إلى روح الفقيد الشاب عبدالله بن عبدالمحسن بن عبدالله الجار الله الخرافي
يرحمه الله
المؤثَرَانِ : الصَّبرُ والإيمانُ = والوعدُ : أنزلَ وحيَه الرحمنُ
فهما الحِمى للنفسِ من لأوائِها = إن هاجت الضَّرَّاءُ والأحزانُ
لهما الثِّمارُ اليانعاتُ بجنَّةٍ = يُزجي أطايبَ قطفِها الشُّكرانُ
والخلدُ في دار النَّعيمِ كرامةٌ = سينالُها مَنْ شُغْلُهُ القرآنُ
إنَّ النَّوازلَ للتُّقاةِ رسالةٌ = يُنفَى بنَفحَةِ شذوِها الخسرانُ
فالصَّبرُ يمنحُهم أكاليلَ الرضا = ويقينُهُم ــ رغمَ الأسى ــ يزدانُ
قد غابَ عبدُاللهِ عن دنيا الورى = ومضى يزفُّ شبابَه الرضوانُ
عاشَ الهدايةَ في الليالي شأنُه = فيها الخِصالُ البيضُ والإحسانُ
قد عاشَ سهلا ليِّنًـا ذا عِفَّةٍ = وخُطاه بينَ المعوزين حنانُ
لم ينسَ أهلَ الفقرِ في حاجاتِهم = فالجودُ بينَ صفاتِه عنوانُ
قد عاشَ عبدُاللهِ والقيمِ انجلتْ = في وجهِه حيثُ السَّنا الهتَّانُ
باللطفِ والأُنسِ الجميلِ ، وعنه إذْ = عن قلبِه تتحدَّثُ الأجفانُ
مارابَ مَن عرفوهُ عنه سجيَّةً = فخصالُه : الإيثارُ لا البطلانُ
في سيرةٍ محمودةٍ مالاكهـا = بالموبقاتِ الزَّيغُ والشَّيطانُ
فالباقياتُ الصَّالحاتُ : فصولُها = تحكي هُداهُ ، ويشهدُ الأقرانُ
فكأنَّه عافَ الحياةَ ، وشدَّه = حُلْوُ الصدى قد أرسلَتْهُ جِنانُ
عرفَ الحقيقةَ فاجتلى آفاقَها = ففؤادُه بجلالِها جذلانُ
والخلدُ في الجنَّاتِ في ميزانِه = رغمَ الهوى الطاغي : له رجحانُ
ماغرَّه عيشٌ يزولُ نعيمُه = أو جرَّه زيفٌ له خِلاَّنُ
ناداهُ ربُّ العرشِ فاستحلى النِّدا = وهفا يُثيرُ اليقظةَ الإيقانُ
قد ذاقَ طعمَ الفوزِ في مجلى النَّدى = والَّلهُ ــ جلَّ جلالُه ــ الرحمنُ
لم يحرم الأبرارَ ممَّـا قد بنى = فالبيتُ بيتُ الحمدٍ ليس يُشانُ
هو للتُّقاةِ الصَّابرين إذا دهى = خطبٌ تشيبُ لهولِه الولدانُ
فالحمدُ للهِ الذي آلاؤُه = ليستْ تُعَدُّ وما بها نقصانُ
والحمدُ ثمَّ الحمدُ يبقى دائمًـا = للصَّالحين ، وبالرضا يزدانُ
فلقد حباه اللهُ بالمُثُلِ التي = من أهلِها الفضلاءُ والأعيانُ
حيثُ التسامحُ والمودةُ والإخا = وبشاشةٌ ، فهو الفتى المعوانُ
أغنى منابتَ رفعةٍ معهودةٍ = في أهلِه ماشانَها نكرانُ
آلَ الخرافي والمآثرُ جَمَّةٌ = والسؤدُدُ المشهودُ والعرفانُ
أهل التُّقى وبنو الهدى مافرَّطوا = في حقِّ أنفسِهم ، وهذا الشَّانُ
خدموا العبادَ بما حباهم ربُّهم = وإلى المنابعِ يُسرعُ الظمآنُ
ومكانُهم في المجدِ قِمَّةث موئلٍ = تأوي لباحةِ عزِّه الفرسانُ
مَن أكرمَ الرحمنُ شأنَ حياتِه = فحياتُه للمعوزين مكانُ
مهلا أيا أهلِ الفقيدِ فإنَّكم = صُبُرٌ إذا مالاحت الأكفانُ
فالموتُ حقٌّ ، والمصيبةُ محنةٌ = وبها يفوزُ الصَّابرُ الإنسانُ
ومَن ابتغى يومَ الحسابِ ثوابها = فالبيتُ بيتُ الحمدٍ والسِّلوانُ
حيثُ القصورُ بجنَّةٍ فوَّاحةٍ = بالأُنسِ ، والأفياءُ والأفنانُ
وهي الخيامُ وليس يُحصَى وصفُها = ونسائمُ الرحماتِ والولدانُ
ومجالسُ الخلدِ الظليلةٍ بالمنى = والحورُ والأعنابُ والرُّمَّانُ
دعها ، فوصفُك للمنازلِ قاصرٌ = فبها النعيمُ ، وللنَّعيمِ بيانُ ...
بشراكُمُ آلَ الخرافي إنَّها = جنَّاتُ عدنٍ غيدُهُنَّ حِسانُ
والجودُ من ربِّ الورى لم يحصِه = عقلٌ ولا علمتْ به الأزمانُ
فالروحُ والريحانُ في أكنافِها = والبِـرُّ فاضَ ، ومثلُه التَّحنانُ
ياأُمَّ عبدِاللهِ فزتِ بجنَّةٍ = فالصَّبرُ فيه سكينةٌ و أمانُ
من قبلِكِ العُصُرُ القديمةُ خلَّدتْ = مَن شأنُهُنَّ الصَّبرُ والإيمانُ
خنساؤُنا وسميَّةٌ ونساءُ مَن = سادوا البريَّةَ كلَّها ماهانوا
كُنَّ المِثالَ العذبَ إنْ حلَّ الأسى = أو هاجت الآلامُ والأشجانُ
عيشي كما أمرَ الإلهُ ، وأبشري = فالوعدُ حـقٌّ ، والرضـا فينانُ
ياربِّ فارحمْ مَن مضى والطفْ بمَن = عاشوا ، وقلبُ حنانِهم حرَّانُ
واجعلْ لهم فَرَجًـا إذا مادلهمتْ = سُحُبُ العنا ، أو أرعدَ الفتَّانُ !
فبكَ الرجاءُ ، وأنتَ خيرُ مؤمَّلٍ = إن ضاقَ بالكرْبِ الثَّقيلِ مكانُ