هوامش :
(1) الإزراء :العيب
(2) السَّناء : الرفعة والسمو
(3) الإدجاء : شدة الظُّلمة
(4) ذُكاء : من أسماء الشمس
(5) الإياء : جمال الشيء واتزانه ، ومنه حُسن المشي
(6) عَفاء : هلاك وفناء
(7) السيماء : العلامة الفارقة للشيء
البشرياتُ تَلُحْنَ في الأجواءِ = مخضلَّةً بتفاؤُلِ البُشراءِ
عادتْ لأُمَّتِنا بهنَّ هدايةٌ = تجلو ضلالَ تقادمِ الآراءِ
وصحا بنوها فالمساجدُ جنَّةٌ = للمتَّقينَ ، وموئلٌ لعَلاءِ
وتعهَّدوا القرآنَ بعدَ نفورِهم = بالحفظِ والترتيلِ والإصغاءِ
مستشعرينَ عَداءَ شانئِه لهم = وغباءَه المسجورَ بالغلواءِ
قد سرَّني إذْ في المساجدِ جمعُهم = تغشاهُ رحمةُ خالقِ الأُمناءِ
ومن البناتِ أثيرةٌ وكريمةٌ = ولهُنَّ عندَ اللهِ من إدناءِ
وولجْنَ أبوابَ المعاهدِ رغبةً = بسُمُوِّ نفسٍ في مدارِ سناءِ
طوبى لكُنَّ ــ بناتِنا ــ إنَّ الغِنى = بتدبُّرِ التنزيلِ خيرُ ثراءِ
طوبى لَكُنَّ بشرعِنا وبما به = وبما لديهِ من الرُّؤى الحسناءِ
نِلْتُنَّ منه مكانةً عندَ الذي = وهبَ الثَّوابَ ، وزادَ في الإعطاءِ
للحافظاتِ الذِّكرَ في العُقبى يــدٌ = تُؤتي ثمارَ تلاوةٍ وثنــاءِ
والفخرُ في الدُّنيا وفي الأُخرى به = للقارئاتِ الآيَ والقُرَّاءِ
بشرى لَكُنَّ : بناتِنا نِلْتُنَّ ما = تهواهُ نفسُ المرءِ للعلياءِ
نورُ المصاحفِ زادُ أرواحٍ سمتْ = في عالَمِ الغيبِ القريبِ النَّائي !
وبه الهدايةُ والرعايةُ للفتاةِ ... = ... تجمَّلتْ بطهارةِ الأحنــاءِ
وبحُسْنِ خُلْقٍ لم يزلْ يسمو بها = فوقَ الهوى المذمومِ في الآراءِ
وبوعيِ عقلٍ ، وانفتاحِ بصيرةٍ = وسلوكِ مؤمنةٍ ، وذاتِ حيــاءِ
وجمالِ نفسٍ للهُدى توَّاقةٍ = وبثوبِ تقوى ، لابثوبِ شقاءِ
وبسيرةٍ محمودةٍ في أهلِها = تخلو من العثراتِ والإزراءِ (1)
أنتِ ابنةٌ ، وأخوكِ مثلُكِ في التُّقى = والأجرُ ــ عندَ اللهِ ــ للسُّعداءِ
ولكِ الحقوقُ كما أتى قرآنُنا = بنصوصِها ، والسُّنَّةِ الغرَّاءِ
مَنْ قالَ : حقُّكِ ناقصٌ في شرعِنا = فهو السَّفيهُ ، وصاحبُ السُّفهاءِ
والأجرُ للأُنثى كما هو حاصلٌ = للمتَّقي من سائرِ الأبناءِ
بوركتِ يابنتاهُ ، يا أُختاهُ يا = مجلى مآثرِ قومِكِ الأكفاءِ
وسموتِ يا أُمَّاهُ ياوجهَ الرِّضا = عندَ الإلهِ بأكرمِ الإنشاءِ
قد صانك الشَّرعُ الحنيفُ أثيرةً = تَحكي فضائلَ مريم العذراءِ
وسُمَيَّة اشتاقتْ لجنَّةِ ربِّها = فهفتْ كفاطمةٍ بلا إبطاءِ
وهنا بساتينُ الرِّضا لبناتِنا = قد أينعتْ بتفَوُّقٍ وسناءِ (2)
وبحفظِ قرآنٍ ، وصَونِ تَمَيُّزٍ = في عصرِنا المشحونِ بالإغراءِ
فالقابضاتُ على تعاليمِ الهدى = كالقابضاتِ الجمرَ في الرَّمضاءِ
والأجرُ ضاعفَه الكريمُ لكلِّ مَنْ = عاشتْ بنورِ اللـــهِ في الإدجاءِ (3)
ماضرَّهـا التَّيَّارُ يجرفُ غيرَهـا = بالغيِّ والشَّهواتِ والفحشاءِ
أو أسهرتْ في التَّقنياتِ عيونَها = للبثِّ جاءَ بأقذرِ الأسواءِ
صوني عفافَكِ بالكتابِ تلاوةً = وتدبُّرًا ــ أختاهُ ــ في الآناءِ
واستأنسي باللهِ في جوفِ الدُّجى = كالعابداتِ بلهفةٍ و دعاءِ
أنتِ الرجاءُ لجيلِنا الآتي فلا = تَنْسَيْ حضورَكِ في الغدِ الوضَّاءِ
أنتِ الرُّؤى ، والأمُّ يرجو فضلَها = مَنْ رامَ مجدّ تَفَوُّقِ العظماءِ
