مَهازِلُ الرِّدَّة

مَهازِلُ الرِّدَّة

عبد الله ضرَّاب - الجزائر

[email protected]

قد يرى بعض القرّاء في أبيات هذه القصيدة جموحا في اليراعِ ، بالقدح والإساءة والهجاء ، وما هي كذلك ، إنّما هي رَدَّة فعلٍ من حريصٍ على عزّة أمّته وسلامة دينه  وكرامة إخوانه، فقد راعه كثرة الفساد ، وغفلة العباد ، وابتعادهم عن المكارم وخلال الرّشاد ، حيث جرهم الطمع إلى الخضوع ، والجبن إلى الخنوع ، والشُّرْهُ إلى الدِّياثة ، والتّخلي عن الدين إلى التّفاهة والغثاثة ، فإذا بأهل العلم سراب ، وأولو الأمر ذئاب ، والنساء عذاب ، والفتيان ذباب ، فقيم هذه الأمّة المختارة أتى عيها الدّمار والخراب ، والسّبب هو هَجْرُ هدى السّنة والكتاب.

عَـجِـبَ الـرِّفـاقُ لشعرنا iiفتكلَّمُوا
قـالـوا أصـبتَ وقد رميتَ كشاعرٍ
لا لـسـتُ قَـطْـعاً شاعراً iiمُتهجِّماً
إنَّ  الـعـزيـزَ إذا اكـتَوى iiبِرَزِيَّةٍ
يبغي  الكهوفَ ويرتَضي فيها iiالدُّجى
يـهـوى القوافيَ كي يبوحَ iiويشتكي
فَـلَـرُبَّ عـانٍ اسـتـبدَّ به iiالأسى
ولـقـد  تـراهُ عـابِـسـا iiمُتَجَهِّماً
إنِّـي سـمـعتُ أبا القصائدِ iiصادِحاً
ذو الـعـقـلِ يشقى في النَّعيمِ iiبعقلهِ
*                *               ii*
لا لـن أكـون مُـبَـكَّـمـاً iiمُتَوانِياً
انـظـرْ لـتعرفَ أنَّ وَجْدِيَ iiصادقٌ
سـتـرى الـرُّوَيْبِضَةَ الغبِيَّ iiمُسوَّداً
وتَـرى  الـجـهـولَ بجهله مُتعاليا
وتَـرى الأُحَـيْـمِـقَ عالما iiمُتفَيْهِقاً
وتَـرى الـشُّـوَيْـعِرَ لاغِيا iiمُتبَجِّحاً
وتَـرى الـمُـثـقَّفَ واجِماً iiمُتواريا
وتَـرى  الـفـقيهَ يُهانُ رُغم iiجُهوده
وتَـرى  الـشَّـبـاب مُسَفَّهاً iiومُتفَّهاً
وتَـرى  الـنِّـساء كمعرضٍ iiلغوايةٍ
وتَـرى الـرَّذائل في الحِمَى عَلنيَّة iiً
أمِـنَ الـتَّـقدُّمِ أن يُدنَّسَ عِرضُكم ؟
وتَـرى الـرُّيُـوعَ غـنيمةً iiلعصابةٍ
وتَـرى الغنيَّ يصبُّ ماله في iiالهوى
وتَـرى الـمُـتـاجِرَ خائنا iiومُخَوَّنا
وتَـرى الـصَّـلـيب مُوجَّها iiبعنايةٍ
وتَـرى الـدُّعـاة بـيـادقا iiلسياسةٍ
وتَـرى  الإمـامَ مُـعـلَّـقاً iiبِخُبيزَةٍ
وتَـرى الـمُـصلِّي بالصَّلاة iiمُرائيا
ذهـبَ  الـتَّـعـقُّـلُ فالعقيدةُ iiهَشَّةٌ
بـلـغ الـتَّـردّي أوْجَـه iiُفَـتَنَبَّهُوا
*                *               ii*
قَتلوا الفضائلَ في النُّفوسِ وفي الحِجا
وإذا  اسـتـفـاقَ يريدُ نَفْضَ iiغُباره
وغَـزَتْ صُـفـوفَـه نَزْعَةٌ عَلَفِيَّة iiٌ
أخزى  المخازي أن نُداسَ وأن iiنَرى
أدلـيـتُ  شِـعْـري بالعتابِ iiتودُّدا
أو يـا رفـاقَ الـدَّرب لـستُ بناقِمٍ
وتَـرَوْا  بـأنِّـي قـد رَمَيتُ iiمُعاديا
أبـدا وربِّـي مـا قـصـدتُ iiإذايةً
وَلَـئِـنْ أسـأنـا لـم نُسئْ iiلِجَرِيرَةٍ
إذ كـيـفَ يُـعـقلُ أنَّ سيفاً iiمُصلتاً
وجِـنـانُ قَـدْرِهِ تُـسـتَباحُ بأرْعَنٍ
وإذا  الـمـشـاعـرُ اسْتُثِيرَ أُوارُها
رُدُّوا عـلـيـنـا بالفصاحةِ iiوالحجا
إنَّ  الـعـذاب إذا تـجـاوزَ iiحَـدَّه
دُمـتُـمْ شُـمـوسـا للهدى iiومعالِما















































