امرأة من مغرب الصمت
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
طـيـف عـلى جفن التنهد غافِ
مـتـلـمـس شفة يناغي همسها
يـغـدو عـلى دنيا الجراح ملوعا
والنصل يخرق لي هدير أضالعي
والـموج يهرب من خيوط رماله
ويـمـامـتـي ماتت بشط تغربي
وشـكـت لنا (بغداد) ساعة نفحة
فـتـلـم سنبلة الضياع عطورها
وتـنـاثرت سعفات نخل توهمي
مـا زلـت اقترف الجنون هواية
ويـجـرنـي ثـغر الغياب مهيأ
تـتـجـملين ولون وجهك شاحب
مـا زلـت تـعـتقدين أنك مرأة
وبـأنـك الأنـثـى مـليكة ليلها
وتـلـفّ سـلـسة العبير طراوة
وتـلـمـلمين الضوء عند مساره
مـازلـت مذ رجع الجنون لوحده
فـسـعدتِ وانبسطت لديك سريرة
عـمـر ويـسـرقه جنوح مماته
غـاب النحول فتهت في خطواته
ومـضى يرش عليك حفنة بوحه
مـاتـت ثمار الصمت بعد دلالها
مـا زلت حتى الآن تحت عباءتي
تـعـبت من الإبحار غرفة ليلتي
مـا زلـت تـعتقدين أنت حمامة
تـتـنـطـرين هنا زوايا روحه
لـتـعـلمين الحزن كيف يزورنا
مـا زلـت تـدخـرين منك دنوه
لـتـعـلق الغمزات عقد جنوحها
مـا زلت تهملني عيونك مذ ذوى
مـذ يـوم أوصـى بالبكاء هلالنا
مـذ جـئت سنبلة شفاهك طهرت
راق الأوان جـليت صبح عيونه
الله يـا امـرأة حـلـيب سرابها
الله يـا امـرأة تـشـهـى وقتها
مـتـوضـئ بالحب دفتر غربتي
فـيك اشتهيت الموت أهدر دمعتي
بـعضي يصلي في خفاء معابدي
قـلـبت بعضي وهو طفل تهجدي
فـحـمـلت ليلك في يديّ حمامة
فـاسـتـقبلتني في مدايَ مشاكسا
أنـا مـا تركتك يا حبيبة مهجتي
فـتـوردت وجنات نخل شموسنا
كـم أرضـعتني الريح لما قمطت
كـم قـبـلت سهرت لها نجماتنا
ذبـلـت نخيلك مذ خبت شعلاتنا
حـسـب السعادة أن تجيئي ساعة
خلي جروحك في جروحي والمسي
لا تـسـالـي فلكي نهاية طاعتي
أتـراك عـندي ما جهلتِ لأمرنا
فـضـعي بقلبي بل وهزي نخلتي
هـذا جـنـونـي فاقبلي أسماءه
لا تـعذلي حسبي امرؤ في درسه
وبـأي طـعـم اقـبـليني حائرا
وأنـا بـقـايـا الـمـيتين للقمة
فـالـشعر مرآتي أصور ما خفى
عـذرا فـوجـهك للقصائد شاغل
شـكـرا لأنـك مذ رأيتك أثبتت
يـا مـن عرفت وقد أذنتُ تحوّلييسري على رجع الغروب الخافي
عـنـد الضفاف وروعة الأجراف
فـيـبـوح ما يلقى من الإجحاف
ويـقـدهـا بـبـراعـة السياف
والـظـل يـأتي نحو ظليَ حافي
وشـكـا إلـى صدحاتها مجذافي
عـلـويـة تـبـتـز لي إتلافي
وتـدق بـاب الـريـح للانصاف
وتـبـعثرت في خوصها أطرافي
بـسـنـاء أنـفاسي وغيم نطافي
قـلـق الـسرير للحظة استكشاف
وتـلـونـيـن مراشف الأفواف
وتـعـلـقـيـن القرط للأكتاف
تـروي لـنـا ما حلّ من ألطاف
لـتـعـانـق الشهقات بي إسفافي
والـجـيـد يـدفن عنده إسرافي
تـتـزوقـيـن لـدفـئك الرفاف
مـذ هـيـأتـك لجوفها أصدافي
إذ بـات مـنـكسرا لطعم سلافي
بـسـريـر ليلك والتوى مجدافي
والـفـقـد أوْلمَ في العيون كفافي
وتـدلـت الآهـات تـحت لهافي
ويـدي تـدحـرج بحرها وتوافي
وتـعـبـت من تهويمة التطواف
وصفات كل السحر في الأوصاف
وتـنـظـريـن تـوغل الألياف
ويـودع الـمـعـنى لدى العزاف
حـتـى ليحرق في العيون جفافي
وتـعـيـره لـسفاسف الأغداف
قـلـقـي وبـعثرني بشط طوافي
فـوق الـشـفاه وضمه استئنافي
عـطـش المياه ورجعت إرجافي
ولـمـحت في شفة الضياء تجافي
مـا زال يـذكـرنـي لدى أُلافي
جـوعـي وخاف جنوحه عرّافي
وتـسـولـت كـلـماته أسدافي
فـي مـقـلـتيك واشتكي أسيافي
ودعـاؤه يـفـتـض شهر زفافي
بـجنوب صمتي حيث مائك طافِ
مـتـروكة الخصلات دون موافِ
وخصصت وحدي في زمان قطافي
لـكـنّ غـيمي غاب عن أعرافي
ونـسـيت رغمي نجمه وخلافي
شـفـتـي المرايا شهد ليل صاف
وبـكـى الـهلال لغيبة الأضياف
والـحـزن أطـفأ حيرة استنزاف
لـتـنال روحك رعشة الإنصاف
مـطـر السماء ففيّ خير مصافِ
فـلـدى الـشفاه لي المقرُّ الشافي
فـدم الـهـناء بجمرة الإعصاف
وتـذوقـي رطـب الحنين الدافي
وبـأي لـون حـطّـمي تعطافي
سـكن الجمال وصاغ سحر قوافي
فـانـا بـقايا الأمس من أسلافي
بـخـلت بها كف الردى السفّاف
وتـريـن مـا يحويه طي غلافي
يـسـتـل صـنعتها إليك شغافي
روحـي بـأنـك مـن بها إيقافي
أنـا بانتظارك في السرابِ الحافي