أيُ مجدٍ ماَ حوتْهُ الشَّامُ
أيُ مجدٍ ماَ حوتْهُ الشَّامُ ؟!
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
هذه القصيدة تُدرج ملامح من فضائل بلاد الشَّام الكبرى عبر التاريخ, مهداة إلى كل شامي ,وإلى كل مُحبٍّ لذرات بلاد الشَّام الكبرى وإنسانها , منذ الأبد وإلى الأبد
أيُّ مَجْدٍ ماَ حَوَتهُ الشَّام إلاَّ ماَ حواها؟!
بَلَدُ الرُسلِ ؛ فَمُذْ آدمَ , نوحِ , ثُمَّ طأها
"بيتُ أَناسٍِ" , و" لِهْيا" مَنزلا حوّا , سلاها
وبها صنعَ نُوْحٌ فلكهُ ثمَّ اعتلاها
وابنُهُ سامٌ , يسمِّيها "شآماً" , واحتماها
حُوِِّرتْ " سينٌ " ل"شينٍ", بَدءُ تشعيبِ لغاها
ولنا في " رَأسِ شَمْرا " أحْرُفٌ , شَعَََّ سَناها
لا , قلاها العِلْمُ يوماً , يا أخي , لا , ما قلاها
مُتْحَفَ التاريخ ِ سلْهُ , تمََّ تَنْضيدُ سواها؟
***
مَوْطنَُ التوحيدِ , يا شامُ , وللرُّوحِ مناها
وَحََّدَ اللهََ بها هودٌ , صَلاةًً ,وقضاها
فَتَسمَّعْ في بقايا اللََيْل ِ, تَسْبيحاً صَداها
مثلُهُ وَحدَ إبراهيمُ فيها ,واجْتَباها
وب"حرَّانَ", دَعا للهِ , فَرْداً, واصْطَفاها
مهجراً , ثُمََّ نجاةًًً , وابنُ "هَارانََََ" انْتَحاها
لهُما في "الأنبيا " , و" العنكبوت" آيتاها
حَلبَ الشَّهْباءَ في مَذْبَحِهِ, ثُمَّ اشْتَواها
كَمْ تَزَكَّاها حَلِيباً , ثُمَّ لحْماً, كَمْ زَكَاها
أفْلَجَ "النَّمْرُوذ" لَمًّا أَلَّهَ الذَّاتَ وَضَاهى
آتِ بالشّمسِ , ومِنْ مَغْرِبها , تكُنْ إلها
ألهَبَ الجُبََّ بهِ , فابْرَدَّ مخْضرًّاً لَظَاها
كَعْبَة أجْهَدَ فِيها وابْنهُ , إذْ بنَيَاها
وَأذَانٌ أسْمَعَ الأنْطَافَ , لا شَطَّتْ نَواها
زَجلُ الحُجَّاجِ أُمْلُوْكٌ , حَكََتهُ وَحَكاها
لذَّةُ التَّوْحِيدِ فيهِ , فَوْقَ ما كان اشْتََهاها
نََمْ قَرِيرَ العَينِ إبْرَاهامُ , وَحّدْتَ الإله
****
أيُّ مَجْدٍ مَا حَوَتْهُ الشَّامُ إلا أنْ حَوَاها؟
كَمْ تَنَدَّى في ضُلوعِ الشَّام مَزْمُورُ غِناها
هَلِّلوا يَا طَيرُ , يا وَحْشُ , فَ" دَاودُ" شَجَاها
ذِئْبها خِرْفانُها نَشْوى , تَعاوَى في ثُغاها
تتَدانى بِسلامٍ , رَجْعُ تَسْبِيحٍ كفَاها
صَامَ نصفَ الدَّهْرِ يا صيداءُ , والدِّرْعَ اكْتَساها
فارْفَعِي تَوْراةُ عَنهُ , ما احْتَشى في "أوريا "ها
وارْفَعِي عن جَدِّهِ يعقوبَ , فحْشا , ما أتاها
وعن العِيصِِ وإسحاقَ ويوسفَ مُحْتَواها
وعن العذْرا البَتُولِ , حَاشَ للهِ بغاها
وبدِينِ اللهِ عِيسى , نفْحَة ُ اللهِ , قََضَاها
مَنْ أبُو آدمَ ؟ منْ أمُّهُ ؟ حوًَّا, مَنْ برَاها؟
أيُُّ رَحْم ٍ قُلبَتْ فيهِ ؟ أمنْ ضِلْعٍ ترَاها؟
فالحَوَاشِي قد حَشَتها أيْدِي حِرِّيْفٍ سَفاها
أنْبِياءُ اللهِ مَعْصُومُونْ , والأعْلَونَ جاها
وَلَهُم في ذِمَّةِ "القُرْآن ِ" آياتٌ تَلاها
****
يا بِلادَ الأمْرِ والنَّهْي عن المُنْكَر ِ وَاها!
