الحق المصلوب
08كانون22005
علي فهيم زيد الكيلاني
الحق المصلوب
شعر: علي فهيم زيد الكيلاني (أبو العلاء)
لا تـطـلـب الحقَّ لن يُؤتاه أنـى تـخـلَّـصُ من وحشٍ فريستُه الـحـق ركـنـاه إيـمانٌ وتضحية والـحـق بـركـانـه غـل يؤججه فـي جـوفـهـا حُـممٌ تغلي يفجّرها الـحـق والعدل والصمصام والكتبُ * * * الـحـق مـغـتربٌ لا عدل يَنصرُه فـأمـة الـحق قد غِيضت محامدُها كـانـت هـي الـحق تؤتيه وتؤتاه فـيـهـا سـدانـتُـه فـيها رفادته راحـت يـد الـحقد تذكي نارَ فرقِتها سـدوا الـطـريـق إلى آفاقنا وعَتَوا * * * مـن ذا يـلـوم ذئـابـاً في فرائسها صـاروا لدى الذئب رعياناً وشِر ذِمَةَ تـمـري الضروعَ إلى أن تستدرَّ دماً كـأنـمـا جـوفـه بـئـرٌ مـعطّلة مَــهـجَّـنٌ أمـه كَـلْـبٌ ووالـدُه أقـصـى على عتبات الأمن يحرسه يـهـرُّ إمّـا خـيـالٌ لاحَ عن كثبٍ نـواجـذ الـذئب مثل السيف قاطعة تـصـطـك غـيظاً وأحقاداً ومَوجِدَةً * * * قـالـوا الـحـضارةُ قلنا إنها الطَّلَبُ فـامـرغـونـا بـخيرات مُجنححةٍ تـلـكـم حـضـارتُهم خيراتها عَمَمٌ سـفـيـنة الحق تجري في خِضمِّ دَمٍ * * * يـا رب هـذا زمـان ضـلَّ كاهنُه فـالـحـق لا يُرتجى الحق يُغتصبُ مـن يـحـشد الحق يؤتاه وإن وقفتْ * * * يـا واحـدَ الـحـقِّ مَنْ الإكَ ناصرُه يـطـاولونكَ يا ذا الطَّولِ فاقضِ بِهم إنـي لأعـجـبُ مـن طغيانِ مُنتفجٍ * * * يـا واحـدَ الـحـقِّ قد جلّتْ حقيقتهُ أَنـزلـتَ بـالـحـق قـرآناً يعزُّزه قـد دكَّ عُـقْرَ ظلامِ الجهل فانبلجتْ وشـقَّ جـلـدَ ظلامِ الظلمِ فانصدعتْ * * * يـا سـيـدي يـا رسولَ اللهِ يا مثلاً فـي كـلِ قـلـبٍ لوعدِ الحقِ منفتحٍ بـالـحـبِ يـنـبضُ بالإيمانِ يتقدُ ذكـراكَ مـيـثـاقُـهم يا سيدي أبداً هـم الـذيـن اشتكَوا أشواقَه ضُربوا هـم الـحـقـيـقة لامينٌ ولا كَذبُ يَـمـضون فوقَ سِراطِ الحقِّ غايتُهم الـصـابرون على الضرّاءِ ما وَهَنوا الـمـاسـكـون زِمامَ الحقِّ في يدِهم الـقـابـضـون عـلى لأواء أمِتهم كـلٌّ عـلـى ثغرةِ ما انفكَّ يرصدُها صـاروا غـريبين في أوطانهم نقموا عـادوا غـريـبـينَ إيماناً وتضحية كـغـربة الحق مصلوباً على خشب * * * جـيـلُ الـشـهادةِ محمولٌ على دَمِهِ لا يـسـألـون حِـماهم حينَ يَندبُهم هاهم ليوثُ الوغى أسدُ الشرى انطلقوا لا بـدَّ لـلـحـقِ أن يَسمو بِهم أبداً * * * لـم يـبق في الحيِّ إلا مُدَّعُونَ هُدى إلـيـكَ يـا سـيـدي زوراً وتسميةً تَـجـتـثُّ صدقَهم الأهواءُ والرُتَبُ إنْ يـعـلموا الخيرَ يخفوهُ وإن علموا كـأنَّ ديـنـاهـمُ مـن صُنعِهم فهمُ الـفـاصـمـون عُرى كانت موثقةً الـلاهـثـون سُـعارُ الكسبِ يُلهبُهم الـشـخـاصـون إلـى أقدامِ سادتهم قـد جـرّدوا الـذلَ والـخِذلان ألسنةً قـد أشـفـقوا خشيةَ الحملان تأكلُهم عـبّـوا بـلا وَرَع ظـلّوا على ظَمَأٍ ظـلـوا عـلـى ظمأٍ كالعيسِ مثقلةٍ كـأنـهـم قـطُّ ما ذاقوا وما رشفوا ذكـراكَ مـا جـاوزتْ يوماً شفاههمُ كـم ادّعـوا أنـهـم لـلـحقِّ عُدّتُه مـا كـان أحـراهـمُ لو أنهم صدقوا * * * أنـبـيـكَ يـا سيدي أنّا على وَشلٍ لـقـد وصـلـنا إلى ما كنتَ تعلمُه هـا قـد تـداعـتْ علينا كلُّ داهيةٍ أنـتَ الوسيلةُ في الجَلّى إذا احتبكتْ فـاطلبْ لامِتك الثكلى الخَلاصَ وكُن | مطَّلِبُالـحـق