الرحلة
الرحلة
سهيل أبو زهير *
ودَّعَ اليوم رفاقهْ
أرجَعَ الدَّين ، وشدّ الراحلهْ
……
كان في المشهد ناقهْ
وسراقهْ
ساخت الأقدام لكن…
لم يعد
و(محمد) …
قد رأيتُهْ
ويداه فوق رأسهْ
….
قطع السيفُ عِناقهْ
فتدلَّت نجمةٌ
حوريةٌ
هو يصعدُ …
بعدما مَدّت يداً سمراء تمنحه انعتاقهْ
فاستجاب
واليد الأخرى تَمَسَّكُ بالجدار
ثم دق البابْ
*****
رفع الرأس الصغير:
_ إسمي!… (محمد)
__ إنما أنت الحفيد
__ ربما لستُ الأخير
فاتركوني كي أُحلِّق
أطعموني من تراب الخلد شيئاً
__"ذاك نورٌ فوق نور…
خذه والْبَس
__ لستُ (يوسف)
__ وجميل !
ستطير…
ثم تنزل بالغدير
فاحذر الحور … تمترس
****
راودته فاستجاب
أخذته للفرادس
فاستجاب
__ "قل لها: إني شهيد"
قالها..
فتداعت حوله جنات عدن… وعيون
قالها…
أحضرت من جنسها سبعين
قالها…
سألته:
__ " أي عين أنجبتك كي تكون ؟ "
خيَّم الصمت … وراوده الحنين
وانثنى ينوي الغياب
****
واعدته أن تراه عند باب
فاستجاب
****
عندما نهض المساء
ألبسته سيف نور
لبست نور الحجاب
(واستبقا الباب)
__ أين تبغين الذهاب؟
__ للجدار
__ أي عين؟… أي دار؟
__ لفلسطين … فخذنا للديار
للتراب وللغبار
****
بعدما وصلوا الجدار
استدار الأمر وانزاح الستار
بعضنا صعد الجدار
بعضنا خلف الجدار
بعضنا تحت الجدار
واستدار الخصم من بعد الخراب
باحثاً عن أي باب :
_ [أي باب … أي باب]
****
ها هو الشيطان يذرو خلف ذيلهم التراب
ويقول : "اخسأوا .. يا ويلكم
هكذا
طفل صغير سامكم سوء العذاب؟!
سوف أصعد للجحيم
قد حفرتم قبركم
فاستعدوا للنزول
أيها الأوغاد..
لا أدري ، وأنتم تعلمون
فلماذا تعشقون الذل
حتى من صغير؟!
فاذهبوا
وأريحوا بعدنا الذئب السراب"
****
__ [ما هزمنا]
__ لم تزالوا تكذبون…
حين تقتنصون طفلاً أعزلاً
لا
تُهزمون؟!
هل سحقتم نبتة فاحت برائحة زكية ؟
هل تحبون البريهْ ؟
قد هُزمتم
وأنا لست أناور
لا تلوموني ، سيولد كلَّ يوم ألف أحمد
ومحمد .
…..
…..
تحرقون الأرض؟!
مهما تفعلون..
هذه الأرض لهم
ثم هاهم يبدأون
يحرثون ويزرعون
بعدها قد تصبحون عبيداً
ربما لا تصبحون!
فاستديروا للجحيم
****
__ يا بلادي زغردي
وأقيمي عرسنا
عدتُ لك
عدتِ لي..
ها هو البارود يضحك من جديد
لم نعد نحصي ضحايانا هنا
لم نعد نجني دموع الأمهات
أو نعبِّئُ كأسنا دماً زكياً للتراب
سأغني.. فارقصي
واحزمي حول البراءة كل طلْقات الرصاص
ثم قومي بالمساس
واشربي كأس الدماءْ
واكتبي فوق الجدار
لا فناءْ
لا فناء
لا فناء
* كاتب من فلسطين