رَأسُ يحْيى , قُطعتْ ظُلْماً , ولم ينبس سفاها
ظَلَّ يَغْلِي دَمهُ لِلثأرِ , "جَودَرْسُ" طَفاها
وبِها يهْبِِِطُ عيسى, مِثْلما عُرِّجَ طه
***
يا بِلادَ التينِ والأعنابِ , ما أحْلى غِذاها !
فازدهى التِّينُ على "غوطَتِها" ثُمَّ اشْتَهاها
مِثلْهُ الكَرْمَةُ ُ في أعرَاشِها , امْتَدَّتْ يَدَاها
فاقْطِفِ الحَبَّة َ سمرا , لم تُوَرَّدْ وَجْنَتَاها
أوْ عناقِيدَ , كََحَبِّ المَاسِ , مَعْسُولٌ لَمَاهَا
خُضْرَةُ الصَّيفِ على الأنْهَار ِ, مُخْضَلٌٌّ نَداها
تِينها بَعْلٌ على أمْرُجها , ثُمَّ تَعَالى
وَعَلى " فِيجَتها", " مِيْمَاسِها" أو " بَرَدَاها"
وغُصُونٌ رَاقِصَاتٌ , مِنْ طُيُورٍ , مِنْ هََواها
بُجّستْ " فِيجةُ" نَهْراً , أسْمَعَتْ مِنْهُ رُغَاها
مِنْ خَرِيرٍ لِهٍَدِير , غَرْبَ " قَاسْيونَ " نداها
طَالَتْ الحُوْرَةُ حَتى , نَافَسَ الجَوْزا مداها
وَحَفِيْفُ الغِيدِ يهْمِسْنَ على الغُدْرَانِ آهَا
يَتَرَاشَقْنَ فضِيضَ الماء ِ , والدُّرُُّ حصَاها
كالظِباء ِ البيْض ِ حُسْنا ً , ويُمِلْنَ الألفَ يَاها
يَعْرُبِيَّات ٌ , كَرِيْمَاتُ الأُصُوْل ِ , مِنْ ذرَاها
يَا بلادَ التين ِ والزّّيتون , ما أحْلى رُباها!
عشِقَ الزيتونَ طَرْطوسٌ وقُدْسٌ , كُوْرَتاها
فَكَسَتْها حلَلاً خضراً , وبَلُّوطٌ كَسَاها
مثلَما " يا شوطُ" عجْلونُ" تزَّيا سنْدُساها
***
يا بلادَ السِّلمِ, والحرْب ِ ؛ إذا دارَتْ رَحاها
كان " للزَّبَّاء ِ" أنفاقٌ , فيخشاها عداها
مثلها سِردَابُ " فتْحٍ" ب"حُزَيْرَانَ" غَشَاها
زَلْزَلُوا أَرْكَان هُودٍ , والقياداتُ شَلاها
يا بِلاداً , أقبَرَتْ في " عَيْنِ جَالُوتَ" طُغاها
قَبلَها " حطِّينُ " جَلَّتْ, بانْتِصارٍ عن ضُحاها
دَوْرَةُ التاريخِ يا شامُ , فَمن يَحمِي حماها؟
والقِلاعُ القنْفُذِياتُ , على الشَّام ِ بناها
تَََرْصدُ الخَصْمَ , وَتحمي جُنْدَها , ذو وَاجِباها
ذاكَ في " بُصْرَى " بُحَيْرى" بَشَّر الإنجيلُ طه
مرْصَدٌ لِلْعِلْمِ لِلْحَرْب ِ, إذا غَاز ٍ غَزَاها
" حَلبُ الشَّهْباءُ " حِمْصٌ " مَرْقبٌ" ثُمَّ حمَاها"
تََرْقبًُ البَحْرَ, وبَرَّاً مِنْ عَدوٍّ هل أتاها؟
ترْشُقُ الخَصْمَ سِهاماً , من دَراويها أذاهَا
مِدْفَعُ " النَاصِرِ"مِنْ قَلْعَتِهِ , أنْطَقَ فاها
***
بَلَدٌُ نَوَّرَ فيها ترْبها ذا عمرَاها
ذاك سَيْفُ الله , أنسى الرُّومَ وَسْواساً دَهاها
ابنُ هَيْجا, قدَّمَ النَّفسَ , فلَمْ تصْرَعْ فتاها
مِثْلُهُ , " عَمْروٌ" شُرَحْبِيلُ " هُما ذ ُورَايتاها
وَقَّصا الرُّوْمَ , على " يرْموكِها" , بلْ دَفَعاها
والحِبالُ الحمْرُ تَزْرَقّ ُ , إذا اشتدّتْ عرَاها
