أناشيد مملكة الظلال
صلاح عليوة
مصر/ هونج كونج
[email protected]
كل
تلك المسافات تمضي
تمر
السنين ..
و
يخبو غناء الشجر
سنمر و كل المساء و كل الهواء
و
كل الخطي لمراسي الوصول
و
كل النداء و كل الرجاء يمر
سنرى قمراً واحداً أثمرته السماء
نقول: سنُمضي مساءاتنا ذات يومٍ
برغم الحروب الكثيرة ما بيننا
حول
نار السمر
طائرٌ غامضٌ سيغني لنا
معبر صامت يتذكرنا
عابر شارد يتقصى إشاراتنا
ساهد يائس يتأمل حيرتنا
قمر
متعب يختفي مثل آمالنا
في
ضباب السحرْ
كل
شئ على مهل يتناسى ملامحهُ
كي
تضئَ الصور
كل
يوم تسافر شمس
و
تربكنا لافتات الخريف
نلامس أسماء أبنائنا في الخيال
و
نختار أي طريق يضللنا ..
أي
قارب صيد صغير ليوصلنا
أي
موج قديم يرقرقنا نحو صخرةِ بر
حين
جئنا استهل الصباح حكايتنا
و
جمعنا نبوءات أسلافنا
و
بسطنا أساطيرنا
فتسمت بلادٌ بأسمائها
بينما كانت الريحُ نائمةً
و
الطيور محلقةً مثل آلهةٍ
فوق
سرو الجُزر
نحرس الليلَ في كسلٍ
و
تخلّد أشعارنا السنديان
تجر
الخيول معاركنا
و
نعبأ أحلامنا بالرحيل
و
يتبعنا جوع أيامنا
عن
طريق الغجر
قال
حارسنا :
سوف
يأتي الغزاة مساء
لكي
يسألوا عن طريق قصير
إلى
حانة ..
كي
يطوفوا بقدسِ مزارِ قديم
و
في الصبح يمحونَ تاريخنا ..
ينزعون بقايا النقوش
ليفترشوا صمتنا كاملاً
مثل
سر
كل
شئ يمر بنا
و
الغيوم تبلل أقدارنا
و
المنارات تهوي وراء الخريف
ملامحنا تعبر الحزنَ
و
الصيف يمسح أكتافنا
همهمات الطواحين تتبعنا
و
المدى ينزوي كصباح بعيد ..
بارجات المنى تتأملنا
و
الأسى يختفي مثل أرجوحة
من
وراء المطر
قال
حارس أسطورة
إننا قد أتينا هنا خلسة ..
قد
عبرنا - بليل - شقوق المدى
إننا ما حيينا زمانا هنا ..
ما
انتقينا ورودا
تلائم حسن حبيباتنا ..
ما
تركنا ملابسنا كي تجف
على
شرفات منازلنا
ما
ضحكنا على ضوء أسمارنا ..
ما
نسجنا الحكاياتِ
عن
موطنٍ بجوار القمر
كل
شئ يمر بنا
نسأل الريح عن موطن
نسأل الموج و الحزن
نسأل غيم القرى
نحمل الفقر ملء خطانا
و
في كهف أحلامنا يسطع الماس ..
يلتمع الحزن مؤتلقا بين جمرٍ و در
كل
شئ يمر بنا
قارب واحد ضمنا
رغم
كل الشجار القديم
و
كل النزاع على موطئ في النسيم
و
كل الحروب بأسماء آلهة في الغيوم
و
كل القتال على منزل في جنان النعيم
و
كل الرهان على من سيرفع قربانه أولا
كي
يجئ المطر
كل
شئ يمر بنا
قارب واحد ضمنا ..
و
السموات سقف مسيراتنا
و
النجوم مرايا مصائرنا
و
الغيوم دموع بحيراتنا ...
و
الندى عرق من جباه لأسلافنا
و
جدود مضوا للضحى و تنادوا
و
هم يصعدون بأعمارنا
صخرة المنحدر
كل
شيئ يذكرنا
نسترد المدى من غموض الضباب ..
و
نتبع أنهارنا في شقوق السراب
و
حين تريق النجوم مصائرنا
نتوارى سريعا .. سريعا
و
نلقي بأخطائنا في بطون الحفر
كل
شئ يذكرنا
نسمات الخريف .. ارتحال الطيور..
مراعي الصدى .. حزننا .. صمتنا
يأسنا – خافتا شاحبا - كنحيب الشجر
سوف نبقى قليلا
أمام الهواء و نمضي
سنطوي مصائرنا في الكلام
تشردنا العابرات
و
نحمل قوس النبوءات
ذاك
النبيذ جنى غرسنا ..
عمرنا ظل هذا الحجر
كل
شئ يمر بنا
و
الحياة خرافية مثلنا
فائتد عند زهر السياج
ترفق بأغنيتي و انتظر
لنهيل السلام على سروة
كي
نمر على حزن زيتونة
أو
جنود يلمون أشلاء موطنهم
أو
رجال تقووا بخبز و ماء
و
غابوا رويدا رويدا
وراء ضباب القدر
لحظةٌ كالقرون تمر بنا
خطونا صار موطننا
تتشابه أسماؤنا في مهب الهموم
وحين يساءلنا تائه عن رصيف
و
حين نبوح بأحزاننا للسماء
لأنا غريبان تحت النجوم
لأنا رعينا وعود الغيوم
و
عدنا بماء الينابيع..
كي
يتدلى بكرمتنا كل هذا الثمر
فنزيح معابرنا صخرةً صخرةً