يا مصرُ ، كيف حُدِرتِ في السفَل الذي = صرتِ إليه ، وكنت في العلياءِ ؟!
كنتِ الأميرة ، والجميع لطاعةٍ = والآن أمرك في يد الأعداء
كنت العُقاب محلقاً ، لا ينتهي = أبداً يروم منابع الأضواء
الكل يرجو من ودادك نسمةً = ويرى رضاك له نفيس رجاء
فإذا رضيت أقام عرساً حافلاً = وإذا سخطت أقام بيت عزاء
كنت العروبةَ ، إن رنتْ نحو السما = طلعت نجوم العز في خيلاء
لمت شتيت العُرب خلف لوائها = فقلوبهم موصولة بإخاء
كنتِ الثقافة ، نهرها متدفق = يسقي الظماء بسائر الأنحاء
وُيشيع نورَ الفكر وهاج السنا = تنجاب عنه سحائب الجهْلاء
يا مصر ، ماذا عراك ؟! حالٌ مُنكَرٌ = ألا تُري في القمة الشماء
قومي على عجلٍ ! مكانك مقفر = لا تهجريه لمدعٍ ومراءِ !
لك من قواك الخافيات ذخيرةٌ = لو حُررت لغدوت في الجوزاء
أنت الكنانة ، هل نسيتِ ؟! حقيقةٌ = فلتحْمِها بإرادة الشرفاء !
لك من بنيك المخلصين كتائب = تعلي مقامك في رفيع بناء
أما الأراذل فاحذريهم ، إنهم = شر البلاء ، وأفتك الأدواء
يا مصر ، أنت عظيمة ، فلتنهضي ! = إن النهوض خليقة العظماء
تكبو الخيول على الدروب وإن تكن = تلك الدروب سويةً لعِداء
لكنها تمضي إلى غاياتها = مهما استبدت قسوة الوعثاء
مصر العروبة دائماً مرقوبة = محسودة من أعين الأعداء
فلتمضِ صوب مرامها في وثبة = تسفي العوائق سفي بعض هباء !