِعُّ النُّورُ مِنْ عَيْنَيْهِ
وَهْوَ يُرَتِّلُ الْقُرْآنَ
فِي الإِصْبَاحِ وَالإِمْسَاءْ
...................................................
يَاجَارَةَ الْوَادِي..
هَذَا الْفَتَى الْهَادِي..
يَشِعُّ النُّورُ مِنْ عَيْنَيْهِ
وَهْوَ يُقَاتِلُ الأَعْدَاءْ
فَكَيْفَ النَّصْرُ لاَ يَأْتِيهِ؟
كَيْفَ الْحُبُّ لاَ يَشْدُو بِهِ
أَشْجَارُنَا الفَيْحَاءْ؟
أَيَا نَصْراً مِنَ اللهِ
تَعَالَى اللهُ أَنْ يُلْقِي
بِقَلْبِكَ لَحْظَةً فِي لُجَّةِ الظَّلْمَاءْ
.....................................
يَا هَذَا الْفَتَى الْجَبَلِيُّ
يَا مُتَدَثِّراً بِالْحُبِّ وَالتَّقْوَى
يُطَاعِنُ خَيْلَكَ الأَعْدَاءُ وَالأَحْبَابُ وَالأَنْوَاءْ
اُثْبُتْ أَنْتَ بِالأَرْضِ الَّتِي
وَهَبَتْكَ هَذِي الْعِزَّةَ الْبَيْضَاءْ
اُثْبُتْ..هَذِه الأَرْضُ الْكَرِيمَةُ
طَوَّقَتْكَ بِحُبِّهَا الْوَضَّاءْ
كُنْ يَا أَيُّهَا الْبَدَوِيُّ
مِثْلَ جِبَالِهَا الشَّمَّاءْ
فَإِنْ سَارَتْ بِكَ الفُلْكُ الْعَظِيمَةُ
فِي الْبَرَارِي بَايَعَتْكَ جَدَاوِلُ الْجَوْزَاءْ
مَا أَقْوَاكَ أَنْتَ مُبَلَّلاً بِالْجَمْرِ
تَقْتَحِمُ الْجِبَالَ وَهَذِهِ الْهَيْجَاءْ
مَا أَقْوَاكَ فِي يَدِكَ الْوُرُودُ
تَفُوحُ بِالأَنْعَامِ وَالشُّعَرَاءْ
مَا أَقْواكَ فِي يَدِكَ الرُّعُودُ
تَفُوحُ بِالْبَأْسَاءِ وَالنَّعْمَاءْ
مَا أَقْوَاكَ فِي قَلْبِي الَّذِي
غَنَّاكَ مُعْتَزًّا بِلاَ رَمْزٍ وَلاَ إِيَمَاءْ
مَا أَقْوَاكَ فِي الْمِحْرَابِ
أَوْ فِي سَاحَةِ البَارُودِ
مَا أَقْوَاكَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءْ
مَا أَقْوَاكَ!..
مَا أَتْقَاكَ !..
كَيْفَ أَنَا سَأَرْقَى مِثْلَمَا تَرْقَى..
وَكَيْفَ أَنَا سَأُصْبِحُ صَعْدَةً سَمْرَاءْ
...................................................
...................................................
وَثِيرٌ.. نَاعِمٌ هَذَا الْفِرَاشُ
وَدَافِىءٌ عِنْدَ الْمَسَا هَذَا الفِرَاشُ
فِرَاشُكَ الْمَحْبُوبُ
صَهْوَةُ سَابِحٍ وَغِطَاؤُكَ الْمَرْغُوبُ
فِي عِزِّ القِتَالِ
عَلَى الْجِبَالِ
لَوَافِحُ الْحَصْبَاءْ.
...................................................
سَيْفُ اللهِ يَا أُمَّ الأَسِيرِ
بِرَعْدِهِ قَدْ جَاءْ.
زَغْرِدِي.. وَتزَيَّنِي لِلْعُرْسِ، بِالرَّيْحَانِ وَالْحِنَّاءْ
رَتِّلِي فِي كُلَّ فَجْرٍ:
جَاءَ نَصْرُ اللهِ..
جَاءَ الفَتْحُ..
وَﭐعْتَصِمِي بِآيَاتٍ مِنَ الأَنْفَالِ وَالإِسْرَاءْ
t
يَا جَارَةَ الْوَادِي.. دَمُ العُشَّاقِ رَشَّ ثَرَاكِ
فَتَزَيَّنَتْ بِالْجُلَّنارِ مَعَ الضُّحَى خَدَّاكِ
طُوبَى لِعُشَّاقِ العُلَى سَكِرُوا بِشَهْدِ لَمَاكِ
قَبْلَ الرَّحِيلِ، مَعَ الغُرُوبِ، إِلَيْكِ، مِنْ مَغْنَاكِ
رَسَمُوا مَآذِنَ حَلَّقَتْ جَذْلَى عَلَى الأَفْلاَكِ
وَمَضَتْ تُرَدِّدُ فِي السَّمَا: سُبْحانَ مَنْ سَوَّاكِ
سُبْحَانَ مَنْ سَوَّى الْفَتَى النَّبَوِيَّ سَيْفَ هُدَاكِ
t
هَذَا الْفَتَى النَّبَوِيّْ
يَشِعُّ النُّورُ مِنْ عَيْنَيهِ
وَهْوَ يُرَتِّلُ الْقُرْآنَ
فِي الإِصْبَاحِ وَالإِمْسَاءْ
..............................................
هَذَا الْفَتَى النَّبَوِيّْ
يَشِعُّ النُّورُ مِنْ عَيْنَيْهِ
وَهْوَ يُقَاتِلُ الأَعْدَاءْ.
لَيْتَ النُّورَ شَعَّ بِقلبِيَ الْبَاكِي
فَتُزْهِرَ فِي خَرِيفِ العُمْرِ
سَوْسَنَةٌ بِشُبَّاكِي