لسنا ظلاميّونَ يا بغدادُ = أهلوكِ نحنُ و نحنُ مِنكِ عِمادُ
إنّا بنوكِ و صائنونَ لعهدنا = - رغمَ الجراحِ - معاولٌ و ضمادُ
مَن يُنكِرُ الشمسَ المُشعَّةَ واهِمٌ= وجعُ الكرامِ مع الّلِئامِ جِهادُ
الذلُّ عشعشَ في سماءِكِ زاعمًا = أنَّ الأعزّةَ تنحني و تُقادُ
لكنَّهمْ قد أخطأوا فتطاولوا= - يا درّةَ الأمجادِ- فيكِ و زادوا
زعموا بأنّكِ درهمٌ مُستعبدٌ = و بأنَّ عزّكِ دمعةٌ و حِدادُ
و بأنَّ مجدكِ نملةٌ موجوعةٌ = و بأنَّ وجهكِ كالظلامِ سوادُ
حاشاكِ يا قمرَ الدجى ونجومَهُ = فبنورِ وجهُكِ تستضيءُ وِهادُ
و بأنَّ ماضيكِ المجيدَ صنيعُهُم = لكنَّهُم كذبوا فهُم أوغادُ
قد كانت الدنيا عليلةَ ذلِّهِم = حتّى وُلِدتِ فضاءَتِ الأمجادُ
كم مرّةٍ قتلَ الزمانُ وُجودَها = تبقينَ رغمَ أنوفِهم بغدادُ
فيكِ ابتدا التاريخُ يلبسُ زهوَهُ= فالأرضُ كلُّ الأرضِ فيكِ رشادُ
لا شيءَ يوقِفُ ثورةً مِعطاءةً = غضبُ الشعوبِ الثائراتِ جِيادُ
أسَروا الحياةَ و جاهروا بذنوبِهمْ = إنّ الحياةَ مع الذليلِ رمادُ
دستورُنا ضَحِكٌ على آمالِنا = و الخائنونَ ببندِهِ قد سادوا
و الغافلونَ على الموائدِ جثّةٌ = ثرواتُهم بدمِ الفقيرِ مَزاد
ما أيقظَ الفكرَ الصحيحَ ثمالةٌ= أو صاحبَ العيشَ الكريمَ فساد
لا برلمانٌ هاضِمٌ لحقوقِنا = أو ساسَةٌ لمهانَةٍ وُرّادوا
باعوا ضمائرَهُم برُخصِ دراهِمٍ = للأجنبيِّ وهم لهُ عبّادُ
كادوا وبالشعبِ الكبيرِ مكائدًا = لم يرتكبها الوحشُ و الحسّادُ
بغدادُ يا أملَ الكرامِ وعزّهم = و شرارةُ الثوّارِ حيثُ أرادوا
أنتِ الّتي ركَعَ الزمانُ لِمجدِها= فُرِشَتْ لخطوكِ أعصُرٌ و بلادُ
إنْ كبوةٌ صفعتْ وجوهَ أحِبَّةٍ = النارُ تثأرُ للّذينَ تنادوا
بدمائنا نفدي عيونَكِ كي نرى = عينَ الرصافةِ للعيونِ مُرادُ
تلكَ العيونُ و إن بدتْ دمعاتُها = غَضبى و في حدقِ العيونِ وِدادُ
آمنتِ أنَّ الشعبَ يعشقُ عزّةً = ولأِنَّكِ العزّ المجيد يُرادُ
حرقوا الثقافةَ كالمغولِ و أوغلوا = قتلًا وفي ظلمِ الإهانةِ زادوا
غضبُ الحليمِ كموجِ بحرٍ ثائرٍ = لن يوقِفَ السيفَ الغضوبَ غِمادُ
و لأنَّ شعبَكَ يا عراقُ تقاسَمَتْ = خيراتهُ الأوباشُ و الأوغادُ
ثارتْ لك الأرضُ الجموحُ بشعبَها = فالآنَ لبّى عزّكِ الآسادُ
بالعدلِ يُؤخذُ حقُّنا لا بالدِّما = فبدونِهِ شعبُ الفداءِ يُكادُ
بالعزِّ مِن زَمَنِ الحضارةِ والعُلا = عشنا أُباةً للغزاةِ شدادُ
الخيرُ كلُّ الخيرِ فيكَ عِراقُنا = أنتَ الملاذٌ و للكرامةِ زادُ
فجرٌ أراهُ يجيءُ يرفعُ رايةً = للنصرِ مزهوًّا ونحنُ عتادُ