يـؤخـذ قسراً حده إلا إذا كـسـرتْ أنـيـابـه الـنِيَبُ إمـا انـتـقـصناهُما فالحق مُسْتلهبَ بـغـيٌ وأوغـاره في النفس تلتهبُ عـسفُ الطغاة ويُذكي النارَ مُغتصبُ أسُّ الـوجـود إذا لم تؤتَ يضطربُ * * * فـي الـعالمين وأهلُ الحق قد غَربوا إلا جـداولَ عـزّ نـبـعـها الحَسبُ وإذ تـخـلـت تـشظَّى أهلُها العربُ فـيـهـا سِـقـايته بل كلّ ما اطَّلبوا هـيـهـاتَ تطفأ لا غيثٌ ولا سُحُبُ فـالـمـسـلم اليوم لا أُفْقٌ ولا سَبب * * * إذا الـرعـاة إلـى ذُؤبـانها انتسبوا إن جـاع يـغذوه أو إن يَظْمَ يَحتلِبوا ضـروعُ نـعـمائنا البترول والذهبُ مـا يـحـتـسـيه فَبَوّاٌل ومنسرِبُ ذئـبٌ فـإن كـلا طَـبـعَيِه مُرتكب حـامي الحمى الأمنِ نَهَّاش ومُغتصب وإن يـرى كِـنـزاً يَعوي ضَراً يَثبُ أنـيـابـه مـن صـواريخ لها لهب عـلـى جـواد حَسيبٍ يعربُ النسبُ * * * لـسـوف نَسعدُ في الدنيا ونَختصِبُ مـنـهـا مـرابعُنا تشتو وتَختصِبُ الـقـصفُ والقتلُ والتدميرُ والرُعُبُ لا نـوحُ هـادٍ ولا الـجوديُّ مقتربُ * * * الـظـلـمْ عـدلٌ به والعدلُ مُجتَنَبُ مـن غـاصـبيه بحد السيف يُطلَّبُ فـي وجهه كلُّ أهلِ الأرضِ والنُصُبُ * * * وقـد تـداعـتْ عليه الطُغمُة اللَّجُبُ قـضاءَكَ الحقَّ ما استعلَوا وما حَرِبوا وفـوقـه الـقـاصـمُ الجبَّارُ يَرتَقِبُ * * * آلاؤك الـغـرُّ لا سِـتـرٌ ولا حُجُبُ رسـولُـك الـحقُ فانجابتْ به الرِيبُ شـمـسُ الحقيقةِ، لا ما دبَّجتْ كُتُبُ وأشـرقَ الـعـدلُ فالميزانُ مُنتصِبُ * * * لـلـحـقِّ يـا قـبساً للنورِ ينسكبُ عـلـى الـهدى وأوارُ الشوق يَلتهبُ الـحـق فـي دَمِهم والمجدُ والحَسَبُ وإرثُـهـم مـانـأوا عنه وإن صلُبوا وعـذبـوا ما استكانوا قطُّ بل حُجِبوا فـإنـهـم فـي ضمير الأمة انسكبوا أمـضـى وحـدُّهمُ الإيمانُ والقُضُبُ يـومـاً ولا فـتَّ فـي إيمانهم كُرَبُ بـقـوةٍ مـا تـراخَوا عنه أو نَكَبوا لا يَـغـفـلون إذا ما استهُدفتْ وَثبوا لا يُـؤتـيَّـن فـإمّـا غُولبوا غَلَبوا مـنـهـم ثـبـاتهم لم تغرهم رتب كـمـا ابتدأتَ فهم يا سيدي اغتربوا الـحـقُ يـنـزفُ والمعبودةُ الخُشُبُ * * * أرواحـهُـم فـي سـبيلِ اللهِ تُحتسبُ فـي الـنـائبات إذا ما حَمْحَمَ الطَّلبُ لا القصفُ يُرهبهم لا القتلُ لا الرَّعُبُ ويُـهـزمُ الـباطلُ الباغي ويُنتَصَبُ * * * بـأنـهـم هـم دُعاة الحقّ وانتسبوا إذ حين رانَ العمى واستفحلَ انسحبوا فـانـبـتَّ أسٌّ التقى وازعزَعَ الدَأَبُ شـراً أذاعـوا وإن لـم يعلموا كذبوا الـمـالـكـون لـهـا ما قطُّ مُنقلَبُ قِـوامُـها الحبُ والإخلاصُ والنَسبُ لـواعـجٌ تـتـلـظـى دونَها اللَّهَبُ لـيـقـتفوا خطوَها ما غرَّبت لَحَبوا تـرجـو الذئابَ بأن يَعفوا ويَنسحبوا مـا أودعَ الـذئبَ يبكي وهو يَغتصِبُ أفـواهُـهـم فغرتْ وأسّاقَطَ الرُّطَبُ بـالـمـاءِ، تحملُه في جَوفِها القُرَبُ مـن نبعِكَ العذبِ الشافي وما شربوا ومـا وعـتـهـا قلوبُ غَلَّها الأَرب وأنـه فـي سـبـيل اللهِ ما اكتَسبوا أن قـدَّمـوا دَمَـهـم لـكـنّهم كَذبوا * * * وأنـهـم مـن وُحول الكفر قد نَغَبوا عـمّـا تـؤول إلـيـه حالُنا العَجَبُ وكـلُّ نـابـح لـيـلٍ نـابُهُ عضبُ لـدىَ الـمُـهمّين أنتَ البابُ والسَبَبُ أنـتَ الـشفيعَ لدى الرحمن يا سَبَبُ | القُضُبُ