كَفَرَاشَةٍ تَفِرُّ الْمُفْرَدَةُ!
صقر أبو عيدة
فَرَدْتُ شِغَافَ قَلْبِي بَينَ كَفَّيكِ احْتِفَالاً باِلْقَصِيدَةِ ثُمَّ أَمْشِي حَامِلاً صَدِّي
أُحَاوِلُ أَنْ أُلَوِّنَ هُدْبَ عَينِكِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِالشَّرْيَانِ وَالْقَدِّ
أُرَتِّلُ هَمَّ يَوْمِكِ كُلَّ حِيْنٍ كَيْ أُزَيِّنَ بَسْمةَ الْخَدِّ
نَتَشْتُ مِنَ الْمَصَائِبِ جُمْلَتَينِ وَقَدْ بَنَيْتُ لَهَا مَرَاسِيَ مِنْ ضُمُورِ الصَّدْرِ وَالْوَجْدِ
نَظَرْتُ إِلى يَرَاعِي وَانْتَظَرْتُ لأَقْطِفَ الْحَرْفَ الْعَصِيَّ لأَنْسِجَ الأُخْرَى
دَخَلْتُ صَلاةَ صُبْحٍ فَامْتَطَيْتُ خُيُولَ أَحْلامِي عَسَى أَنْ أَدْخُلَ الْمَرْعَى
فَأَجْنِيَ جُمْلَةً أَوْ فِقْرَةً فِيهَا قَصِيدٌ يَجْبُرُ الْكَسْرَا
هَرَبْتُ مِنْ الْخُشُوعِ إِلى الْقَصِيدَةِ فَانْتَشَى قَلَمِي وَطَارَ الْخَطُّ مِنْ وَرَقِي
وَرَاوَدْتُ الْفُؤَادَ لِيَزْرَعَ الرَّكَعَاتِ في عَجَلٍ لأَقْطِفَ جُمْلَةً حَرَّى
وَأَرْسُمَ وَرْدَةً مِنْ بُؤْسِ فِكْرِي عِنْدَمَا هَاجَتْ بِهِ مَوْجَاتُهُ الْقُصْوَى
عَصَرْتُ الذِّهْنَ لَمْ أَمْسِكْ مِنَ الْكَلِمَاتِ إِلا جُمْلَةً خَرَجَتْ عَلَى لَحْنِي
وَلَمْ تَسْكُنْ عَلَى قَلَمِي فَطَارَتْ مَرَّةً أُخْرَى
وَنَاجَيْتُ الْقَرِينَ فَهَابَ مِنْ جَرسِ الْكِتَابَةِ وَاقْتَفَى أَثَرَا
رَجَعْتُ إِلى شَيَاطِيني
فَلَمْ تَهْمِسْ عَلى شَجَرِي طُيُورُ الشِّعْرِ أَوْ تَذْرِفْ
عَلَى شَفَتِي إِطَارَ الْحُبِّ أَوْ تَرْسُمْ عَلى خَدِّ الْحَبِيبَةِ بَسْمَةً تَرْعَى
تَضَارِيسَ الْبِلادِ وَلَمْ نَكُنْ نُرْخِي لَهَا وَتَرَا
يُمَوْسِقُ فَرْحَةً رَقَصَتْ عَلَى عَجُزٍ مِنَ الْبَيتِ
رَجَوْتُ الْقَلْبَ أَلَّا يَسْكُبَ الأَلْوَانَ عِنْدَ هَوَامِشِ الْوَرَقِ
فَحِبْرِي قَدْ يَسِيلُ عَلى بُيُوتِ الشِّعْرِ بِالْعَرَقِ
تُسَائِلُنِي حَبِيبَةُ عُمْرِيَ الأُوْلَى
وَقَدْ غَرَسُوا لَهَا حَقْلاً مِنَ الأَلْغَامِ وَالفِرَقِ
فَنَهْرُ الْوَصْلِ مَمْلُوءٌ بِغَيرِ الْمَاءِ وَالْوَدَقِ
وَكُنَّا نَرْتَوِي مِنْ بَسْمِهِ وَطَنَاً بِهِ تَتَجَرَّدُ الْحُرَّهْ
تُعَاتِبُنِي أُنِيخُ لَهَا وَلَمْ تَجْلِسْ عَلَى فُرُشِي وَلَوْ غَفْوَهْ
فَمَاجَ الدَّمُّ يَرْعُفُ فَوْقَ أَوْرَاقِي
وَلْمْ أَكْتُبْ وَلَوْ نُقْطَهْ
وَرَفْرَفَتِ الْفَرَاشَةُ فَوْقَ أَفْكَارِي فَحَارَ الْجَفْنُ حَتَّى اخْتَلَّ في ظِلِّهْ
عَصَرْتُ الْقَلْبَ لَمَّا هَاجَ فَاحْتَبَسَتْ بِهِ الغُصَّهْ
يُسَائِلُنِي عَلَى أَيِّ الْمَنَافِي أَزْرَعُ الْوَرْدَهْ
فَيَصْدِمُني سُؤَالُ حَبِيبَتي ، أَوَلَسْتَ في قَلْبِي تُطَارِدُ نَيْسَمَ الْعَوْدَهْ
أَهِيمُ عَلَى خَليِجِ اللَّيلِ عَلَّ بِهِ سُكُونَ الأَنْفِسِ الْمَوْتَى
أُغَازِلُهُ عَلَى قَبْرِي وَأَمْسَحُ فَوْقَهُ الْعَبْرَهْ
وَقَدْ عَلِمَتْ جُفُونُ اللَّيلِ مُشْكِلَتِي
بِأَنِّي قَدْ أَجِيءُ لِهُدْبِ عَيْنَيهَا بِلا وَرَدَهْ
فَقَدْ وَطِئَتْ عِطَاشُ الأَرْضِ مَوْرِدَهَا
وَلَمْ نَنْهَلْ وَلَوْ رَكْوَهْ
وَقَدْ تَرَكَتْ دُمُوعُ الْقَمْحِ سُنْبُلَهَا
وَغَارَ الْكُحْلُ وَانْتَحَبَتْ مَرَاوِدُهُ مِنَ الْجَفْوَهْ
قَذَفْتُ شُمُوعَ أَرْوِقَتِي
وَصِرْتُ غَرِيبَ أَنْفَاسِي
فَنَارُ الْهَجْرِ أُشْعِلُهَا بِلا جَذْوَهْ