ركب الشهداء

أبو المعتصم بالله النتشة

clip_image002_474de.jpg

في بلادي ..

تشرق الشمس بألوان الأماني والمنايا

والرزايا والضحايا.

ترسل النور نشيجا ونشيدا

 وغناءً .. وبكاء.

يتخفى الصبح في ثوب الحدادْ

ويطل النور ظلا في بريق الشهداء.

ودموعِ .. وضلوعٍ منهكات

عاث فيها ألف داءْ.

*****

في بلادي.. يولد الولدان شيبا

يلقمون العيش

شوكا ونحيبا..

وحرابا وترابا وحليبا.

حينما يأتي الصباحْ

يحمل الطفل الحقيبهْ

أمه تستنهض القلب الذي يخشى الدواهِي أن تصيبهْ.

ترسل الدمْعات .. تستجدي السماءْ.

ثم يمضي  ليس يدري

هل يعودْ

أيّ غدر أي مكرٍ..

 سوف يلقى من أحابيل القرودْ

وضلوع الأم جمرٌ

لم تزلْ ترجو  اللقاء.

*****

في بلادي

يولد الطفل أجيرا

حاملا فأسا ومنجلْ

 وينادي مستجيرا

من يريدْ

ساعيا في المهدِ يعملْ

ساعيا في المهد يحرثْ

ساعيا في المهد يعتِلْ

ويرجّي أن يعودْ

للظَلامات الثلاثْة.

لا ظَلامات اللحودْ

حيث كان العمْر عمراً

لاهباءً.. لا شقاءْ.

لا دماءً أهرقتْ

محض افتراءْ

فأنا ما زلت أصبو للقاءْ.

******

 حينما يأتي الأصيلْ

 ينشق الفلاّح أنسام النخيلْ.

عصْرَ يوم قد تولّى

ثم يمضي قافلا .

هامساً في ظل غصن قد تدلّى

من حقول الزيزفونْ 

لست أدري

في غدٍ ماذا يكونْ.

هل تراني سأعودْ؟!

 فعلى السفح سجون وجنونْ

 وعيون  تتربصْ

ترتجي ريب المنونْ

غير أني  لم أزل أرجو اللقاءْ

*****

في بلادي ..

 يولد السلطان سلطاناً مهيبا

وله العرش المفدّى والنشيدْ

وذُرا المجد التليدْ

تنحني الهاماتُ

والقامات  شباناً وشيبا

ترتجي العمر المديدْ

ليس يشجيه جراح أو نواح

أو بكاء لوليدٍ أو قعيدٍ

أو دماءٌ لشهيدْ

ماله في الخلق شانْ!

وله طيب الأماني والأمانْ

والحواشي والمواشي

وله العيش الرغيدْ

*****

حينما يأتي المساءْ.

إذْ يروح القوم من دفن الضحايا..

يسكبون الدمع قهرا وحنينا

وتغيب الشمس فينا

حيث فينا

ألف جرحٍ ٍ.. ألف قرحٍ

غير أنا ما عيينا أو نُعينا

أو غفرنا .. أو نسينا

لم نزل نهوى الضياءْ

لم نزل نرجو اللقاءْ

 ونلبي ما حيينا

 كلما نادى النداءْ.

فامضِ ركبَ الشهداءْ

واستمع داع السماءْ:

إنّ بعد العسر يسرا

إنّ بعد الليل فجرا

إنّ لله قضاءً

فاحمدنْ خيرا وشرا

إن أمر الله آتٍ

فارتقب وعد السماءْ.

وامض ركب الشهداءْ

وسوم: العدد649