بلا أثَر

هم يكتبونَ الأمرْ

لا يَعبرونَ النّهـرْ

مَن يُهد روحي غِمرْ  

مِن بارِقاتِ الصَّبرْ

أمنَحهُ سِرَّ السِّرْ    

سِرًا وعُذرَ العُذرْ

لا صبرَ لا مَوّالْ /// لن يعشَقَ الأطفالْ /// يومًا سلالَ الجوعْ

وإذًا.. فإنّ اللّيلَةَ الشّمطاءَ لم تَرحَل،

ولم تَحبَل غيومُ الصّمت بالمأمولِ مِن صَيفٍ يُشارِكُنا ظَمانا...

فاكتَسَينا خِبرَةَ الأحوالِ، والتّجوالِ في صَمتِ السّرايا والقَرايا..

فالعيونُ السّودُ لم تُكرِم سِوانا حينَما كانَ الحَديثُ عنِ المَذابِحِ في القَمَر..

***

هم يَنثُرونَ الزّهرْ

كي يَستَحي السّهَرُ

لو لم أكُن في البِئر

هل زارَني القَمَرُ؟

عُذرًا قميصَ الطّهرْ

يا ذِئبُ ما الخَبَرُ؟

لا طُهرَ بالغَبَقِ /// صَدِّق، ولا تَثِقِ /// وانشُدْ طَريقَ رُجوعْ

وإذًا.. لماذا يقشَعِرُّ الشَّطُّ لمّا ينتَحي شَفَقي، وعنّي اللافِتاتُ تُشيحُ...

يُؤلمُني بأن تُسبى مِنَ الأرحامِ أمنِيَتي ليَسرِقَني نَهارٌ حوصِرَت خُطُواتُهُ...

فغَدا مقامي فيه موّالًا بلا نَغَمٍ،

ظِلُّ الحديث عن المسيرِ بلا أثَر.

***

هم يعشقونَ السّحرْ

كي يَستَفيق العُذرْ

لو يرتَضيني المُرّ

لا ما نَفاني القَفرْ

دُر يا زَماني دُرْ

عالِج دَمي بالقَهرْ

يا لوعَةَ الأشواقْ /// في لَعنَةِ الإشفاقْ /// حتى الزّمانُ يجوعْ

وإذًا... لماذا تَرتَجي كلُّ البداياتِ احتفالًا... والزّحامُ هو الزّحامُ؟

تَرى هُروبًا للصراعِ مِنَ الصِّراعِ...

قُرًى تطيعُ ضَجيجَها وعَجيجَها... وتلوذُ بالصّخَبِ المُرَنّحِ

في أعالي النّشوَةِ المُزجاةِ... يَفقِدُكَ التَّساؤُلُ ..

حيثُ لا يُرضيكَ من ثَمَرِ المنافي غيرُ موّال القَدَرْ.

***

هم يملِكونَ النّورْ

خُذني إذًا يا بَحرْ

كلّ المواني سورْ

كلُّ البقايا جَمرْ

يا ذِكرَنا المغمورْ

هل يَكتَسيكَ الحُرّ؟

لا عُمرَ للأعذارْ /// لا وزنَ للآمالْ /// يا بَحرُ لستَ رِبيعْ

وإذًا... لماذا تَخرُجُ الأوقاتُ مِن أوقاتِها...

تستَقبِلُ الأحلامُ أصواتًا خَبَت... لا كالتي ترجو مَحابِرَها ...

سُدًى وَقَفَت على حَرفٍ عَناصِرُها..

وشَقَّ اللّيلُ صَدرَ الليلِ، والشُّرُفاتُ تستَبِقُ الجِهاتِ ...

وتَحتَسي عَبَقَ التّباعُدِ في سَديمِ الوَعدِ ...

تَرميني إلى لُغَةٍ كَساها الرّملُ غَضبَتَهُ، وأمعَنَ بالسّفَر.

***

مَن كانَ ذاكَ النّهرْ؟

ولِما ببالي مَرّ

أبِنا مضى؟ أم قَرّ؟

ماذا علينا جَرْ؟

حُلمُ الغَبي والغَرْ

يا عُمرُ لا تَغتَرْ..

في سِرّنا الأعمَقْ /// إنسانُنا يَغرَقْ /// تُقنا لِصوتِ خُشوعْ

وإذًا... لماذا لا تُرى أصواتُنا تبكي وتَضحَكُ...

والرّذاذُ مضى بَعيدًا... والزّحامُ نأى بنا عن جِلدِنا...

تُهنا.. تَشَرذَمنا.. تَحَزَّبنا.. تَعَصَّبنا.. تقاتَلنا... تَقَتَّلنا...

فما أبقى الهوانُ بنا .. لنا..؟!

وسوم: العدد 667