أ ليلٌ قضى ما قد مضى ؟ أم قضى الفجرُ ؟ = بصبحٍ على أشلائِهِ الّليلُ يجترُّ
ومَهلَكُ عُمرٍ بينَ ليلٍ وظلمةٍ = به سنواتُ العمرِ قد عافها الذكرُ
عظيمٌ لهُ الدنيا رقابا تُميلُها = وأحقرُ ما فيها بأنْ يُهزمَ الحرُّ
كأنَّ النفوسَ الشامخاتِ جهالةً = نجومٌ على الأمواهِ قد هزّها الصخرُ
وأنَّ علوَّ المجدِ يدركُهُ الّذي = حوى صِغَرا عِلْما وما خانهُ الشرُّ
وسيفٌ بغمدِ الذلِّ يرقُدُ سالما = وتحملُهُ الحيطانُ لا الكفُّ والفخرُ
لَقبرٌ به الموتُ الذليلُ مكانُهُ = وما ميّتٌ بالعزِّ مَنْ ضمَّهُ القبرُ
وينخُرُ نصلَ السيفِ ذُلُّ سُباتِهِ = ويصقُلُهُ سيلُ الدما والعُلا الوعرُ
وخيلٌ نواصيها بخيرٍ تعاقدت = تراها بسوحِ السبقِ يأسُرُها القهرُ
فوارسُها ماتتْ فصارت ظهورُها = بغيرِ الزنودِ السّمرِ يُنكرها النصرُ
ترفّعَ في ظلِّ السيوفِ غبارُها = وَصَولتُها الإقدامُ والكرُّ لا الفرُّ
يُلامسُ ضوءَ الشمسِ من صانَ وُدَّها = ويُسعفُهُ ليلا بأنوارهِ البدرُ
على مضضٍ تغفو الشعوبُ بذلِّها = وتحيا شعوبٌ عزّةً مالها عُمْرُ
إذا الشعبُ لمْ يوقِظْ جماحَ طموحِهِ = ويلقي رداءَ الذلِّ أو يُسقِهِ الصّبرُ
ذليلا يَعِشْ يغزوهُ في عُقرِ دارهِ = عدوٌّ و للأوغاد في حكمهِ أمرُ
زمانٌ يعمُّ الشرُّ كلَّ شهورِهِ = ونحنُ به الأشرارُ لا الزمنُ الشرُّ
نلومُ زمانا نحنُ فيهِ فسادُهُ = و أيّامُهُ ثكلى بنا ثُكِلَ الخيرُ
سمعتُ نِداها من بعيدٍ فراعني = لهيبُ دموعٍ والعيونُ بها جمرُ
ويحملُ كفّاها رضيعا ينامُ في = مضاجعهِ المجهولُ والموتُ والفقرُ
ووحشُ الرّدى يصطادُهم في بلادهم = مخالبُهُ التشريدُ والخوفُ والبحرُ
لقد سَمِعَ الصخرُ الصموتُ نداءَهمْ = ونحنُ على أسماعِنا يرقُدُ الصخرُ
بلادٌ يموتُ الأهلُ فيها مجاعةٌ = تُحاصرُهمُ ريحٌ و يلفحُهمْ صِرُّ