مَـدَحُـوا  ولامُوا وانتشَوْا iiوَتَجَهَّمُوا
ألِـفَ الـقـوافـيَ في الهِجَا iiيَتَحَكَّمُ
إنّـي  جـريـحٌ مُـثْـخَـنٌ يَـتألَّمُ
يُـضـحـي  كـطَـيْرٍ شاردٍ iiيَترَنَّمُ
كـيْـمـا يَـبُـثُّ لـجوفها ما iiيَكتُمُ
يـبـكـي  خِـلالا من هُدَى iiتَتَخَرَّمُ
فـفـؤادُه  مـن وَجْـدِهِ يـتـقـسَّمُ
لـكـنَّـه رُغْـمَ الأسـى iiيـتـبَسَّمُ
لِـيـخـطَّ  دَرْبـا لـلـعُلا iiفتعلَّمُوا
وأخـو  الـجـهالةِ في الشَّقاوةِ iiينعَمُ
*                *               ii*
وحِـبـالُ  عِزِّي في الورى iiتَتَصَرَّمُ
وتـرى  الـمـهـازِلَ بـيننا iiتتفاقَمُ
نَـذلا سَـخـيـفـاً تـافـهاً iiيَتَقَمْقَمُ
يَـلـوِي  الـشَّوارِبَ عابثا iiيَتَحَمْحَمُ
رَطِـنَ الـلِّـسـانِ مُـتَـأتِئاً يَتلَعْثَمُ
فـإذا  اسْـتُـثـيـرَ لِـعـزَّةٍ يتبَكَّمُ
كَـلِـفَ  الـفـؤادِ مُـحـيَّراً يتبَرَّمُ
وتـرى  الـمُـغـنِّيَ والسَّفيه iiيُكرَّمُ
دَفـنَ الـفـضـيلةَ والتُّقى iiفترحَّمُوا
مـنـه  الـمـفاسدُ والمهالكُ iiتُضْرَمُ
يـا  قـوم أيـن عـقولُكم؟ iiفَتَحَلَّمُوا
تـلـك الأجـنَّـةُ في المزابلِ iiتُردَمُ
بـيـن  الـمعارفِ والمعازفِ iiتُقْسَمُ
تـركَ  الـفـقـيـرَ مُـحَنَّقاً iiيَتَلَمْلَمُ
يـبـنـي الـفِـخاخَ لكلِّ شارٍ iiيَقْدُمُ
يـغـزو  الـمـداشـرَ ظافرا يَتَكَتَّمُ
بِـمُنى  المناصبِ والمكاسبِ أُغْرِمُوا
فـاذا الـمـسـاجـدُ تُحتوى iiوتُؤمَّمُ
يُـبـدي  الـتَّـخـشُّعَ والفؤادُ مُعتَّمُ
وإذا  الـغـرائـزُ فـي الأنامِ iiتَحَكَّمُ
تـلـك  الـمـهـازلُ رِدَّةٌ iiتَـتَرَسَّمُ
*                *               ii*
فـغـدى  الـمُـثـقَّفُ عانيا iiوَيُكَمَّمُ
رُمِـيَـتْ جُـمـوعه بالأذى ويُجَرَّمُ
ألـفـوا  الـمَهانةَ والوَنَى iiفتشَرْذَمُوا
خُـلُـقَ  الـمـهانةِ يُرتَضى iiويُعَمَّمُ
حـسِـبـوا الـعتابَ شماتَةً فتظَلَّمُوا
أبـدا  وأخـشـى أن أسيء iiفتنقَمُوا
وتـروا  بـأنِّـي قد ظلمتُ iiفتظلِمُوا
جـوُّ الأخـوَّة بـالأذى iiيَـتَـسَـمَّمُ
غَـلـبَ  الـتَّـأثـرُ وَعْيَناَ iiفتفَهَّمُوا
يـبـقـى حـبـيـسا للصَّدأ iiيَتفَرَّمُ
وصـروحُ عِـزِّهِ تُـعـتَـلى وتُهدَّمُ
لا  عـقـل يـعـقلُ أو يَسُدُّ iiوَيَحْكُمُ
قـلـنـا كـلامـا نـاقـدا iiفتكلَّمُوا
جـعـل الـمُـعـذَّبَ طائشا يَتَحطَّمُ
ولِـمَ  الـتَّشَنُّجُ والجفاءُ ...  iiتَبَسَّمُوا