مَواكِبُ النُّور
يا فَجرَ حُلم ٍ كَساهُ النُورَ مِنْ عَجَبِ أنتِ الحَياةُ فخُوضِي النَّارَ والْتَهِبي
على شِفاهِكِ نامَتْ ألفُ أغنيةٍ وَفي عُيُونِكِ نامَتْ روحُ مُغتَربِ
كُلُّ الخيالاتِ تاهَتْ في مُنَى أمَلٍ ذابَ الفؤادُ هَوًى في حُسْنِكِ العَذِبِ
مِنْ وَحْيِ عَيْنَيْكِ سِحرٌ صرتُ أنشِدُهُ فأغنياتي غَدَتْ فجرًا لِمُرتَقِبِ
مِن ضوءِ خَدَّيْكِ ذُقتُ الحُبَّ مُغتَرِبًا ما أرْوَعَ السِّحرَ في عينيكِ والهُدُبِ
يا أختَ دربي فهذا الليلُ يُؤلِمُني طالَ السُّهادُ وَوَجْهُ الظلم ِ لم يَغِبِ
يا أختَ دربي شعارُ الحقِّ غايتُنا فما لنا ننحَني للظالم ِ الغضِبِ
لم أنحنِ فأنا بالشَّمس ِ مُقتَرِنٌ لا أحفلِ الرِّيحَ إنْ هَبَّتْ على لَهَبي
في العالمِ الرَّحبِ آمالٌ تُراوِدُني كي آخذ َ الحقَّ مِن أنيابِ مُغتَصِبِ
كي أنقِذ الحُبَّ مِن أقذارِ مُضطَهِدٍ كي أشعِلَ النّورَ مِلء الأفقِ والسُّحُبِ
وأنتِ في قمَّةِ الأحلام ِ يُرعِبُكِ غَدٌ عَصِيبٌ فتَهتزِّينَ في رُعُبِ
تمُرُّ أيَّامُكِ السَّكرى فيتبَعُهَا في ظلمةِ الليلِ آلامٌ مِنَ الوَصَبِ
وَيأخُذ ُ اليأسُ مِنْكِ الجسمَ رَوْنَقَهُ تتيهُ روحُكِ في كونٍ مِنَ الكَرَبِ
يا للشَّبابِ المُفَدَّى كيفَ ضاعَ سُدًى أينَ النّضارة ُ قد زالتْ مَع ِ التَّعَبِ
لا تيأسِي بل فكوني في الدُّجَى قدَرًا رغمَ المآسِي يُنيرُ الدَّربَ بالشُّهُبِ
لا تيأسِي إنَّ هذا الكونَ مُحتقرٌ بكلِّ ما فيهِ من طينٍ وَمِنْ عُشُبِ
يومٌ نذوقُ لظى الحِرمانِ في ألم ٍ .. وَكم بُكاءٍ على الأوطانِ والقُرُبِ
طالَ البُعادُ وَوَرْدُ الحُبِّ تشنقُهُ أيدي الطغاةِ، وَعينُ الحقِّ في سَكبِ
نبكي نجيعا وأحزانا ... يُؤجِّجُهَا مُستعمرونَ هنا، والحَقُّ في حُجُبِ
أوطاننا انتَكَبَتْ صارت مُجَزَّأة والشُّرقُ ينزفُ من دمع ٍ ومن لهَبِ
فالرَّبُّ غَابَ عَنِ الأوطانِ مُذ زَمَنٍ تجري المآسي وشمسُ الحقِّ في غُرُبِ
والكونُ في نومِهِ مُسْتَغرِقٌ ثمِلٌ كم يلتَهِي في الدُّجَى بالغيدِ والطَّرَبِ
والكونُ ما هَزَّهُ ظلمٌ ولا هَزَّهُ صوتُ الضَحايا وَأطلالُ الحِمَى الخَرِبِ
طالَ الخُضوعُ وطالَ النَّومُ فانْتَحِبِ تَثلَّمَ السَّيبفُ قد لانَتْ قنا العُرُبِ
جلَّ المَصَابُ وَهاجَ القلبُ مُضطرِمًا يا للفِدائيِّ رغم الهَولِ لم يَهَبِ
يَهْوَى الحياة كريمًا في سَمَا وَطنٍ يذودُ عنها بعزم ٍ ثابتٍ وأبي
يَهْوى الحياةَ فلا تشريدَ لا قيدَ لا اسْتِعْمَارَ وَهْوَ كمثلِ الصَّخر للنُّوَبِ
في ليلِ مَأساتِهِ قد هَزَهُ أملٌ حُلمُ البعيدِ سيبقى حُلمَ مُلتَهِبِ
رُغمَ القيودِ يَخُوضُ الموتَ مُمتطيًا ثوبَ الدَّياجي وقلبًا غيرَ مُضطَرِبِ
هذا الفدائيُّ ما لانتْ عزيمتُهُ يظلُّ رمزَ صُمودٍ ..غير مُنسحِبِ
يا للأباةِ وَعينُ العُربِ سَاهيَةٌ أينَ النّضالُ وذاكَ الجَمعُ في صَخَبِ
إنَّ العَدُوَّ وَجَمعَ الغربِ مُحتلِفٌ كم رَوَّعُوا الشِّرقَ في غدر وفي كذبِ
مُآمَرَاتٌ لَهُمْ ندري نماذِجَهَا بانَتْ مآرِبُهُمْ للبُعْدِ والقُرُبِ
فأينَ مِن وَحْدَةٍ للعُربِ قاطبَة ً تجتَثُّ ما يبتني الطّغيانُ في غُرُبِ
فتُشرقُ الشَّمسُ والأوطانُ تجمَعُنا شَمسَ التَّحَرُّر فاذكي الشَّرْقَ مِن لَهَبِ
فلْتَسْمَعُوا عن شُعوبٍ هَزّهَا جَلَلٌ تصبُو النفوسُ إلى يُنْبُوعِهَا العَذِبِ
فما اسْتكانَتْ لِصَوتِ الظّلم ِ آفاقُهَا بل أمطرُوا الغدرَ طعمَ الذلَّ والعَطَبِ
إنَّ النّضالَ هُو الإيمانُ يجمَعُهُمْ لم يعرفُوا غيرَ نَيْلِ الحقِّ مِن طلَبِ
يا أمَّةَ َ العُربِ أينَ العَزمَ فامْتَشِقي عَزمَ المَطارقِ ..بل سيرِي معِ الرَّكبِ
مواكبِ النُّور في أرضِ الفِدَا حَقَّقَتْ مَعنى العدالةِ رغمَ الحِقدِ والغَضَبِ
مواكبُ النورِ في أوطانِهَا احْتَشَدَتْ تبني لِفَجر، وَصَرحُ الظّلم ِ في عَجَبِ
لا تُؤمني بِيَدِ الأوغادِ مَبْعَثُنَا بل تنَحنُ فجرٌ مَدَى الأيَّام ِ والحِقَبِ
يا راياتي حَلِّقي فوقَ السُّهَى أملاً فوقَ الدِّيار ِ فداكِ الشَّعبِ وانْتَصِبِ
وسوم: العدد 658