و" أمِينُ الأمَّة ِ" المِشْكَاةُ , أُلهُوْبُ قَنَاها
فاتحُ الشَّام ِ , بصَحْب ٍ , قَنَّنوا الحَرْبَ , صُوَاها
وَبَطارِيقُ اهْتَدوا , بعْدَ تعْبِير ِ رُؤاها
ثمَّ وَلتْ دولةُ الشِّرك ِ, وَوَخْزٌ في قفاها
وَسعَ الشَّام " وَليدٌ", هندُها مِنْ قُرْطُباها
***
يا رِباطاً في سَبيل ِالله ِ, والحَشْدُ مُناها
يالرَّواسي , منكِ لُبْنانُ , وشَبْعاها كفاها
تََرْجُمُ ال"هودَ" شرَاة ٌ, والصَّواريخُ حشاها
كُلمَّا ال"كاتيوشُ" غنَّى , طارَ من عينٍ كََرَاها
والتَجا " هُوذا " بِجُحر ٍ , يَنْعَقُ الصَّيحات ِ هاهَا
لَيْتَ مغْلُوباً كَ"حِزْب ِ اللهِ" بَأساً في وَغَاها
نَحْنُ يا" شَارَونُ " أهلُ الأرْضِ , لا نَرْضى سواها
ذِي عُقُولٌ , صَممَتْ "قسَّامَها" بعْضَ مَداها
ترْجمُ الشَّيطانَ إبيلاً ,وتسِقِيهِ لباها
وَعلى فَقْرٍ عَجُولٍ , صُممَتْ لا, مِنْ غِناها
وَهَلِ الحَاجَاتُ أُماتُ اخْتِراعاتٍ تراها؟
ليْتَ مَغْلوباً , سَرَايا القُدْسِ فقراً وَنَباها
وعلىآناف جدْرٍ , ذَاكَ صَارُوخٌ طحَاها
لَيْتهُ يصْغِي لِحَرْبٍ ,جَيْشُ أغْوَارٍ رَواها
وب"تِشْرينَ " على"الجُولانِ" , ذاقَ صُهْيونُ أذاها
***
نَحنُ نحْمِي الشَّامَ ذرَّاتٍ , ونَحْمي مَنْ حَماها
مِثلما طيَّارُ "MEG" , خرَّقَ الأجْوا, لهَاها
بأبابِيلَ رَمَى أحْقََادَ " مائِيرا", صَلاها
هَنْدَسَ الحَرْبَ بسرٍّ , ودهاءٍ , سَادَتاهَا
سَاعة ُ الصفرِ فراغ ٌ , "حافظُ" السِّرِّ غَطَاها
فُتِّحتْ أبوابُ فيْحٍٍ , من جَهنمَ جَبْهتاها
لم يَكُن " غفْرَانُ " سَمْحاً , لِذُنُوبٍ , ما مَحَاها
في عُيون ِ الخَصْم ِ شَمْسٌ , يعْمِشُ العَيْنَ سناها
خَط "بَارْليفَ " تَدَاعى , وأسَارى في أساها
وألوْفُ " الدِّرْعِ " هاجتْ , من شَمالٍ في لَظَاها
تَخْرُقُ " الجَبْهَة َ" عَجْلَى , وب"حِطين َ"لِقاها
ذعِرَتْ "مائيرُ" حتى , غصَّ في حَلْقٍ بكاها
جَهزوا ضَرْبَ " دِمَشْقٍَ" , " نووِّيا ً" في ضُحاها
طيِّروا آلافَ "هوكٍ" , غَطِّ من شامٍ سمَاها
لَمْ يَعُدْ منها كثِيرٌ , فجرتْ "سامٌ " كُلاها
مثلُ صلٍّ يَتلوَّى , نحْوها , قَبلَ فاها
يَعْشقُ "الدَاخُونَ" رَحْماً , فَتَرى مِنه شَظاها
أَعْلنُوا يوْمَ حَدادٍ , ملأ العَيْنَ قَذاها
***
يا طبيبَ العينِ, زَرْقَاءُ , حوَاليك تَماهى
صَدِّقوا مَشْهدَ خضرا , فَرُؤاه كرُؤاها
يا طبيبَ العينِِ , بل لِلنَّفس ِ, "بشَّارُ" مناها
دُرَّةُ الدُّنيا دِمَشْقٌ , وهي منها كََمَهاها
وحِمى الشَّام ِ عزيزٌ , إرْثهُ ذا, أسداها
فاحْمِ رَبَّ الكوْن ِ"شَاماً" من"خَوَاشي"" بُوْشِياها "
واحْصُر ِ الحَرْبَ طَويلا ً في مَثانِي " بَاوِلاها"