بين الحياة والممات
عبد الكريم ناتي
ألحياة كالممات لا ترادُ
والمماتُ صحوةٌ كبرى أشدُّ
وَكلا الدارين أصداءٌ توَلي
ثمَّ دارٌ عن بقاها لا صُدود
يُنقل من داره المرءُ إلى دا...
رٍ وأخرى عيشها جدٌّ وخُلدُ
وأرى القبور تمشي فأواري
دمعتي خلف ابتسامٍ أو أكادُ
وأرى المَوْتَ كنَسْرٍ حَامَ حَوْلي
كلَّ آنٍ وأرى حوبي يعادُ
وأرى عيشي سراباً وانتظاراً
والسماواتِ لطيٍّ تسْتعدُّ
فأقولُ وَيلَ أُمِّ العبد، وَيلي
وَيلَ أَيامٍ وقد كانت تَلِذُّ
بالمعاصي والردى تابعها لا
يخطيءُ الرَّميَ ولا عنهُ مرَدَّ
غَرَّنِي جاهٌ وسلطانٌ ومالُ
وجمالٌ وحشاءٌ يستزيدُ
الحياة لحظة والموت ألفُ
والدِّيار عدَّةٌ وَالعُمْرُ عدُّ
لا يوَلِّي العمرُ حتى ينتهي دَوْ...
رُ امريءٍ مستوفياً رزقاً يقَادُ
وأراني ضاحكاً ثغري وقلبي
فأقولُ عجبي والقبرُ وعدُ
ثم أدري أن جهلي رحمةٌ، لو
أنني أدري الردَى حَقا أَحِدُّ
ماليَ الأمرُ حياة أوْ مماتاً
شاءني ربي وما شاء العبَادُ
ويرى الناسُ ابتسامي ويراني
ضاحكاً غرٌّ فيقول مُسْتلذُّ
بيد أني مُحزَنُ القلبِ ولحظي
قَائلٌ مالم يرَ الطرفُ البليدُ
والفؤاد هِمّةٌ والروح رهبُ
والدجى مُسَهَّدٌ والدَّمْعُ وَحْدُ
لا مني من هَمَّني كأنني الشي…
طانُ يغوِي أَوْ كأنَّ اللومَ عيدُ
أوْ كأني رأسُ فتنةٍ وكفرٍ
والعيوبُ فيهِ تبيانٌ وَصَيْدُ
لمْ أشَأْ أن أقتفيها بانتقادٍ
ذاك أني أَعْلَمُ النفسَ تكيدُ
لان حين قُلتُ ما قال، نبا حي ...
نَ اختلافٍ وَرَمَى والرميُ كَيدُ
واضياعَ العبدِ يَرْمي الغيرَ بالفس …
قِ ولم يَرَ ولا صفا الفؤَادُ
هل درى ما الله أخفى في عبادهْ
أمْ أراه الله ما يطوي الفؤادُ
أبصروني لا بصائراً ولكنْ
خذعوا واستيقنوا واليقنُ قيدُ
لو تعَرَّى ما توارى ربما با ..
نَ خفاهمْ ويا سوادهُ السوادُ
هلْ شققتُمْ عن فؤاد العبد أَمْ أَنْ …
نَ الغيوب عُلمتْ أَمْ زِيحِ سَدُّ
أَيْ نعمْ تقوى الخفا أحرى بها أنْ
تصبَغَ الفعل وَهدى النفسِ انقيادُ
والنوايا حَسُنتْ تلقى جحيما
إِنْ غوى الفعلُ وَغيَّا يُسْتجَدُّ
مبعدٌ يا قلبُ إبعاداً ظلوماً
جافياً، يجفو القريبُ وَالبعيدُ
رُبَّ أَقْوَامٍ أَرَوْني سافرًا فع ..
لي وَأَوْحوْا للفؤادِ ما أرادوا
فألومُ النفسَ لوماً لا مُحقا
وأُعذَّبُ في خَفا قلْباً يُقدُّ
هَلْ لأَني مرْهَفٌ يُدْمونَ قلبي
وبكائي طَيّعٌ وَهمْ حديدُ
قلْ لَهُمْ محجتي هَدْيُ النبيِّ ال ..
مصطفى لو ضِعتُ يوماً فملاذُ
سنَّةٌ يشفي دواها منْ كتابٍ
مُسقماً والخَطْء ُ منه قَدْ يحَدُّ
أَمْ يريدُ القومُ أَنْ أُمسِي ملاكاً
لا وربي، إن كذا جُنَّ الرشيدُ
أقتفي ضحْكاً وَقَدْ شانت فعالي
بعض وجهي مِنْ شجونٍ تستبدُّ
وأعي ذنبي وأرجو الله عَفواً
وَعفُوٌّ خالقي والعفوُ زَادُ
قُدِّر الذَّنب اختياراً، لو تصِحُّ
كلُّ أفعالٍ لكانَ الناسُ حُدُّوا
وأتى الله بخلقٍ يخطئُونَ
ثم يُعفى عنهموا – قَالَ الحميدُ-
لا تقلْ يُبَرِّرُ الذَّنب وينسى
ناصحاً، لِمَ كانَ وَعدٌ وَوَعيدُ
وحسابٌ لجزاءٍ وعقابٍ
وَجَلاَلٌ منه قد شابَ الوليدُ
لا وربي ترجف الأعضاءُ رجفا
حين أذكرُ الرَّدى والناسَ أُرْدُوا
قدْ رأيت الموت يعصرُ الفتى الصَّلْ ..
دَ وقد كانت تحاشاهُ الأسودُ
ورأيتُ سكراتٍ هَانَ منها
كُلُّ مُعْتزٍّ وَجَبارٍ يسودُ
فانثنيتُ باكياً بَكى الجَبَانِ
تارةً وتارةً أبكي وصَلْدُ
واصطباري ذا شجاعتي ودفعي
لانتكاسٍ واحتسابُ القلبِ ذَوْدُ
لو جباناً كنْتُ أحياناً فَخَوْفُ ال ..
لاهِ جُبْني بينما الجُبنُ فقيدُ
يحضرُ القلبَ سراباً ثم يمضي
وَالمَهِيبُ فاطِرُ الخَلقِ المجيدُ
لا تَدَعْ رَأْيَ البصيرةِ فتشقى
لا ولا تتبعْ مزاجاً لا حديدُ
إنِ كَرِهتني وغرتَ منْ صفاتي
فقُلِ الحقَّ ولو جَارَ الوَدُودُ
هل رأيتني ظلوماً أو غوِيا
إنْ كذا فانْصَحْ ولا تنْصَحْ تزِيدُ
وعلى الحب فأبق بيننا كيْ
يستمرَّ الملتقى حلواً سعيدُ
زدك أني نادمُ القلب دواما
وأتوب للعليِّ وأعيدُ
لا تيئِّسني مِنَ الله فتمحو
أملي في العَفو فالشيطانَ أغدو.