تُغني العلى آثارُ تربيةِ التي = عضَّتْ نواجذَها على الغرَّاءِ
إذْ في هُدَى سُننِ النبيِّ مسيرةٌ = مازاغَ حاديها عن العلياءِ
ورعايةُ الأبناءِ أمرٌ لم يزلْ = ترعاهُ شِرعةُ خالقِ الأبناءِ
والأُمُّ ركنُ الرُّشدِ إنْ ربَّتْ على = ماجاءَ في التَّنزيلِ لا الأهواءِ
تسقي بنيها الخُلْقَ بعدَ لبانِها = أصفى ــ كفطرتِه ــ كنورِ ذُكاءِ (4)
مالاثه كدرُ التَّفلُّتِ أو طوتْ = أنوارَ نشأتِهم يدُ الظلماءِ
إنَّ الحصانةَ للبنينَ على يديكِ ... = ... وقوَّةَ الإيمانِ في الصُّلحاءِ
لايُستهانُ بها إذا هي توَّجتْ = سِيرًا لهم في عالَمِ الأحياءِ
يتنافسُ السُّفهاءُ في صيدِ المُنى = من بحرِ سوءِ الخُلقِ والإيذاءِ
ويرون أنَّ العيشَ مَُْتعتُهم فلم = يرضوا بحكمِ الشِّرعةِ العصماءِ
تأبى انحطاطَ الخُلقِ أُمٌّ إنْ رأتْ = أكبادَها يُلقَون للضَّرَّاءِ
تعسَ الذين تنكَّروا لشريعةٍ = جاءتْ من الرحمنِ ذي الآلاءِ
تحيا بها القيمُ النَّفيسةُ : نهجُها = بسُمُوِّه اضطلعتْ ذواتُ وفاءِ
المؤمناتُ الطاهراتُ وهُنَّ مَنْ = أترعْنَ روحَ الجيلِ حُسنَ إياءِ (5)
لمَّـا اتَّقَيْنَ اللهَ حقَّ تُقاتِه = ونبذْنَ زيفَ تخرُّصِ الأعداءِ
إنَّ الحجابَ عُلُوُّ نفسٍ آثرتْ = قيمَ الهُدى فوق الهوى الغوغائي
تعسَ السُّفورُ فما أراه سوى يـدٍ = ملعونةٍ مُدَّتْ إلى الإغواءِ
ماكان إلا للبهائمِ فانْظُرَنْ = هل للبهائمِ من حِمىً و وِقاءِ
أرأيتَها قد أسدلتْ ثوبًا على = عوراتِها في الصُّبحِ والإمساءِ
فالسَّافراتُ أضلُّ من تلك البهائمِ ... = ... ويلهُنَّ سكِرْنَ بالخُيلاءِ
ومحجباتُ الأمةِ اخترْنَ التُّقى = رغمَ العداءِ السَّافرِ الأسماءِ :
رجعيَّةٌ وتحجُّرٌ وتأخُّرٌ = بئستْ دعاوى فرقةِ الجهلاءِ
إنَّ الحجابَ هو الكرامةُ شأنُه = شأنُ الشموخِ بقِمَّةِ الجوزاءِ
وبناتُنا المتحجباتُ عرفْنَ ما = ترمي إليه دعايةُ السُّفهاءِ
وعلمْنَ أنَّ الفحشَ ليس تقدُّمًا = والسمَّ ، جاءَ السمُّ في الإطراءِ
وهزئْنَ من دعوى السُّفورِ لأنها = دعوى لعينِ الخِسَّةِ العمياءِ
شتَّانَ بينَ الطُّهرِ جاءَ متوَّجًا = بمروءةٍ وبرفعةٍ وهناءِ
ورضًا من المولى ، وبينَ الفحشِ جاءَ ... = ... منكِّسًا رأسَ الفتى الغدَّاءِ
هاهم أرادوها زريبةَ عابثٍ = نذلٍ خلتْ من عِفَّةٍ وحياءِ
تأبى المروءةُ أن تعينَ أسافلا = أو تستجيبَ لهم لأيِّ نداءِ
باؤوا بأمراضٍ تنغِّصُ عيشَهم = وهووا بغيهبِ حسرةٍ وعفاءِ (6)
إنَّ الحنيفَ اختارَه الباري ، فمِنْ = آفاقِِه ما كانَ من أصداءِ
الأمنُ والإيمانُ والفتحُ الذي = ملأَ الوجودَ برحمةٍ و إخاءِ
واليومَ صوتُ الأمُّ يحدو مشفقًا = ليُعيدَ بالقرآنِ خيرَ رجاءِ
فلأهلِه الأبرارِ سابقُ حِكمةٍ = لِعُلُوِّ أهلِ الملَّةِ السَّمحاءِ
منه استقينَ النُّورَ والبشرى على = نهجِ الكرامِ الصِّيدِ والأُمناءِ
بالوُدِّ والأخلاقِ والقيمِ التي = لمَّـا تزلْ في أهلِها السُّمحاءِ
وهنا بناتُ النشأةِ المثلى وقد = نِلْنَ التَّفوُّقَ باليدِ البيضاءِ
طوبى لَهُنَّ الفوزُ بالأغلى وهل = أغلى من القرآنِ في السيماءِ (7)
ياربِّ باركْهُنَّ في ظلِّ الهدى = ياربِّ واحفظْهُنَّ بالغرَّاءِ